لجوء بعض الكتل السياسية الى خيار المعارضة ..محاولة لاسقاط الحكومة ام لتصحيح مسارها ؟

    عدوية الهلالي..

    أصدر تيارالحكمة الوطني في السادس عشر من الشهر الحالي بيانا أعلن فيه عن تبينه لخيار المعارضة السياسية الدستورية الوطنية البناءة والالتزام الكامل بهذا الخيار التياري ومايقتضيه ومايستلزمه من دور واداء ومواقف على الصعيد الوطني – كما ورد في البيان – كما لحقت كتلة النصر بركب الحكمة بينما نأت بقية الكتل بنفسها عن هذا الخيار ، فهل ستجدي المعارضة بصورتها الحالية نفعا وهل تبغي الكتل المعترضة الحصول على مناصب تعتبرها استحقاقا لها ام اختارت المعارضة لتصحيح مسار الحكومة ؟

    تساؤلات وتوقعات

    يتساءل الخبير الامني سعيد الجياشي فيما اذا كانت المعارضة قد جاءت لتشكيل قوى معارضة من أجل تقويم النظام السياسي والدستوري وخلق معادلة سياسية ديمقراطية جديدة فيها ، واذا كانت المعارضة لاجل اسقاط الحكومة ستكون الاهداف واحدة في التحاصص والنتيجة الا يكون هنالك اصلاح .

    ويتوقع الاكاديمي الدكتور حيدر البرزنجي ان تلتحق بعض الكتل والتيارات بتيار الحكمة في وقت قريب بشكل معارضة فاعلة في البرلمان العراقي وهو الامر المفصلي والجوهري في تصحيح المسار ان تم وفق ماهو مرسوم ومخطط له بحيث لايتم استغلال الامر من قبل بعض الكتل والتيارات .

    بينما يرى مدير المركز العراقي للتنمية الاعلامية الدكتور عدنان السراج ان من الممكن وضع نظام لعمل معارضة بناءة من بعض الكتل قبل ان تتحول الى تسقيط سياسي لكن المشكلة تكمن في الزعامات داخل المعارضة اذ ستكون حجر عثرة لنمو معارضة واقعية وذات بعد تاثيري على الواقع السياسي العراقي بسبب اختلاف الرؤى والتوجهات لمستقبل العراق وايضا نظرتها للجكومة القائمة .

    ويؤكد السراج على ان المعارضة الحقيقية هي التي تراقب وتتفق على الصالح والمفيد فتعضده وتعترض على الطالح فتفنده وتضع رؤيتها وتستعمل قوتها التشريعية لتصحيح المسارات وتتخذ مواقف من البرامج التي تراها ليست لمصلحة الشعب متساءلا ان كان بامكان المعارضين اعطاء رأي واحد لموضوع واحد ام ستتعدد المواقف داخل المعارضة نفسها وهنا قد نرى معارضة داخل معارضة !!

    عودة الى المحاصصة

    من جهته ، يرى الكاتب والاعلامي واثق الجابري ان ذهاب تيار الحكمة للمعارضة سيعقبه التحاق كتل النصر والقانون واتحاد القوى به ومنهم من سيفكر في المعارضة التي تسقط الحكومة وهذا يعني تفكك تحالفي الاصلاح والبناء وهو مايخالف طروحات الحكيم التي تسعى لتقوية التحالفين كل على انفراد ليكونا متنافسين لتقويم العملية السياسية والتخلص من المحاصصة الطائفية مشيرا الى ان من الممكن ان يكون الحكيم معارضا لكنه لن يقبل ان تعود القوى الى مربع المحاصصة وربما سيذهب للبحث عن تحالفات جديدة والا ستتشظى القوى السياسية وتنقسم وتتقوقع على مصالحها الآنية حتى لو أضر ذلك بالبلد والعملية السياسية برمتها .

    اما رئيس تحرير جريدة الدستور العراقية باسم الشيخ فيرى ان حكومة عادل عبد المهدي تواجه مصاعبا جمة بوجود شركاء لم يتفقوا على استكمال كابينته الوزارية ليدخلوه سريعا في خانة حرب الوظائف بالوكالة ، فضلا عن وجود قوى سياسية ممتعضة لشعورها بالاقصاء ماادى الى تشكيلها قوة معارضة تسعى ضمنا للاطاحة بالحكومة ، ومايزيد من أزمة الحكومة رسالة عدم الرضا من قبل المرجعية والخشية من النقمة الشعبية مقابل غياب المنجز او الحلول لازمة الخدمات المستعرة .

    من جانبه ، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي اياد السماوي ان تيار الحكمة لازال بعيدا عن فهم معنى المعارضة السياسية وكيف تتشّكل هذه المعارضة وماعلاقتها بالحكومة فالمعارضة السياسية هي مجموعة أحزاب خارج الحكومة يجمعها برنامج مختلف تماما عن برنامج الحكومة وهذه الأحزاب تسعى لإسقاط الحكومة والحلول محلّها .. وهذا الهدف لا يتّحقق إلا من خلال تحقيق الأغلبية السياسية..
    وفي كل الديمقراطيات في العالم هنالك أغلبية سياسية تشّكل الحكومة وأقلّية تشّكل المعارضة السياسية .

    والغريب أنّ تيّار الحكمة الوطني يتصوّر أنّ عدم مشاركته في الحكومة الحالية قد جعل منه معارضة سياسية بينما هو نأي بالنفس عن الأخطاء التي ترتكبها الحكومة ليس إلا ,فإذا ما أراد السيد الحكيم تشكيل نواة معارضة سياسية حقيقة فهذا يتطلّب جملة أمورمنها إقناع عدد من الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية بترك الحكومة والتوّجه للمعارضة وأن يكون لهذه الأحزاب برنامجا مختلفا تماما عن برنامج الحكومة ومنهجها وان يكون هدف هذه الأحزاب المعارضة هو إسقاط الحكومة والحلول محلّها وان تتبّنى هذه الأحزاب مبدأ الأغلبية السياسية في الحكم الذي هو جوهر النظام الديمقراطي مع التخلّي تماما عن مبدأ المحاصصات الذي سارت عليه العملية السياسية القائمة والسعي لتغيير الدستور وانتخاب رئيس الحكومة بشكل مباشر .

    بينما يرى الكاتب والسياسي محمد عبد الجبار الشبوط ان خلطا جرى في العراق بين الديمقراطية التمثيلية العددية، والديمقراطية التوافقية وبشكل عشوائي انتج ما عرف بالمحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية على اساس الاستحقاق الانتخابي..

    وكان من اسباب هذا الخلط العشوائي عدم فهم الديمقراطية بشكل صحيح وغياب الثقة المتبادلة بين اطراف العملية السياسية. وربما كان السبب الاساسي هو طمع الجميع بمكاسب المناصب التنفيذية ويبدو ان بعض الاحزاب ادركت خطأ ذلك الان وهو ادراك متأخر بطبيعة الحال وهذا التحول ان صحت اخباره فقد يكون بداية لشيء صحيح او سليم في الحياة السياسية العراقية على الا يكون ادراكا انتهازيا. ويمكن ان تطور المعارضة عملها – حسب الشبوط- بتشكيل مكاتب مراقبة ومحاسبة مناظرة للحقائب الوزارية.

    ففي بريطانيا يسمون هذه الالية بحكومة الظل. ويتعين على القوى السياسية التي تفكر بالانتقال الى المعارضة ان تعرف ان المعارضة ليست مجرد بيان، وانما يفترض ان يكون خطوة نحو اعادة هندسة بناء الدولة من خلال فصل المسار السياسي عن المسار التنفيذي وعدم تطبيق قاعدة الاستحقاق الانتخابي على مناصب الدولة من وكيل وزارة فما دون واعتماد معيار الكفاءة والنزاهة بدل معيار الانتماء والولاء في تولي الوظائف العامة.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة