وقال المواطن عبد الحسين جواد من ناحية أم قصر الساحلية في حديث صحفي، إن “الناحية تواجه رغم قربها الشديد من البحر نقصاً حاداً في توفر المياه”، مبيناً أن “ما يضاعف من معاناة الأهالي جراء شح المياه هو إرتفاع درجات الحرارة وتدهور قطاع الكهرباء”.
بدوره، قال المواطن عبد الرزاق أحمد من قضاء أبي الخصيب ، إن “المياه التي تضخ الى مناطق القضاء عبر شبكات الإسالة لم تعد متوفرة باستمرار”، موضحاً أن “المياه أصبحت في الآونة الأخيرة تنقطع لساعات طويلة، وأحياناً لا تعود إلا بعد منتصف الليل، ومن ثم تقطع مع حلول الفجر، وهي كعادتها مياه ملوثة”.
من جانبه، قال مدير دائرة الماء في البصرة خالد جمعة في حديث ، إن “الأزمة ناجمة عن حدوث إنخفاض حاد في كميات المياه الواصلة عبر قناة البدعة التي تعد المصدر الوحيد للمياه العذبة في المحافظة”، مضيفاً أن “من أكثر المناطق تأثراً بنقص المياه هي قضاء أبي الخصيب وناحية أم قصر وقضاء الفاو وناحية سفوان”.
ولفت جمعة الى أن “الدائرة أصبحت مرغمة على عدم تشغيل محطات ضخ المياه باستمرار لعدم توفر كميات كافية”، معتبراً أن “مديرية الموارد المائية تدخلت وبذلت ما بوسعها في سبيل التخفيف من الأزمة، لكن الحل يتطلب من وزارة الموارد المائية الإسراع بتشغيل المضخات الضخمة التي نصبتها حديثاً في نهر الغراف”.
وتابع مدير دائرة الماء أن “المضخات الجديدة تبلغ قدرة كل واحدة منها نحو 12 ألف متر مكعب في الساعة، وبالتالي فإن تشغيلها سوف يضمن للبصرة الحصول على حصتها من المياه العذبة عبر قناة البدعة”.
يشار إلى أن محافظة البصرة التي يقطعها شط العرب من شمالها الى أقصى جنوبها لم تعد مياهه منذ عام 2007 صالحة للاستخدامات المنزلية والزراعية خلال فصل الصيف بسبب زيادة التراكيز الملحية، وذلك من جراء ظاهرة طبيعية كانت تعتبر نادرة الحدوث، وهي تقدم اللسان الملحي (الجبهة الملحية) القادم من الخليج في مجرى الشط لأسباب من أبرزها قلة الإيرادات المائية الوافدة من دجلة والفرات وقطع إيران لمياه نهر الكارون الذي ينبع داخل أراضيها.
وتعد أقضية الفاو وأبي الخصيب (جنوباً) وشط العرب (شرقاً) أكثر المناطق تضرراً من تلك الظاهرة، حيث جفت فيها العشرات من بحيرات تربية الأسماك، ونفقت الكثير من الحيوانات الحقلية، كما تراجع إنتاج النخيل من التمور، وهلكت معظم بساتين الحناء، بحيث أصيب القطاع الزراعي بشلل شبه تام، وبالتالي فإن دائرة الماء في المحافظة تعتمد على مياه قناة البدعة في تجهيز المناطق السكنية بالمياه منخفضة الملوحة والأقل تلوثاً.
وكانت شركة إستشارية إيطالية دعت في دراسة أعدتها لصالح وزارة الموارد المائية إلى إنشاء سد على شط العرب للقضاء على ظاهرة ملوحة مياهه، واقترحت الدراسة ثلاثة مواقع للسد، الأول عند مدخل الشط في قضاء الفاو، والثاني قرب ميناء أبو فلوس في قضاء أبي الخصيب، والثالث في منطقة كتيبان الواقعة شمال شرق البصرة، واعتبرت الشركة أن الموقع الأخير هو الأنسب في ضوء اعتبارات سياسية واقتصادية وبيئية، إلا أن الحكومة المحلية لم تتحرك فعلياً باتجاه تنفيذ المشروع، كما انها تتحدث منذ أربعة أعوام عن نيتها بناء محطة ساحلية ضخة لانتاج الطاقة الكهربائية تقوم أيضاً بتنقية وتحلية مياه البحر بواقع 300 ألف متر مكعب يومياً، لكن المشروع لم يبصر النور لغاية الآن.
أما مشروع (ماء البصرة الكبيرة) الذي يجري الحديث عنه منذ عام 2004 فمن المؤمل أن ينجز بعد عامين، ويغطي القرض الياباني الميسر للعراق نسبة 48% من الكلفة الاجمالية للمشروع البالغة 750 مليون دولار، وقد أنجزت شركة (NGS) اليابانية التصاميم الأولية منذ العام الماضي، ويتضمن المشروع تأهيل منظومة نقل المياه، ونصب منظومة نقل جديدة، وإنشاء محطة للتحلية بطاقة تسعة آلاف متر مكعب في الساعة، ومحطة للتصفية بطاقة 16 ألف متر مكعب في الساعة.