"الذهب المغشوش".. وأصحاب المهنة يتهمون "المستورد"!
قبل ان تقرر المرأة الاربعينية الرجوع الى الصائغ المتواري عن الانظار، كانت قد تفاجأت حين قررت قبل ايام ان تغير مجموعة من المصوغات الذهبية التي تملكها بأخرى من احد “الصياغة” القريبين من منزلها، ليقول لها صاحب محل المجوهرات “ذهبك مغشوش”!
اكتشفت المرأة حينها انها تعرضت لعملية “نصب منظمة” قام بها صاحب بيع الذهب، مستخدما طريقة “الكلام الناعم” والمجاملات، والرفع من قيمة مصوغاته وبانه يبيع بأسعار تنافسية، لكن نساء اخريات يشيرن الى انه من الصعوبة “خداع المرأة في الذهب”، ويرجحن بان التي تقع في فخ “الذهب المغشوش” هي لا تعرف كيف تميز بين الذهب الحقيقي والمزيف.
بالمقابل تحمّل عدد من النساء اللاتي تعرضن لعمليات “غش” الجهات الحكومية المختصة مراقبة المحال التي تبيع الذهب، فيما لو كانت تستخدم مواداً مغشوشة وتبيعها على انها مجوهرات حقيقية، كما دعون الى ان تفرض الحكومة اجراءات صارمة ضد المتلاعبين وتنظيم اجازات رسمية لبيع وشراء الذهب، وتحديد اسماء محال معنية في اسواق موحدة منعا لتكرار عمليات الغش.
المطالبة بفحص وزن الذهب
الصائغ أبو كرار في منطقة الكاظمية وهو صاحب خبرة لأكثر من 40 عاماً يشير أن هذه المهنة وغيرها من المهن اقتحمها الدخلاء وعليه أُطالب أي زبون الذي يشتري كمية من الذهب ان يتجه بها لمحل آخر لغرض وزنها والتأكد من درجة نقاوتها واذا كانت كمية كبيرة فلا ضير بفحصها من خلال أجهزة (جهاز التقييس والسيطرة النوعية) وان عملية شراء الذهب تحتاج لحذلقة وشطارة وفطنة، لان الصائغ له باع طويل في التعامل وحنكة في الاقناع, الا أنه اذا وجد المشتري ذكيا وفطنا ودقيقا في الميزان فانه سيخشى ان يتعامل معه بالمغشوش . ابو كرار أكد أن الغش موجود في كل زمان ومكان، لكن بالتأكيد الغش في الذهب أمر مؤلم ومؤسف في ذات الوقت أما قضية فرق التفتيش التي يرسلها الجهاز المركزي للتقييس فان بعض اصحاب المحال عندما يسمع بوصول هذه الفرق يبادر الى غلق المحال .
انتشار ظاهرة الصاغة في المناطق السكنية مُقلِقة لنا
السيدة زينب عبدالله موظفة في وزارة الصحة تبين أن اسواق الذهب المحلية والمنتشرة في المناطق السكنية التي انتشرت بشكل ملحوظ تبدو مقلقة لنا بسبب عدم معرفتنا بصاحب المحل وهل هو صائغ وممارس المهنة؟ زينب أكدت أن الاسواق الخاصة بالصاغة كانت في مناطق معروفة مثل الكاظمية والاعظمية وشارع النهر والكرادة ولكن وبسبب الأوضاع الامنية الحالية والقلق من التبضع في مناطق مزدحمة التي اصبحت عرضة للأعمال الإرهابية جعلت منا أن نتجه نحو الاحتفاظ بالمال والعزوف على شراء الذهب بالإضافة الى انتشار ووجود كميات كبيرة من الذهب المغشوش فى الاسواق والذى دخل هو الاخر ضمن تجارة البضاعة المقلدة التي دخلت البلاد . زينب اشارت الى وجود تحسن لا بأس به نتيجة تحسن الوضع المادي للعائلة لا سيما شريحة الموظفين وهذا يجعل المواطن يقبل على شراء المصوغات الذهبية، وخصوصا الشباب المقبلين على الزواج حيث أن الذهب منتج وطني الا انه كغيره دخل في دوامة الغش الذي صار يؤثر سلبا، ليس على المواطن فحسب, فالمواطن يشتري مرة او مرتين، لكن على التاجر الذي يبيع يوميا عشرات المرات، وعلى صاحب المحل وهكذا, أما اهم أسباب ظاهرة الغش في الذهب فتأتي من تعامل بعض اصحاب المحال والمجوهرات مع الورش المشبوهة وغير المرخص لها بمزاولة مهنة صياغة الذهب.
الغش في عيار 21 و24 اللوح
آوس 24 عاماً احد العاملين في ورشة عمل فى شارع النهر وهي المنطقة المعروفة بكثرة تجار الذهب وجودة معروضاتهم يبين الذهب المغشوش من الامور الخطرة والكبيرة التي سادت تجارة هذا المعدن الثمين ونتيجة لذلك فقد بات المواطن لا يثق بالذهب المعروض في الاسواق المحلية برغم ان تجارة الذهب في العراق كانت سابقا تعد الاكثر نزاهة في المنطقة وتلقى سمعة ممتازة في عموم منطقة الشرق الاوسط .والغش يتمثل بالتلاعب بنسبة الذهب اي النسبة العالمية للذهب عيار 21 هي 875 و999 هو عيار 24 اللوح و750 عيار 18 يضيفون له مادة الصفر الرخيصة الثمن وهنا تكون نسبة الذهب اقل من المقرر وتعد منطقة شارع النهر والكاظمية هي اماكن ورش العمل الخاصة بتجار السوق .
75% نسبة انخفاض الغش في السوق العراقي
ابراهيم لطيف عامل آخر في هذه المهنة يكشف أن نسبة الغش انخفض في السوق العراقي بسبب الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية وقياس السيطرة النوعية من خلال ختم جميع المصوغات الذهبية العراقية بالإضافة الى عزوف المواطنين عن شراء هذا المعدن الثمين بسبب الاوضاع الامنية الاخيرة التي عصفت بعدد من محافظات البلاد .
محـال الغش موجودة وبكثرة في شارع النهر
الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ومن خلال قسم (وسم المصوغات)اذ يشير احد العاملين ان الصاغة في الأسواق المحلية لا يحضِّرون مصوغاتهم للقسم او لبناية الجهاز متحججين بالوضع الامني وان حمل كميات كبيرة من الذهب فيه الكثير من المخاطر، وعليه عملنا من خلال تشكيل فرق التفتيش التي تخرج الى المحال الواقع وأغلبها في شارع النهر الكثير من اصحاب هذه الورش والمحال يعرفون جيدا ان عدم وسم المصوغات من قبل (الجهاز) هو مخالفة يعاقب عليها القانون ومحال الغش موجودة وبكثرة ما يجعل الامر صعبا على الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة، فضلا عن ذلك فان الصائغ أحيانا لا يبرز الكمية المناسبة لغرض فحصها وإنما يخفي جزءاً كبيراً منها لاسيما اولئك الصاغة الذين ليس لديهم اجازة من قبل الجهاز.
90% من الذهب مستورد في السوق حالياً
موظف آخر في القسم رفض الكشف عن اسمه بسبب الإجراءات الادارية اوضح كان الصاغة لفترة طويلة ملتزمين بوسم المسوغات ولكن بعد عام 2003 وبسبب الاحداث التي شهدتها عموم البلاد في وتردي الوضع الامني حال دون وسم الصاغة بوسم هذه المصوغات خوفاً من التسليب والسرقة اكثر من 97% غير موسوم بالوسمة العراقية اضافة الى ذلك ان هناك ذهبا مستوردا من الدول المجاور يحمل علامة تلك الدول غير معترف بها لان الذهب العراقي الوحيد المعترف به اما الذهب الذي يباع في الاسواق حاليا 90% منه غير مطابق للمواصفات . المصدر أكد ان الذهب العراقي بدأ الآن يحافظ عليه من حالة الغش التي انتشرت بشكل كبير في السوق وهذا امر جيد ولكن المستورد منه وهو السائد حالياً هو النصيب الاكبر في حالات تعاطي الغش وعليه يبقى المواطن من يقرر ان يحد من هذه الظاهرة او استمرارها مطالباً الصاغة بتداول الذهب المطابق للمواصفات العالمية والمواطن يجب ان يشتري ذهباً يحتوي على هذه المواصفات وحسب المعايير القانونية ويجب عليه ان يطالب بوصل الذهب مكتوباً فيه التفاصيل ووزنه ونوعه والوسم ومن ثم يذهب للتقييس يفحص ويوسم مقابل اجور محددة .
الداخلية ضبط ورشة عمـل
مدير مديرية الجريمة الاقتصادية العميد حسين الشمري قال: إن الوزارة حريصة على مكافحة جميع انواع الغش فى البلاد وان مديرية الجريمة الاقتصادية تواصل العمل من خلال كوادرها لضبط جميع الحالات المخالفة اما موضوع الذهب المغشوش فان اغلب الذهب المغشوش يأتي من دول الخليج حيث يتم استيراده من قبل بعض التجار الذين يرفضون ادخال بضاعتهم عبر مطار بغداد وذلك لوجود اجراءات صارمة تمنع ادخاله في حال ثبت التلاعب في نقاوته، كاشفاً ان السياقات المتبعة في مطار بغداد يتم رزم وضبط الذهب الذي يأتي من الخارج وتوضع عليه حراسة مشددة ويسلم الى الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ولا يسلم الى التاجرألا بعد وسمه.
الشمري أوضح: اذا جاء الذهب عبر اقليم كردستان لا تتتم هذه العملية ، وانما يقومون بأخذ بعض العينات او النماذج للفحص والمتبقي من الكمية يخرج بها التاجر من المطار ، وهذا ما يدفع بعض مستوردي الذهب الى استغلال هذه الاجراءات لإدخال الذهب المغشوش كاشفاً عن ضبط ورشة في بغداد لتصنيع الذهب المغشوش من خلال التلاعب بنقاوته وجاء هذا بعد ورود معلومات عن بيع الذهب المغشوش حيث شكلنا فريق عمل يضم خبراء وتوجهنا الى مناطق معامل الذهب بعد اخذ موافقة قاضي التحقيق والموافقات الأصولية الأخرى واكتشفنا وجود تلاعب بنقاوة المصوغات التي يتم صناعتها !
50مليار دولار حجم الغش التجاري بين الدول العربية
الخبير الاقتصادي سعد محمد اوضح أن حجم الغش التجاري في السلع المتداولة بين الدول العربية بلغ نسبة 10% من إجمالي السلع، وأن حجم تجارة السلع المقلدة والمغشوشة في الدول العربية يصل إلى نحو 50 مليار دولار. سعد أشار إلى أن خطورة الغش التجاري وتقليد السلع في العالم العربي يتجسد من خلال أن 56% من حجم السلع المتداولة في الأسواق ليست بضائع أصلية وأنا مقلدة ومغشوشة، و أن هذه الظاهرة ليست مرتبطة بالغش التجاري في الدول العربية، بل هو ظاهرة عالمية، مطالبا بوجود تبادل معلومات بين الدول للحد منها. سعد أكــد أن هناك العديد من الجهود العربية في مجال منع الغش التجاري وتقليد السلع وحملت التوصيات تبنى ستراتيجية متكاملة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لمواجهة ظاهرة الغش التجاري والتقليد من خلال بناء شراكات بين الدول فيما بينها من جهة والقطاع الخاص ، سعد دعا إلى إنتاج برامج ومواد إعلامية توعوية للمستهلكين بحقوقهم في رفع القضايا والمطالبة بالتعويضات عن حالات الغش التي يتعرضون لها .
الاقتصاد في العالم يعتمد على الذهب
كمال جهاد متخصص في الذهب يبين الذهب هو عنصر كيميائي وجد في العديد من المناطق في مختلف أنحاء العالم في شكله الخام وبعد استخراجه يتم شراؤها من قبل البلدان الأكثر ثراء وتقديمه الى العالم في صور مختلفة، ويستخرج الذهب في شكل شذرات أو حبوب من الصخور والرواسب الغرينية. كمال أضاف أن الاقتصاد في العالم كله يعتمد على الذهب وتلك هي قوة الذهب وللذهب مجموعة من الخصائص منها أنه لامع وكثيف ويعتبر الذهب أكثر المعادن ليونة على وجه الأرض ويحتفظ الذهب بقيمته الثمينة على مر التاريخ، وقيمته ما زالت سائدة لأنها تستخدم كأساس للسياسات النقدية، وبسبب استخدام تلك القيمة يرتفع سعر الذهب وهناك العديد من محال المجوهرات المنتشرة حول العالم وبعض هذه المحال تبيع ذهبا مغشوشا تنظر اليه وتعتقد انه ذهب حقيقي ولكنها خدعة، لذلك أنصحك أن تكون حذراً عند شراء أثمن المعادن على وجه الأرض.