عُرفت الولايات المتحدة أيضاً بأنها تستخدم التوصيفات الواسعة في تسمية أعدائها، للتتمتع بمرونة عالية في التحرك، مثل: التطرف الديني، الإرهاب، الأصولية الاسلامية، أعداء العالم الحر، وغير ذلك من التسميات.
لكن أميركا اليوم نراها تقيد التسميات وتحددها بتنظيم داعش، مع أن هذا التنظيم هو تشكيل واحد من ظاهرة الإرهاب التي تهدد المنطقة والعالم، وهي الظاهرة التي شغلت الأهتمام الأكبر للولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حتى أنها طرحت استراتيجية القضاء على الارهاب في العالم ومطاردته في كل مكان.
وفي ضوء هذه المعطيات، فان مشروع اوباما في تشكيل تحالف دولي لمواجهة تنظيم داعش تحديداً، يُعد تراجعاً لافتاً في التوجه الأميركي في مكافحة الإرهاب، وأول ما يثير التساؤل أمامه، كثرة استخدام الأسماء وتبديلها من قبل الجماعات الإرهابية، رغم انها تولد وتتحرك وتتجمع وتتفرق وتنتشر ضمن خط فكري واحد، هو التكفير وقتل كل من لا يؤمن بأفكارها. فقد كان الإرهاب في العراق يحمل اسم تنظيم القاعدة، ثم تحول الى قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وبعد احداث سوريا، ظهرت تسمية جبهة النصرة، وعندما أصدرت الولايات المتحدة قرارها باعتبارها منظمة إرهابية، ظهرت تسمية الدولة الاسلامية في العراق والشام، في نيسان 2013، وانضم الى هذا التنظيم معظم أفراد التشكيلات الإرهابية بما في ذلك جبهة النصرة. وعندما استقطب داعش انظار العالم وتصاعدت الادانات ضد تركيا والسعودية وقطر في دعمها ومساندتها لهذا التنظيم، بدأ الاعداد لتسمية جديدة (جيش الجبهة الاسلامية) على أن يكون مقرها في الأردن.
إن التنقل على الأسماء لعبة سهلة تجيدها التنظيمات الإرهابية، فكيف يفوت هذا الأمر البسيط الواضح، إدارة أوباما التي تدير أكبر دولة في العالم تمتلك قدرة تتبع رسالة الكترونية يرسلها شخص مجهول الى آخر من بين مليارات الرسائل الألكترونية؟.
وهل غاب عن الولايات المتحدة أن الأعضاء الرئيسيين في التحالف المنشود، هم أبرز الداعمين لداعش من خلال ممرات العبور ومقرات التجمع والاتصال والتمويل المالي والتسليح وغير ذلك؟.
وهل إلتبس الأمر على المراكز المتخصصة الأميركية في معرفة ان فكر داعش هو فكر الوهابية، وهي التي تحلل العبارات البسيطة في الكتب الدراسية للمرحلة الابتدائية؟.
التحالف المنشود، يرفع شعاراً مطلوباً وهو محاربة داعش التي نشرت الموت والدمار في سوريا والعراق، وشردت الملايين وشوهت صورة الاسلام، لكن أسس تشكيل التحالف من قبل الداعمين لداعش والارهاب عموماً، هو ما يثير الإستفهام.
باختصار ان ما نميل اليه، أن هذا التحالف هو لإعادة ترتيب المنطقة على اساس طائفي صرف، وذلك عبر إضعاف الوجود الشيعي، وخلق حالة سنية طاغية تهيمن على العراق وسوريا، وبذلك يمكن إنهاء قوة النفوذ الإيراني، وإعادة دور السعودية الى الواجهة في التأثير على احداث المنطقة