كنت ولازلت أؤمن أن الدول لا تتطور حتى تفصل نظامها السياسي عن نظامها الإداري.. وكنت دوما أنادي بحكومة سياسية تتكون من وزارات محددة قليلة لتسوس القضايا الكبرى في البلاد سواء أكانت داخلية أو خارجية بناء على الدراسات والتوصيات التي تقررها الحكومة الادارية في إطار علمي ومهني..
والسبب يرجع الى أن السياسيين دائما تقودهم مصالحهم الذاتية أو الحزبية أو المرجعية في إصدار قراراتهم.. والتي غالبا ماتكون غير صحيحة وظالمة.. ولذلك يرتكب السياسيون دوما المظالم والمفاسد لأن أساساتهم في اتخاذ القرارات هي أساسات مزاجية وغير علمية..
اليوم في العراق وفي العالم العربي وبعض الأصقاع الأخرى كلمة سياسي ترتبط بالنفاق والفساد وعدم الاحترام والثقة المفقودة.. فيوما بعد يوم أضحى السياسي مكروها ومنبوذا وإن تملق لهم البعض خوفا او طمعا..
ومادمنا في العراق فقد قدمت دوما مقترحات بتطوير نظامنا الاداري الذي يجب أن يكون اقوى من كل الأزمات السياسية.. ولكن الذي حدث في العراق أن احزاب السلطة التي بانت مفاسدها ومظالمها بعد اقل من سنتين من حكمها قد غرست متخلفيها في نظامنا الاداري؛ طبقات وأفرادا فأضحى نظامنا الإداري لعبة بيد هذه الأحزاب ومن ثم تكونت لدينا مافيات ادارية في كل مؤسسة حكومية تستغل القوانين والمواطنين أبشع استغلال؛ فعظم الفساد وتضخمت المظالم وتخلفت البلاد..
ليس من حل أمامنا اذا لم نتخذ اجراءات موجعة وتضحيات عظيمة بسبب استفحال هذه المافيات وتغولها في العقل المؤسساتي حتى أوهموا الناس أن هذا هو واقعهم الذي لابد أن يرضخوا له..
لقد كان تضخم الدولة واحتكارها لكل فعل منتج.. وتثبيط الاستثمار وتحويره ليكون ضمن منظومة الفساد الواسعة مخططا له من قبل هذه الاحزاب الظالمة فحينما تكبر المشكلة تضيع التفاصيل.. ويكون القضاء على هذه الفيروسات والجراثيم احتمالية نادرة الحدوث وتحتاج الى معجزة..
بيد ان الحل جد سهل ولكنه ممتنع الا على من يريدون بالبلاد خيرا.. وهم في الحقيقة كثر لكنهم ضعفاء بسبب تفرقهم.. بينما توحد السيئوون وأصبحوا أقوياء على الرغم من ضعفهم..
ومع هذا فالفرصة كبيرة اليوم.. بعد كل ماحدث من تداعيات لسلطة هذه الأحزاب.. لبناء دولة ادارية بنظام ذكي قابل للتحديث والتطوير المستمر فالعقول في العراق كثيرة في داخله وخارجه والمقومات كلها موجودة لبناء دولة ذكية منتجة تستأنف حضارتها العظمى.
والعراق من وراء القصد