هل “يصدِم” عبد المهدي الجميع و”يستقيل” قبل اعلان كابينته؟

    بين ما يحاك داخل اروقة السياسة في العراق وبين ما يشاع ويذاع على العلن الى العراقيين، هناك خيط رفيع قد يقلب الامور ويدخل العراق بمستقبل مجهول، وهذا ما جعل المراقبين يشيرون اليه بسبب ‘ما يفعله’ رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي وبين ما يجيب عليه فعله لتنجنيب العراق ‘انفق المجهول’.
    فقد اشارت مصادر صحفية الى ان القوى السُنية هددت بالذهاب الى المعارضة إذا اصر عبد المهدي على تمرير ‘حكومة النافذة الإلكترونية’، وهو ما يعني ضمنياً أنها قد لا تصوت للمرشحين الذين سيعرضهم رئيس الوزراء المكلف على البرلمان نهاية المهلة الدستورية (مطلع تشرين الثاني المقبل)، بحسب صحيفة المدى.

    وتشير الصحيفة الى ان عبد المهدي ماض في طريقه بدعم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي حذر الكتل السياسية من العودة الى ‘المحاصصة’، فيما يلوح بالأفق حلّ جديد قد يكون هو الاقرب يتضمن ‘وزارة دمج’ تجمع مطالب كل القوى.
    وحتى فجر يوم أمس الثلاثاء كانت القوى السُنية التي اجتمعت في منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، مصرة على ان يحترم عبد المهدي حجومها الانتخابية ويختار الوزراء من ضمن الاسماء التي ستقترحها عليه.
    وقال فالح العيساوي القيادي في تحالف المحور في حديثه لصحيفة المدى، إن ‘القوى السنية قد لاتشترك في الحكومة المقبلة إذا استمر رئيس الوزراء المكلف باعتماد طريقته في تشكيل الوزارة’. ويؤكد العيساوي الذي حضر الاجتماع الذي استمر من مساء الإثنين الى مابعد الساعة الثانية من فجر أمس، ان مقترح المعارضة نوقش أمام ’68 نائبا سنيا من أصل 74 (باستثناء أسامة النجيفي، طلال الزوبعي، خالد المفرجي، وخالد العبيدي الذين لم يحضروا، بالاضافة الى نائبين آخرين كانا مسافرين)’.
    وبين العيساوي ان حصة القوى السنية من الحكومة المقبلة هي ‘6 وزارات على الاقل’، دون ان يحدد اسماء الوزارات. وقال انهم مستعدون لتقديم 30 مرشحاً لعبد المهدي ليختار منه، وإن رفضهم فهناك 30 آخرون.
    وبحسب تسريبات تداولت خلال الـ48 ساعة الماضية، فان القوى السياسية قد تقاسمت الوزارات في ما بينها، حيث يتم الحديث عن 22 وزارة، ثلاث منها الى القوى الكردية (واحدة للاتحاد الوطني واثنتان الى الحزب الديمقراطي، واحدة منها سيادية).
    و6 وزارات الى القوى السنية، تقسم على فريقي ‘الإصلاح والبناء’ واحدة منها سيادية، و12 وزارة للمكون الشيعي وتقسم ايضا على الفريقين السابقين، ثلاث منها سيادية، ووزارة واحدة للاقليات.
    وتشير أوساط عبد المهدي الى أن الاخير قد يتراجع في اللحظات الاخيرة عن تشكيل الحكومة إذا ما استمر ضغط القوى السياسية في اتجاه تمرير أسماء مرشحين معينين. ويدخل رئيس الوزراء المكلف أسبوعه الثالث بعيدا عن الاضواء في تشكيلة الحكومة، بينما تولى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مهمة ‘ردع’ القوى السياسية عن فكرة المشاركة بالحكومة باسماء معدة سلفا، بتغريدات على تويتر.
    ويقول القيادي في المحور اننا ‘لانريد كما يعتقد السيد الصدر حكومة محاصصة’. ويضيف قائلا: ‘في الاجتماع الاخير قدمنا أسماء شيعية ومن مكونات اخرى لشغل مناصب وزارية وهو مالم يفعله الصدر’، فيما لم يوضح الغرض من اختيار تلك الشخصيات.
    وبيّن العيساوي أن من أبرز تلك الاسماء وزير الداخلية الحالي قاسم الاعرجي، ووزير البلديات السابق عادل مهودر، ووزير التخطيط والنائب الحالي عن تحالف البناء علي شكري، ووزير الصحة والنائب السابق صالح الحسناوي، بالاضافة الشخصية التركمانية ثابت العباسي وجاسم درباس.
    وقال العيساوي إن تلك الاسماء تعرفها القوى السياسية بأنها حريصة على مصالح المناطق المحررة، بالمقابل لم نناقش حتى الآن أي اسم سُني لأي منصب وزاري.
    وكان رئيس حزب الحل، جمال الكربولي، قد رد يوم الاحد الماضي على تغريدة سابقة للصدر، دعا فيها الاخير الى إصلاح نفسه بطريقة غير مباشرة مستخدماً قصيدة لـ ‘أبو الأسود الدؤلي’.
    وكان الصدر قد حث يوم السبت الماضي، القوى السنية الى ترك ‘المحاصصة’، وألمح الى رغبته بإبعاد القيادي السنّي خميس الخنجر.
    ويبدو أن رد الكربولي قد أغضب المقربين من الصدر، وهو مادفع صلاح العبيدي، المتحدث باسم زعيم التيار التلويح بإمكانية فتح ملفات الفساد.
    وقال العبيدي في بيان الإثنين الماضي: ‘كثرة ملفات الفساد في السنوات السابقة لا يعني ان تترك جرائم ارتكبت بحق الشعب العراقي’. واضاف ان ‘من هذه الملفات الأموال التي تسربت من قبل مؤسسة الهلال الاحمر قبل عام 2010 عندما كانت بإدارة جمال الكربولي’.
    وتابع العبيدي ان ‘من المهم جدا ان تفتح هذه الملفات ويحاسب السراق وتحاسب منظومة المالكي الفاسدة التي اعادت السراق الى البلد، وغطت على فسادهم في صفقات سياسية مشبوهة في السنوات السابقة’، منوها الى أن ‘الايام حبلى بالاحداث’.

    ولحل الخلاف قد تذهب القوى الفائزة في الانتخابات الى اعتماد آلية جديدة لتشكيل الحكومة لم تحدث سابقا، تبدو هي الاقرب حتى الآن وتتفق مع حركة عبد المهدي في لقاء القوى السياسية والحديث عن تشكيل لجان للتفاوض مع رئيس الوزراء المكلف وتقديم اسماء للوزارة الجديدة.
    وتضم الآلية المقترحة، بحسب ترجيحات القيادي في تيار الحكمة عبد الله الزيدي لـ(المدى) أمس بأنها ‘تجمع ثلاث طرق لاختيار الوزراء، من ضمنها طريقة عبد المهدي (النافذة الالكترونية) بالاضافة الى مرشحي الكتل، والثالثة اختيار عبد المهدي لشخصيات خارج النافذة يعتقد بانهم صالحون للمهمة’.
    ويشدد الزيدي على ان تحالفي الإعمار والبناء يؤيدان ترك الخيار لرئيس الحكومة في تشكيل كابينته، ولن يتراجعا عن خطوتهما السابقة في اختيار رئيس وزارء من خارج الحسابات الحزبية، ولكن بالمقابل لن تتخلى تلك القوى عن الاستحقاقات الانتخابية.

    وكان فريق الخبراء التابع لعبد المهدي قد اختار الجمعة الماضية 601 مرشح لشغل 22 حقيبة وزارية من اصل اكثر من 15 ألف شخص قدم عبر النافذة الالكترونية التي أنشأها الفريق لذلك الغرض.
    ومن بين المرشحين المقبولين كامل الدليمي، وهو نائب سُني سابق، حيث أكد في تصريح لـ(المدى) أمس بانه تلقى ‘رسالة من مكتب عبد المهدي تؤكد انتقاله الى المرحلة الثانية ضمن عملية اختياره وزيرا’، مشيرا الى انه قدم ترشيحه على وزارة الدفاع.
    ويوضح الدليمي أن أكثر الذين أرسلت لهم رسائل القبول للعبور الى مرحلة المقابلات مع فريق الخبراء هم من حملة الدكتوراه، فيما قال ان ياسين العبيدي، وهو نائب سابق ومرشح سابق عن كركوك ضمن التحالف العربي، من ضمن المقبولين في النافذة الالكترونية لإحدى الوزارات.
    والدليمي هو من سكنة الانبار وضابط سابق ولديه شهادة الدكتواره في الاعلام الدولي، ورئيس كتلة تصحيح. وكان قد رشح نفسه في الانتخابات الاخيرة ضمن قائمة إياد علاوي (الوطنية) ولكنه لم ينجح في الحصول على مقعد.
    ويأمل الدليمي ان يحصل مرشحو ‘نافذة عبد المهدي’ الالكترونية على تصويت البرلمان. ويقول ‘ربما سيقدم عبد المهدي كابينة الصدمة الى مجلس النواب واذا رفضتها الكتل فستتحمل المسؤولية أمام الشعب’. وبين انه لو رشح عن طريق اي حزب فسيرفض الترشيح لانه سيكون يعمل تحت ظل الحزب وليس ظل العراق ويتحول الى ‘شخص فاسد

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة