منى شلبي
أعلامية جزائرية
عانى الكثير من الكتاب والإعلاميين والسياسيين ردحا من الزمن من ضيق فرص التعبير عن الرأي، فكانوا يتصادمون إما مع السياسة العامة للقنوات الإعلامية والصحف أو انتظار دورهم ليتم استخدامهم في الوقت المناسب، ما سبب حالة من الاستياء لهم، لكن هذه الحالة لم تستمر، فمع ثورة الاتصالات وظهور مواقع التواصل الاجتماعي تغير كل شيء وتغيرت المعادلة القائمة على احتكار الكلمة والرأي لمن يمتلكون منابر خاصة بهم، لا يُسمِعون الناس إلا ما يريدون ولا يكتبون إلا ما يرغبون به، فكانت فرص الكتابة أو إسماع الصوت الحر في حدود ضيقة جدا ووفقا لمعايير إيديولوجية تتحكم في كل صغيرة وكبيرة، لكن ثورة الاتصالات أطاحت بالإعلام التقليدي وأتت أخيرا بما يثلج صدر المتلقين والكتاب الذين لا يجدون منبرا يوصلون فيه صوتهم و فكرهم وآراءهم، لأنها بكل بساطة مختلفة وغير منجسمة مع ما يكتب أو يصدح به الإعلام الموجه.
الإعلام البديل قضى على اللون الواحد
قبل عشرين سنة كنا نستيقظ على شاشة واحدة وصحف تصب كلها في نفس المجرى بمنشيتات متقاربة ومواضيع محددة لا تخرج عن السياق العام الذي تكتب فيه الصحيفة أو تنطق به الإذاعة أو ما يظهر على الشاشة، فتغيب الكثير من المواضيع التي تلامس واقع الناس وتستدعي معالجتها، الأمر الذي دفع بالتوجه نحو فتح المجال بتأسيس قنوات جديدة تلبي متطلبات المجتمع والأفراد حتى يكون هناك نوع من التوازن بين ما يريده المتلقي وما تصبو إليه المؤسسة الإعلامية ومن هنا أصبح هناك إلى حد ما تنوع في المادة المعروضة وتم القضاء على اللون الواحد الذي كان مهيمنا على كل وسائل الإعلام.
الإعلام البديل منصة حرة لإبداء الرأي
في منتصف التسعيينيات ولدت الكثير من القنوات التلفزيونية المتنوعة والتي اعتبرها الجمهور العربي المتنفس له، لكن سرعان ما تزعزعت ثقة الجمهور بها، لأنها عكست تنوعا سطحيا لم يكن الهدف منه إرضاء رغبة المشاهدين والمتابعين بل تنفيذ أجندات تخدم مصالح معينة غير تلك التي يريدها المتلقي، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى البحث عن سبل أخرى لإبداء أرائهم بكل حرية والبحث عن مساحة واسعة للتعبير عن انشغالاتهم ومشاكلهم ومحاولة إيجاد حلول واقعية لها، وفعلا تمكن المتلقي من العثور على هذا الفضاء الحر الذي يكتب فيه بحرية مطلقة، بل مكنه هذا الفضاء من تسجيل صوتي و تصوير بث مباشر لينقل كل ما يرغب به وما يحب أن يشاركه مع الآخرين في أقل من برهة، ليصل رأيه بالصوت والصورة إلى كل العالم.
الصحافة الموازية …….بديل عن الإعلام المأجور
إن مواقع التواصل الاجتماعي تشكل الإعلام البديل أو الصحافة الموازية التي يستخدمها المدوّنون للتعبير عن آرائهم بحرية كاملة، دون أي رقابة مسبقة، فكل واحد منا له كامل الصلاحية لأخذ هذا الجهاز الإلكتروني (الهواتف الذكية، الأيباد، الكمبيوتر) والضغط على بث مباشر لتصل كلمته إلى الجميع من دون أي قيود، ومن المؤكد أن لا أحد سيضغط عليك لأنك تمتلك كل الحرية في قول كل ما ترغب به، لذلك يفترض بك أن تنقل الحقيقة وحدها دون زيادة أو نقصان، فمواقع السوشل ميديا لا شك أنها تزهو بأبهى صورها، عندما تنقل لنا الحقيقة للعموم بكل شفافية وموضوعية وسط البقالات الإعلامية المأجورة والموجهة، وفي ظل إدارة العصابات لدولة المزرعة.