القتال الدائر بين «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) وتنظيم «داعش» في بلدة الباغوز السورية بات في أمتاره الأخيرة. تطور قد يدفع واشنطن، في غضون ساعات، إلى إعلان «انتهاء العمليات العسكرية»، ومن ثم «الانتصار» على أكثر التنظيمات تطرّفاً في العالم. هذا المشهد ترى بغداد نفسها من أول المعنيين به، وفق ما جدد التأكيد أمس رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، حيث قال إن «العالم بات أكثر أمناً وسلماً، بسبب التضحيات الكبيرة التي بذلها العراقيون في القضاء على داعش».
اهتمام بغداد يتصل بالدرجة الأولى بمستقبل «داعش»، وخصوصاً العراقيين منهم وعوائلهم، وإمكانية انتقالهم من الشرق السوري إلى الغرب العراقي. وفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن خطة التعامل العراقية مع هذا الملف تتضمّن مسارين: إنساني وعسكري، وإن كان منطلق الاثنين أمنياً، على قاعدة الحؤول دون إيجاد بيئة حاضنة للخلايا النائمة، من شأنها أن تنتج تنظيماً مشابهاً لـ«داعش» مجدّداً، وهو ما حذّر منه مستشار الأمن الوطني العراقي، فالح الفياض، أول من أمس.
تفيد المعلومات بأن مجلس الأمن الوطني، الذي يرأسه عبد المهدي، ساده رأيان: الأول دعا إلى السماح لـ«الدواعش» بالعودة إلى قراهم ومنازلهم، من دون التحقيق معهم أو استجوابهم. أما الرأي الثاني، الذي تبنّاه رئيس الوزراء، فهو نقل هؤلاء إلى مخيمات جاهزة محاذية للحدود، على أن تبدأ القوات الأمنية إثر ذلك تحقيقاتها، ومن ثم إحالة من يثبت تورطه في عمليات إجرامية إلى الجهات الأمنية والقضائية المختصة، فيما يُعاد دمج بقية المحتجزين مع مجتمعاتهم فور الانتهاء من الخطوات القانونية.
نفت واشنطن أن تكون قد نقلت أي عائلة من سوريا إلى العراق
عملية تسليم هؤلاء، الذين يُقدّر عددهم بحسب بعض التقارير الأمنية بأكثر من 15 ألف شخص ما بين رجال ونساء وأطفال، ستجري على مسارين: الأول قيام «قسد»، بعد التنسيق مع الجانب الأميركي، بتسليم بغداد المحتجزين لديها. والثاني، قيام الجانب الأميركي بتسليم نظيره العراقي المحتجزين لديه بشكل مباشر. لكن القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في بغداد، جوي هود، نفى، أمس، وجود «خطة لنقل عوائل داعش من سوريا إلى العراق»، لافتاً إلى أن «قسد سلّمت العراق عناصر عراقيين من تنظيم داعش»، مستدركاً بـ«أننا سنساعد في هذا الملف إذا طُلب منا ذلك».
أمنياً، يتواصل العمل على ترجمة توجيهات مجلس الأمن الوطني بـ«التنسيق الدائم بين القطعات العسكرية، واستمرار عمليات البحث وملاحقة عناصر داعش في المناطق الصحراوية المحاذية، ومراقبة الشريط الحدودي لمنع أي عمليات تسلل نحو الأراضي العراقية»، وفي هذا الإطار، أكد بيان صادر عن «قيادة العمليات المشتركة»، أمس، أن «الجيش العراقي يستمرّ في تأمين الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، حيث يقوم لواء المشاة الآلي السابع والثلاثون، التابع للفرقة المدرعة التاسعة، بتأمين الشريط الحدودي في قضاء القائم من نهر الفرات، وصولاً إلى نهاية الشريط الحدودي في القضاء»، لافتاً إلى أن «هذا اللواء هو احتياط وإسناد للقوات الموجودة على الشريط الحدودي، والهدف منها الحماية التامة للحدود العراقية ـــــ السورية لمنع تسلل عصابات داعش».
وفي السياق نفسه، تؤكد مصادر ميدانية في حديثها إلى «الأخبار» أن «القوات المنتشرة على طول الخط الحدودي، باختلاف صنوفها، على أتمّ الجاهزية لصدّ أي محاولة تسلّل للمسلحين»، نافية أن تكون هناك أي عملية تسلّل ضخمة في الفترة الماضية، مقرّة في الوقت نفسه بـ«نجاح عمليات تسلل فردية، تأخذ طابع انتقال غير شرعي بين ضفتي الحدود».