اميركا والجولان..خيط ممتد من الربيع العربي الى التطبيع

    العالم-قضية اليوم/ حسين الموسوي

    لم يكن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة الكيان الاسرائيلي على الجولان السوري المحتل الاول من نوعه.. ولن يكون الاخير.. فما دفع باتجاه هذا القرار هو نفسه سيدفع باتجاه قرارات جديدة.

    فقبل قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب حول الجولان، كانت قرارات خطرة عديدة، ابرزها الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال. اضافة الى قرار نقل السفارة الاميركية لدى كيان الاحتلال الى القدس المحتلة، وما بينهما من قرارات تتعلق بوقف تمويل وكالة الاونروا وقطع المساعدات للفلسطينيين..

    والى جانب العامل والدافع الابرز لهذه القرارات (اي الدفاع المستميت لترامب وادارته عن كيان الاحتلال واستعداده لمعاداة العالم من اجل بنيامين نتنياهو)، عامل اخر له اهميته ودوره المحوري في وصول التعاطي الاميركي مع القضية الفلسطينية والقضايا العربية الى هذا المستوى.

    يرجع تاريخ بروز هذا العامل والذي يمكن تسميته “بالعامل العربي” الى بداية ما يعرف بالربيع العربي. فما قبل هذا الربيع المزيف كانت الانظمة العربية تعاني جدا لتمرير اية فكرة تتعلق بالكيان الاسرائيلي في الشارع. وكان اي مسؤول عربي اذا اراد على سبيل المثال زيارة كيان الاحتلال او لقاء مسؤولين فيه كان يفعل ذلك بسرية تامة لان من شأن انكشافه أن يفجر ازمة هو بغنى عنها.

    اما مع حلول الربيع العربي المزيف، كانت الفرصة مناسبة لادارة “الثورات” التي شهدتها دول عربية بما يخدم مشروع التطبيع مع كيان الاحتلال. والربيع العربي خدم هذا المشروع على عدة صعد.

    اولا: كان السجل السيء للرؤساء العرب الذين اطاح بهم الربيع العربي عاملا مهما سهّل عملية تحريك الشارع بشكل لا تشعر شعوب تلك الدول بانها مسيرة باتجاه معد مسبقا. وبالتالي كل ما كان مطلوبا الترويج الاعلامي وفي مواقع التواصل بشكل يسير معه الشارع باتجاه التغيير بغض النظر عن المنظومة التي ستأتي بعد الاطاحة بالمنظومة الحالية.

    ثانيا: علامات استفهام تطرح حول فترة ما بعد الاطاحة بالرؤساء في تلك الدول والتي كانت مطلبا شعبيا بغض النظرعن تحويره فيما بعد. فقد شهدت الساحة الداخلية في تلك الدول ركوب اطراف واحزاب موجة التغيير بعدما كانت غائبة تماما عن تحرك الشارع وتضحياته. اضافة الى ظهور اسماء بدون اي مقدمات على الساحة الشاغرة التي بحاجة لملئها في ظل عدم وجود خطة لادارة تلك البلاد من قبل من اعتبروا انفسهم قادة للثورة والحراك الشعبي.

    الى جانب ذلك كانت هناك غرفة عمليات تدير التحرك في الشارع او بمعنى أدق تدير عملية استغلال ما يحصل في الشارع لصالح اجندة تمتد لتصل الى ترويج مشروع التطبيع في جزء منها. ولا يحتاج الامر الا لمتابعة تحركات الصهيوني الفرنسي الاسرائيلي برنارد ليفي خلال وبعد ثورات الربيع العربي لفهم خطورة وعمق المشروع المراد تنفيذه.

    ثالثا: تساؤل مهم يطرح نفسه في ظل كل ذلك، هو كيف امتدت نار الربيع العربي بسرعة قياسية بين الدول التي حصل فيها ولم يصل الى دول كانت هي الاولى بالتغيير او الاولى بوصول نار هذا الربيع اليها كونها تفتقر لكثير من مقومات الديمقراطية والمؤسساتية. وهذه الدول “للمصادفة” دعمت عملية تحوير نتائج الربيع العربي وتثبيت واقع جديد هو بكل بساطة نهج ما قبل الربيع العربي لكن بوجوه واسماء جديدة.. وبكل تاكيد اجندة جديدة تخدم بشكل واضح عملية التطبيع لان الاسماء القديمة استهلكت ولم تكن قادرة على تمرير مشروع التطبيع.. فكان لا بد من اعادة برمجة الشارع العربي بانه حقق انجازا كبيرا عبر الاطاحة بتلك الاسماء ليلتهي باعادة الامور الى حالة الاستقرار وينشغل عن عملية تدشين الطريق الجديد الذي يوصل الى التطبيع…

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة