قاسم العجرش
منذ أن أحتل الصهاينة فلسطين، وأسسوا على أرضها كيانهم اللقيط الذي أسموه إسرائيل، كانت الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرسمي لهذا الكيان، خلافا للمباديء التي تنادي بها الدولة الأمريكية، والتي صدعت رؤوس البشرية بها، عن الحرية والديمقراطية والعدالة، وهي مفارقة تستدعي البحث والتأمل، لتفكيك هذا التناقض الظاهري.
الحقيقة أنه ليس ثمة من تناقض إبدا، فوجود إسرائيل وإنشائها، مرتبط بالأسباب التي أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها!
يمكن ان نفسر العلاقة بين امريكا المسيحية واسرائيل اليهودية، ونضعها في سياقها التأؤريخي ونصابها المنطقي، مع العرض أن اليهود ووفقا للرواية الانجيلية؛ كانوا السبب وراء الالام وصلب وتعذيب سيدنا المسيح “ع”، والسيد اليسوع بحسب التاريخ اليهودي، لا يعدو أن يكون دجال تمت معاقبته من قبل بني اسرائيل، والديانة المسيحية زاخرة بالنصوص التي تتحدث عن هذه الجريمة، ومنها قول بولس: ” اليهود الذين قتلوا الرب يسوع، وأنبياءهم، واضطهدونا نحن” ( تسالونيكي (1) 2/15).
وقد ذكرت الأناجيل دورهم الواضح في هذه الجريمة، فهم الذين تآمر رؤساء كهنتهم، وهم الذين قدموا الرشوة ليهوذا، وأصروا وأصرت جموعهم على صلب المسيح، رغم براءته التي ظهرت لبيلاطس؛ الذي قبل نصيحة زوجته، فتبرأ من دم هذا البار.
في القرن العشرين، وقع بابا الفاتيكان يوحنا الثالث والعشرون، على وثيقة تبرئة اليهود من دم السيد المسيح”ع”، لتصبح وثيقة مسيحية رسمية، كما ذكر البابا بنديكت السادس عشر، فى كتاب البابوية “يسوع الناصرى”، “إن الكتاب هو رسالة لكل العالم من أجل تأكيد أن اليهود براء من دم المسيح”؛ فلماذا تمت تبرئة اليهود من دم المسيح، بعد الفي سنة على إرتكاب الجريمة؟!
القصة مرتبطة بنبؤة الهارمجدون (جبل المجد)، وهي النبوءة التي تؤمن بها الطائفة التدبيرية (الانجيلية)، والتي ينتمي اليها ملايين المسيحيي،ن في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنهم غالبية الرؤساء الأمريكان السابقين.
خلاصة عقيدة الهارمجدون؛ تتلخص بان حربا عالمية ستندلع، قبل العودة الثانية لسيد المسيح”ع”، وان هذه الحرب هي اهم علامات نزوله الثاني، ساحة هذه الحرب هي تل المجد، الواقع في ارض فلسطين المحتلة، وان اطراف هذه الحرب؛ هم اليهود وقوى عظمى قادمة من الشرق، وان المسيح”ع” سينزل مع نهاية هذه الحرب، وسيخير اليهود الناجين من الحرب؛ ما بين الايمان به او القتل والهلاك، ولكي تتحقق هذه النبؤة يجب ان يتم تجميع كل يهود العالم في فلسطين!
ينظر الانجيليون الى “اسرائيل”؛ كاحد علامات ظهور المُخَلِص، وان مهمتهم الاساسية الإيمانية؛ تفرض عليهم الحفاظ على “اسرائيل” ودعمها وتشجيع الهجرة اليهودية الى ارض فلسطين، حتى وقوع تلك الحرب المدمرة، ولذلك فإن المنظمات المسيحية الامريكية، تدفع المليارات سنويا لدعم الهجرة الى “اسرائيل”، فضلا عن دعم امريكي حكومي ثابت لحماية “اسرائيل”.
النبؤة الانجيلية التي يعرفها اليهود جيدا؛ تثير سخريتهم، لكنهم وجدوا أنها مفيدة جدا لهم، لذلك فهم يعتاشون على اقناع الجمهور المسيحي بهذه العقيدة، لانه ضمان لبقائهم ولإستمرار الدعم الغربي لهم، وفي نفس الوقت يخشى الاسرائيليون؛ من الانخراط المبالغ به في هذه العقيدة، من قبل الطوائف التدبيرية في امريكا واوروبا، اذ ان التدبيرية في احد خصوصياتها، تتضمن السعي لتدبير علامات نزول المسيح، وتطبيقها على ارض الواقع!
كلام قبل السلام: ما تقدم يفسر ظهور الجماعات الدينية المنحرفة في العراق، تزامنا مع الإحتلال الأمريكي عام 2003، ترى هذه الجماعات، أن خروج “الإمام المهدي”، لن يتم إلا بعد أن يعمّ الفساد في الأرض، وبناء على ذلك؛ فمن الضروري إشاعة الفساد بين عامة الناس، من أجل الإسراع والمساهمة؛ في خروج “الإمام المهدي”، الذي سيظهر معه السيد المسيح..!