أين يكمن مجدك الشخصي؟!

    هادي جلو مرعي

    يتسرع الناس في البحث عن مجدهم الشخصي فيرتكبون الحماقات وقد يحددون مستقبلهم بغلطة لايمكن التراجع عنها لاحقا، ومن كان محظوظا وتمكن من التراجع فهذا على حظ عظيم.

    حين يبدأ الإنسان مسيرته في الحياة، ويصل الى مرحلة متقدمة من التفكير، ويعي الأشياء من حوله، ويكون سويا وبالغا وعاقلا يقرر أنه بحاجة الى تحقيق الذات والإمكانات، وأن عليه أن لايتأخر في تحقيق ذلك، ويترتب على وجوده رغبة في ضمان حياة حرة كريمة يراها كثيرون لاتتحقق إلا من خلال جملة تجارب منتجة ومادية بحتة دون الإلتفات الى واقع الحياة والمنافسة والحقد والغيرة والحسد، وهذا غير صحيح فالمعايير التي وضعها الرب لمسير الإنسان في الحياة تعتمد مبدأ الصح والخطأ، ومطلوب منه أن لايخطأ، أو أن يعود عن الخطأ بسرعة، ويتوب لكي يكون مثاليا، لكننا نجد أن التسرع في تحقيق المكاسب يفقد الإنسان توازنه، ويدفعه لممارسة أفعال خاطئة  قد تسبب له المشاكل، ومنهم من يتوجه الى مكامن الفساد محاولا تحقيق الفوائد الممكنة دون خشية من قانون ولارقيب.

    أفرزت مرحلة مابعد التغيير  مجموعات بشرية محرومة ومنقطعة عن تحقيق الذات والإمكانات، وحاولت صناعة ذلك بطرق ملتوية ومخالفة للقانون، وظهرت أعداد كبيرة من الفاسدين والمفسدين الذين إستغلوا الفوضى، وغياب القانون وتغييبه، وعدم تفعيله في المرور من المصدات لكسب المال الحرام، وبسرعة قياسية، وهناك كثر ممن كانوا متدينين وشرفاء وصادقين وأتقياء ومتعبدين وطبعهم النزاهة والإخلاص تحولوا الى مجرد تافهين وحرامية، وأصحاب أموال ليست كافية بالطبع لتجعل منهم سادة المجتمع وشرفاءه. فالشرف لاتصنعه الأموال، بل عوامل مختلفة منها المال الحلال والسيادة النفسية والخلق القويم والكرم والأصل الطيب والبيئة الصالحة والثقافة والحكمة والوعي بالأشياء.

    هذا الجيل من الفاسدين يسيطر اليوم على العراق، وفي مجالات مختلفة، ودون إستثناء، وله القدرة على التحكم بمجريات الأمور وتوجيهها، عدا عن المهارة في تجييش الجيوش وصناعة المبررات، وخلق الأعذار والتنكيل بالمعترضين، وتحويل الصالح الى طالح والطالح الى صالح، والوضيع الى شريف، والعبد الى سيد، والوسخ الى نظيف مع ماتوفر لهولاء من إمكانيات مالية وإعلامية وسلطوية تجعلهم في منأى عن العقاب، بل على أيديهم بنيت دولة الفساد وماتزال قائمة.

    المجد الشخصي تصنعه الأخلاق الحميدة والشرف والنزاهة، وعدم مد اليد الى المال الحرام، وماأكثر الأيادي الممدودة إلى المال الحرام في العراق الجديد.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة