تقرير .. عدوية الهلالي …في اي مجتمع في العالم ، يوصف الشباب بأنهم المحرك الاساس للتغيير والتطور ، والشباب في العراق ليسوا استثناء وهم قادرون على احداث التغيير ، ولهذا كان تواجدهم في ساحات التظاهر طاغيا لأنهم لم يجدوا مايحقق لهم حياة كريمة في وطن يعرف عنه بأنه من أغنى دول العالم ..كيف صمد الشباب منذ اكثر من شهرين على الرغم من كل العراقيل التي اعترضت التظاهرات ومن اين يستمدون قوتهم واصرارهم على تحقيق مطالبهم ؟..
يقول احد المتظاهرين السلميين ردا على مايواجهونه من قمع ومحاولات لتشويه انتفاضتهم :” ان الفكرة لاتقتل برصاصة او سكين ، بل يمكن مواجهتها بفكرة مقنعة للشباب، فهم لايريدون سوى حقهم في الحصول على وطن وكرامة وهم يستحقون الحياة اكثر ممن سلبهم الشعور بها “، مؤكدا :” ان سلاح المتظاهرين الوحيد هو السلمية والوعي ولن يتخلوا عنه مطلقا “.
ويقول الناشط المدني والمدون بهاء مؤيد :” ان مواقع التواصل الاجتماعي اسهمت الى حد كبير في توحيد جهود الناشطين وتطوير وعيهم واتفاقهم على فكرة واحدة ، فضلا عن معرفتهم بما يدور في العالم . وهذا منحهم ثقافة ربما لم يحصلوا عليها من الجامعات ، بل من تقاسمهم المعاناة والظروف الصعبة التي يعيشها الشباب المتعلم والبسيط معا “.
ويؤكد الكاتب اياد الامارة ذلك بقوله :” اننا لانملك احصائيات علمية عن مستوى ثقافة الشباب او ميولهم وطموحاتهم ، ونفتقد في العراق للمشاريع الشبابية في الوقت الذي يشكل فيه الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل ..لقد تركنا شبابنا لتستهلكه مواقع التواصل الاجتماعي والمماحكات السياسية والدينية والبطالة ..تركناه يضيع وسط امية تفتك به ومؤامرات كثيرة تفسد عليه حاضره وتقتل مستقبله ..
ودعا الامارة الوزارات المعنية الى الاهتمام بالشباب والى تبني مشروع وطني ينقذهم وينقذ مستقبل العراق من الضياع ..
من ناحيته ، يرى المستشار والناطق الرسمي السابق للقوات المسلحة العميد ضياء الوكيل :” ان جيل الشباب ادرك بذكائه وفطرته الخام ان الحكومات المتعاقبة بلا برامج وافكار ، والاحزاب مشغولة عنه بالمكاسب والبحث عن السلطة ، وانه محاصر بين ماض لايريد ان يذهب وحاضر محفوف بالخيبات ومستقبل مجهول لازال في مرحلة المخاض ” ، مشيرا الى :” ان جيل الشباب لايريد ان يقع في خطايا الآباء ، فهو لايعترف بالخطوط الحمراء التي استسلموا لها ولايخشى التهديد ولايخاف من الرصاص والقمع ، ويتحدى بسلميته السلاح والموت الرخيص ، فقد سئم الانتظار وخرج متظاهرا ورافضا الواقع السياسي ومتطلعا الى الاصلاح والى صناعة وبناء غد أفضل يلبي مطالبه المشروعة في العيش بكرامة وتعايش سلمي وعدالة اجتماعية ومواكبة التطور الحضاري ..انه جيل يستحق الحياة والغد الافضل والمستقبل الكريم “.
أما الكاتب علي الطالقاني فيفسر ثورة الشباب بقوله :” ان الشباب باتوا اكثر جرأة من بقية افراد العائلة ومافي داخلهم يختلف عن سلطة الآباء ذوي التفكير الكلاسيكي الذي يخضع للخوف من المستقبل ، وهذا التحول داخل الشعب العراقي لم يكن تاريخيا بهذا المستوى ، بل كانت السمة الغالبة لدعم السلطة تاريخيا تاتي من خضوع العائلات للانظمة الحاكمة ، لكننا اليوم نرى وعيا بمعارضة السلطة قل نظيره ، لهذا يخشى على الشباب من التفاف سياسي او تراجع الوعي المتنامي في معرفة مخاطر الماضي وعدم تكراره “.
ويلخص الكاتب حسين فوزي ماحدث بقوله :” ان انتفاضة 2019 بدأت بالتحاق اصغر الاجيال مابين 16 و25 عاما الى جانب اشقائهم الاكبر عمرا ، وتحركهم محكوم بالبحث عن فرصة حياة لائقة في الوطن ،وهو مطلب مشروع بالاخص عندما تكون ملاكات الدولة ، ممن يفترض انهم بموجب الدستور والقانون ( خدام الشعب) ، يعيشون في ابراج عاجية فيما الشبان في الشوارع يبيعون قناني الماء والسكائر من اجل توفير رغيف الخبز ، وهو ما اجج السخط الجماهيري ضد الطبقة الحاكمة التي لم تستطع ان تكسبهم الى صالحها بدليل ، عدم قدرتها على اخراج تظاهرات مضادة مؤيدة لها “.
وترى الكاتبة عالية طالب :” ان الشباب يجيدون استخدام الاسلوب العام والشخصي في تأكيد حضورهم ،وهو ما افرزته الايام الماضية التي استطاعوا فيها تغيير حياتهم من خلال الابداع والافكار الفنية وتطوير قيم خاصة بهم واتخاذ قراراتهم بشكل مستقل ..وهو ما اجبر الاجيال السابقة للاشتراك معهم في مزج الاصوات دون الاعلان الصريح عن تلكؤهم في زمن ما عن احداث بصمتهم الخاصة في واقع الازمات ، لاسباب اخرى مختلفة تماما عن الواقع المجتمعي الحالي الذي يعيشه العراق ، بعد ان تعرض النظام السياسي للتغيير متحولا الى مساحة جيدة من الحرية واستخدام حق التعبير الذي يكفله الدستور وتوافر وسائل التواصل الالكترونية وحرية الاعلام القادر على التدخل السريع ، شأنه شأن القوات الامنية ،وبما يمكنهم من ايصال صوتهم للفضاء الخارجي واحداث متغير في الرأي العام ، وهو ماكان مستحيلا سابقا ومعوقا اساسيا في رفض الاستلاب والعنجهية والتسلط ، ومع كل هذا انبثقت الانتفاضة بكل قوتها وتأثيراتها التي استمرت بالنموعلى الرغم من قمعها “.
منذ اكثر من اربعة عقود ، يواجه الشباب اهمالا متعمدا ، ففي زمن النظام السابق كان يخشى من تنشيط الشباب لان فيه خطرا على السلطة ، اما الحكومات الحالية فلاتريد توجهات بعيدة عن توجهاتها ، لاجل هذا سعى الشباب بوعي وتحمل للمسؤولية ليحاول صنع الحياة بعد ان انفتح على العالم ،لانهم سيكونون وراء بناء الوطن وازدهاره .. فيما لو توفرت لهم الفرص المناسبة .