ملف النزوح ..متى يمكن اغلاقه نهائيا ؟ البعض يستغل قضية النازحين لاغراض انتخابية

    تقرير، عدوية الهلالي..

    في تقرير اعدته مقررة منظمة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الانسان للنازحين قبل شهرين ،تم تسليط الضوء على مستوى الحرمان الذي يعيشه الاطفال النازحون داخل وخارج المخيمات والسبب هو العجز عن الالتحاق بالتعليم بسبب الافتقار الى الوثائق الثبوتية الشخصية أو الاضطرار الى العمل ، وهو مايقود الى ظهور جيل من الأطفال المهمشين في المجتمع ..

    مؤخرا ، اعلنت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عن اعتزامها اعادة جميع النازحين الى ديارهم مع نهاية عام 2020 ، وبدأت وزيرة الهجرة والمهجرين ايفان فائق جابرو بالاعلان عن القيام بخطوات جدية لمساعدة النازحين على العودة الى مناطقهم ، فهل يمكن تنفيذ ذلك بشكل كامل لاغلاق ملف النزوح نهائيا أم لاتزال هنالك عوائق عديدة امام العودة النهائية ؟..

    عائدون ..ولكن

    يواجه مروان حميد من منطقة الكرمة ظروفا صعبة بعد ان وجد منزله مهدما تماما ولم يجد سيارته التي تركها عند خروجه مع عائلته هاربا من بطش داعش ..كان قد استقر خلال فترة نزوحه مع عائلته كبيرة العدد في منزل متهالك مكون من حجرتين وعمل فلاحا في المنازل لتدبير لقمة عيشه ..ويقول مروان انه اضطر الى العودة ليتخلص من الايجار ويعاود زراعة ارضه على امل ان يحصل على تعويض من الحكومة يرمم به منزله لكنه لم يستلم شيئا حتى الآن ، مادفعه الى الاستدانة وترميم حجرتين مع استخدام الكارفان الذي استلمه من منظمة دولية كمرافق صحية وحمام ..ومع كل تلك الصعوبات ، اضطر مروان الى العمل في بيع الخضر في العاصمة مستعينا بولديه الكبيرين لغرض مساعدته بعد ان غادرا مقاعد الدراسة ..

    ويشكو خالد جليل الذي نزح من احدى قرى محافظة صلاح الدين من عدم اهتمام الحكومة بتعويض الاهالي العائدين الى منازلهم فاغلبهم لم يستلم المنحة الحكومية كما ان اراضيهم الزراعية تحتاج الى الكثير من الجهد والمال لتعود صالحة للزراعة ، اما منازلهم فمعظمها مدمر وأبواب رزقهم باتت شحيحة خاصة في زمن كورونا والحظر الصحي وعوائلهم كبيرة العدد لذا فهم عاجزون تماما عن استعادة حياتهم السابقة ويعانون باستمرار من امراض اطفالهم لعدم قدرة انقاض منازلهم على حمايتهم من الحر والبرد والمطر..

    عوائق متنوعة

    ويرى المحلل السياسي أحمد الجميلي ان هنالك اكثر من مليون نازح لازلوا خارج مناطقهم بعد مرور أكثرمن ثلاث سنوات على خروج داعش منها كما ان نصفهم تقريبا لازالوا في مخيمات بائسة على الرغم من تصريحات الحكومات المتعاقبة بضرورة اعادتهم الى مناطقهم ، مشيرا الى وجود اسباب عديدة تعوق ذلك منها ماهو اقتصادي بسبب تدمير مناطقهم وانعدام فرص العمل ، ومنها ماهو اجتماعي بسبب عدم تقبل العوائل التي كان لافرادها علاقة بتنظيم داعش وصعوبة الاندماج المجتمعي معهم ، وهنالك اسباب امنية كالخوف من تسلل داعش او سيطرة فصائل مسلحة على بعض المناطق واستغلالها وابعاد سكانها عنها عمدا ..

    من ناحيته ، يرى الدكتور صلاح ابراهيم / المتخصص في علم الاجتماع ان من الممكن حل المشاكل الأمنية والخدمية والاقتصادية اما المشاكل الاجتماعية مثل عدم التعايش مع العوائل التي انتمى بعض من افرادها الى داعش والخلافات العشائرية الكبيرة والمطالبة بالثأر فضلا عن الاختلاف بين الطوائف والقوميات وتغير ديموغرافية المناطق فهي من المشاكل التي يصعب حلها مالم تسارع الحكومة الى تشكيل لجان مصالحة وطنية كبيرة تكون مهمتها التقريب بين وجهات النظر مع الاستعانة بالنواب المنحدرين من تلك المناطق ورجال الدين والقوات الأمنية لتأمين المناطق للعوائل النازحة مع فرز العناصر التي عملت مع داعش لمحاسبتها ..

    ويرى الناشط في مجال حقوق الانسان سامي فيصل ان القضية سياسية وليست اجتماعية فقط فهنالك مشاكل عشائرية بين المكونات ،وبعض الكتل السياسية لاترغب بعودة النازحين بعد الاستيلاء على مناطقهم واستغلالها فضلا عن استغلال الاموال المخصصة لاعمار مناطقهم وتاهيلهم ..ويشير فيصل الى نقطة مهمة وهي استغلال قضية النازحين لأغراض انتخابية وهو الشيء ذاته الذي تفعله اغلب المنظمات معهم اذ تعتاش على معاناتهم خاصة بعد تفشي مرض كورونا وتزايد متاعبهم لأن هذا المرض يتطلب عزل المريض وهذا يتعارض بالتأكيد مع وضع النازحين ..

    وكانت مفوضية حقوق الانسان قد اطلقت نداء اغاثة انساني تدعو فيه الحكومة للتدخل لاعادة النازحين الى مناطقهم بشكل طوعي ، وقال عضو مفوضية الانسان الدكتور فاضل الغراوي ان اوضاع النازحين أصبحت مأساوية في ظل النقص الحاد في متطلبات المعيشة ونقص مواد الاغاثة واصابة عدد منهم بفايروس كورونا وتردي اوضاعهم الصحية بسبب انتشار الامراض المزمنة والجلدية واضطرار الاطفال للعمل والعيش في الخيام ..

    وباتت الحاجة ملحة اذن الى معالجة ملف النزوح وانهاء معاناة النازحين الانسانية عن طريق التدخل الحكومي لحل الصعوبات الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تحول دون عودتهم – كما يرى الناشط الحقوقي قحطان السعدي – مشيرا الى ضرورة تخصيص راتب للنازحين او تسليمهم منحة النزوح او تعويضات تدمير ممتلكاتهم وفقدان ابنائهم ، ويجب العمل الجاد على عودتهم لمناطقهم وإنهاء معاناتهم،كما ينبغي على الأمم المتحدة أن تؤدي واجبها في إطلاق مشروع عودة النازحين وتعليم الأطفال لإيقاف هذه الجريمة الإنسانية وتداعياتها الخطيرة”.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة