يناقش مقال في مجلة “نيوزويك” الأميركية، للصحافي المتخصص بالدفاع، دانيال ديبتريس، وهو كاتب عمود مختص بالشؤون الخارجية في صحيفة “شيكاغو تريبيون”، مسألةَ المفاوضات النووية الغربية مع إيران وتعثّرها، ويتحدث عن ضِيق الخيارات الأميركية في هذا الإطار.
يؤكد المقال أنّ “الإيرانيين لا يبدون قلقين من دخول المفاوضات في غيبوبة، إذ استعادت الحكومة الإيرانية بعض مبيعات النفط الخام، كما أفاد صندوق النقد الدولي بأنّ صادرات النفط الإيراني تضاعفت منذ عام 2020”.
وأوضح المقال أنّ “كثيراً من هذا النفط يذهب إلى الصين؛ الدولة التي تعارض محاولات واشنطن إقناع الدول الأخرى بالسير في حملة الضغط الأميركية ضد إيران. وبالتوازي، فإنّ العمل النووي الإيراني مستمرّ على قدم وساق”.
وقدّر أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية إجمالي مخزون طهران من اليورانيوم المخصّب بـ 3673.7 كيلوغراماً، أي أكثر بـ 12 مرة مما تسمح به خطة العمل الشاملة المشتركة.
ويقوم الإيرانيون الآن بالتخصيب بنسبة 60% في منشأة “فوردو”، وهي “خطوة تقنية قصيرة بعيداً عن الوقود المستخدم في صنع القنابل”.
وكان وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى شبكة المصانع الإيرانية ومواقع التخصيب ومنشآت تصنيع أجهزة الطرد المركزي محدوداً منذ أن أزال الإيرانيون بعض كاميراتهم، رداً على قرار الرقابة الأخير، والذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هل الخيار العسكري الأميركي ضدّ إيران منطقي؟
وأشار المقال إلى أنّ “الولايات المتحدة لديها خيارات محدودة الآن، بعد أن تعثرت الدبلوماسية”، معتبراً أنّ “إدارة بايدن باتت تكرر، مثل الإدارات السابقة، تصريحاتها بأنها لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ولا يتطلب الأمر الكثير من الخيال لفهم ما يعنيه البيت الأبيض هنا، وهو أنه سيقصف البنية التحتية النووية لإيران إذا لزم الأمر”.
لكنّ الكاتب يلفت إلى أنّ الواقع مغاير للتصريحات، فـ”العمل العسكري محفوف بالمخاطر، إذ يوجد سبب وراء إحجام عدد من الإدارات الأميركية عن تنفيذ عملية ما ضد إيران، أو المساعدة على تنفيذها. فعندما يزن المرء الإيجابيات والسلبيات، يجد أنّ استخدام القوة لا يستحقّ كلّ هذا العناء الذي سينتج منه”.
ويقول الكاتب إنّ “إيجابيات الحملة الجوية الافتراضية واضحة”. وعلى رغم امتلاك الولايات المتحدة قدرات تدميرية هائلة، فإن سلبيات الضربة العسكرية كبيرة”.
وأوضح مقال “نيوزويك” أن “من المحتمل جداً أن تكون القيادة السياسية الإيرانية أكثر تصميماً على بناء قدرة نووية بعد الضربة أكثر مما هي عليه اليوم”، كاشفاً أنه “بحسب تقييم مجتمع الاستخبارات الأميركية في عام 2007، فإنّ طهران تسترشد بشأن قراراتها بنهج التكلفة والعائد، بدلاً من الاندفاع نحو امتلاك سلاح (نووي) بغضّ النظر عن التكاليف السياسية والاقتصادية والعسكرية”.
منطق التكلفة والعائد والعقلانية الإيرانية
وفي الوقت الحالي، فإنّ “منطق التكلفة والعائد هو في مصلحة الابتعاد عن القنبلة (النووية)، لأنّ آخر ما يريده الإيرانيون هو الانتشار النووي في المنطقة، والمزيد من العزلة في علاقاتهم الخارجية، وخطر أن تدير الصين، أكبر مستهلك للطاقة، ظهرها للنفط الإيراني”، بحسب المقال.
لكنّ “تحليل التكلفة والعائد، بالنسبة إلى الإيرانيين، سيتغيّر بصورة ملحوظة في اليوم التالي لأي ضربة عسكرية أميركية مفترضة، لأنّ القيادة الإيرانية سيكون لديها الآن حافز على فعل كل ما في وسعها لحماية أمنها”.
ويشير المقال إلى أنّ “الردّ العسكري الإيراني الحتمي، والذي قد يحدث بعد الضربة الأميركية المفترضة، سيأتي بنتائج عكسية بصورة مذهلة على الولايات المتحدة، كما سيعطي دفعة شعبية للنظام ذاته، الذي كانت واشنطن تأمل إضعافه اليوم”.
وختم الكاتب لافتاً إلى أنّه “بخصوص احتمالات الردّ الإيراني على أي ضربة محتملة، فإنّ شبكة القواعد الأميركية في الشرق الأوسط تمنح طهران عدداً كبيراً من الخيارات”، مؤكداً أنّ “الدبلوماسية ميتة في الوقت الحالي، ويتعين على الولايات المتحدة وإيران أن تسألا نفسيهما ما إذا كان الوضع الحالي مستداماً”.