تقارير أجنبية: غياب الصدر يعجل بتفكك الاطار التنسيقي و”تحول كبير” في الموقف الداخلي السياسي من الدور الأمريكي

    ما تزال التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حول موقفه من بقاء القوات الامريكية في العراق تثير اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية ومراكز التحليل، التي أعدته “انقلابا” غير مسبوق في التاريخ السياسي لأحزاب الإطار التنسيقي الذي اتى السوداني عن طريقها بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية العام الماضي، وتشكيل الحكومة الحالية عبر الإطار. تلك التصريحات، وتوقف أحزاب الاطار التنسيقي وخصوصا “بعض شخصياته” عن مهاجمة الولايات المتحدة بشكل مباشر من خلال التصريحات الإعلامية، بينت وسائل الإعلام الأجنبية انه يشير نحو “تحول كبير” في الموقف الداخلي السياسي من الدور الأمريكي في العراق بالتزامن مع سعيهم المستمر للمحافظة على “علاقات متوازنة” مع الجانب الإيراني.  لكن تلك التوجهات، تركت تأثيرها السلبي والواسع على أكبر التجمعات السياسية في النظام الحالي، الإطار التنسيقي، الذي بات يعاني من “انقسامات داخلية” وخلافات تنشب بين الأحزاب والشخصيات المسؤولة المختلفة التوجه والاهداف داخله، والتي باتت تهدد كيان الاطار بــ “التفكك” بعد فقدانهم الأمر الوحيد الذي كان يوحدهم سابقا، بحسب ما كشفت عنه المونيتر في تقرير نشرته في الثالث عشر من أغسطس الماضي.  التهديدات التي يواجهها الاطار، تعاظمت بسبب الموقف الحكومي الرسمي وغير الرسمي، من الوجود الأمريكي في العراق، والذي كشف عن “تصريحات سرية تذكر خلف الأبواب المغلقة” فيما يتعلق بوجودها، استمرارها، او طبيعة العلاقة التي ترغب الحكومة العراقية تحت إدارة السوداني بأن تحظى بها مع الولايات المتحدة، بوجود معارضة من بعض أحزاب الاطار التنسيقي، وتجاهل من قبل أخرى، بسحب ما كشفت عنه الفورين بوليسي الامريكية.    ما هو الإطار التنسيقي.. وما الذي يوحده ويقود الى “تفككه”  ليس حزبا، ولا تحالفا سياسيا، لا يمتلك مقرا رسميا، ويعقد اجتماعاته الأسبوعية بشكل منفصل وفي مواقع متعددة بالاتفاق بين اعضاءه، هذا ما وصفت به “المونيتور” الأحزاب السياسية تحت الإطار التنسيقي، مؤكدة انه “مظلة سياسية تجمع الأحزاب الشيعية لتحقيق سياسية موضوعة مسبقا”، هذه الطبيعة بحسب الشبكة، تركت الإطار متنوع التوجهات، والأهداف السياسية، وحتى الرغبات والمواقف بين الشخصيات الرئيسية وأعضائه من الأحزاب.  تباين المواقف والاراء وحتى “الخلافات الشخصية” بين أطراف الإطار التنسيقي، مؤكدة، ان الجزء الأكبر من المشاكل التي يواجهها الإطار كمظلة سياسية موحدة للأحزاب الشيعية، تعود الى “المنافسة” بين أعضائه للحصول على المناصب والتكليفات الحكومية المغرية، بحسب وصفها، مشيرة الى بعض تلك الخلافات.  بداية تلك الخلافات والتنافسات انطلقت عام 2019، بعد تبادل التهديدات بين تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وعصائب اهل الحق بإدارة قيس الخزعلي، والتي تبعتها خلافات أخرى، كان ابرزها بحسب الشبكة، الخلافات بين الأمين العام لحزب الدعوة نوري المالكي، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، حيث أوضحت ان المالكي يرى بأن العبادي قام “بالحصول على منصب من حق المالكي عبر الخداع”. الخلافات الأخرى، تنبع أيضا من التقاربات السياسية التي تحظى بها تلك الأحزاب مع جهات متعددة، مؤكدة، ان العامري، الخزعلي وفالح الفياض، يحظون بعلاقة إيجابية مع طهران، وخصوصا قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قأاني، فيما تتخذ بقية اطراف الاطار، علاقات متباينة بين الجانبين الأمريكي والإيراني، بناء على المتغيرات السياسية.  اما فيما يتعلق بالأساس لوحدة الاطار التنسيقي، فقد قالت الشبكة، إن السبب الوحيد لتوحيد تلك الأحزاب تحت مظلة الإطار التنسيقي، هو “التنافس مع الصدر”، مؤكدة، ان الخطر الذي مثله الصدر على الأحزاب الشيعية الأخرى ومحاولته اقصائها من السلطة عبر حكومة الغالبية السياسية التي حاول تمريرها، دفعت الأحزاب الشيعية متباينة التوجهات والأهداف، الى توحيد جهودها ضده، تحت مظلة الإطار التنسيقي. تلك الوحدة لم تعد ممكنة بشكلها الكامل عقب انسحاب الصدر من العملية السياسية وخروجه المفاجئ العام الماضي، حيث فقد الإطار التنسيقي بحسب الشبكة، السبب الأساسي لتوحد أعضائه ضمنه، الأمر الذي لم يغفل الصدر عن استغلاله لصالحه، من خلال ترك الخلافات السياسية داخل الإطار التنسيقي تتعاظم في الفترة الأخيرة، مرجحة ان يسعى الصدر الى البقاء خارج السلطة، حتى تيقنه من انهيار الإطار بشكل كامل، قبل ان يعود مرة أخرى الى الساحة السياسية العراقية، الأمر الذي باتت بوادره تظهر الان مع تحركات الصدر السياسية الجديدة، وبحسب ما بينت المطلع في تقرير سابق.  الشبكة شددت في ختام تقريرها، على ان الاطار التنسيقي وبغياب الصدر، بات يواجه الآن “خطر التفكك السريع” بسبب الخلافات الكبيرة بين اعضاءه، والتي وصلت الى اطلاق الاتهامات والعمل على تقليل نفوذ المتنافسين داخل الحكومة العراقية ذاتها، والتي كان لها حصة أيضا في الدفع نحو تشقق الإطار التنسيقي.    حكومة السوداني “تميل أمريكيا”.. هذا ما يقال “خلف الأبواب المغلقة” التشقق داخل الاطار التنسيقي تعاظم مع الموقف الرسمي الذي اعلنه رئيس الوزراء محمد السوداني، والذي اكد خلاله رغبته بـ “بقاء القوات الامريكية في العراق لحاجة البلاد إليها”، بحسب تصريحات للوال ستريت جورنال منتصف الشهر الماضي، تلك التصريحات، أثارت اهتمام وسائل الاعلام الأجنبية ومنها الفورين بوليسي، والتي كشفت في تقرير نشرته في الرابع عشر من الشهر الماضي، أنها تشير لوجود “تغير سريع في بغداد يميل صوب واشنطن ومستمر بالتعاظم خلال السنوات الأخيرة”.  الفورين بولسي، كشفت عن مسؤولين أمريكيين لم يكشفوا عن أسمائهم، إن حكومة السوداني، والحكومة التي سبقتها، كانت “متحمسة جدا” لابقاء القوات الامريكية في العراق، معلنة نقلا عنهم “في كل مرة تغلق فيها الأبواب، كانت السلطات والمسؤولين العراقيين يؤكدون لنا انهم يدعمون بقائنا في العراق بنسبة مئة بالمئة، مشددين لنا ان بقاء القوات الامريكية ضروري ليس فقط لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي في حال عاود نشاطه من جديد، ولكن لمجابهة النفوذ الإيراني على السلطة في بغداد”، بحسب قولهم.  المسؤولين اكدوا أيضا، ان تصريحات شخصيات السلطة العراقية كانت “تتغير في العلن” طبقا للمعطيات السياسية التي حاولوا من خلالها “الحفاظ على التوازن” بين الولايات المتحدة وايران، مشددين “معظم تلك الجهات تحاول الحفاظ على تاريخها الرافض للوجود الأمريكي من خلال تصريحاتها العلنية، لكنها تطلب منا البقاء وتدعمه بالكامل عبر اللقاءات غير المعلنة”، بحسب وصفهم. بعض الجهات “المسلحة” داخل العراق، على علم بموقف الحكومة العراقية وبعض أحزاب الاطار التنسيقي التي تدعم بشكل غير معلن بقاء القوات الامريكية في العراق على الرغم من إعلانها الرسمي للرفض، تلك الجهات بحسب الشبكة، لجأت الى استهداف القوات الامريكية بشكل مباشر، وكان اخر تلك العمليات، استهداف رتل امريكي في بغداد. الالتواءات السياسية بسبب خلافات الإطار التنسيقي وصراعهم مع الصدر، ترك أثره أيضا على موقف السوداني وتأثيره المباشر على تصدع الإطار التنسيقي ذاته، بحسب الشبكة، حيث اكدت، ان السوداني يتعرض “لضغط مستمر” من الصدريين وزعيمهم مقتدى الصدر لاخراج القوات الامريكية من العراق، الأمر الذي دفع بجزء كبير من الإطار التنسيقي، الى “التوقف عن مهاجمة الولايات المتحدة علنا خلال تصريحاتهم، او العمل على إخراجها من البلاد من خلال ممارسة الضغط على حكومة السوداني، التي شكلت من قبل الإطار التنسيقي ذاته”.  ذلك الموقف المتباين بين رفض بقاء القوات الامريكية والتوحد ضد الصدر ومعارضته بمواقفه، بالإضافة الى الموقف المفاجئ من السوداني وحكومته، دفع بالمزيد من الخلافات والتشظي داخل الاطار التنسيقي، الذي بات يواجه معضلة في منافسته مع الصدر، وتجاهل بقاء القوات الامريكية في العراق، وسط تصاعد في المشاكل الداخلية النابعة من الصراعات الشخصية والسياسية بين أطرافه.  الصورة اتضحت “بشكل أكبر” بحسب وصف الفورين بوليسي، بعد استخدام السوداني لقوات مكافحة الإرهاب، لمكافحة الشبكات التي تتعامل بتهريب الدولار من العراق نحو ايران، وسط صمت من أحزاب الاطار التنسيقي، وترحيب من واشنطن التي تستعد لاستقبال السوداني الشهر المقبل.    تفكك الاطار وميل السوداني “فرصة لواشنطن” ستندم على اضاعتها المعطيات الجديدة على الساحة السياسية العراقية بين تغير موقف الحكومة المفاجئ نحو دعم بقاء القوات الامريكية علنا، والسعي نحو علاقات “أكثر عمقا” مع واشنطن، والخلافات داخل الإطار التي تعرقل وجود “أي معارضة فعلية” لتحركات السوداني بالإضافة إلى الانهيار المتوقع للاطار التنسيقي بسبب غياب سبب توحيدهم، (الصدر) وفر لواشنطن بحسب الفورين بوليسي، فرصة غير مسبوقة لتطوير علاقتها بالسلطات العراقية. الأحزاب السياسية العراقية، ومنها بعض أحزاب الاطار التنسيقي بحسب الفورين بوليسي، باتت ترى في تعميق العلاقات مع واشنطن بشكل يشبه العلاقة التي تحظى بها مع دول الخليج، فرصة لــ “ادخال المزيد من دولارات التجارة الى البلاد، بالإضافة الى الدعم الأمريكي المباشر للحكومة التي شكلها الإطار التنسيقي”، هذه الفرصة بات يعرفها “ضعف انتباه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للملف العراقي”. الفورين بولسي أكدت “غياب تركيز بايدن على الملف العراقي بشكل خاص ترك البنتاغون الأمريكي غير مهيأ بشكل فعلي لاستغلال اللحظة والفرصة الحالية لمكافحة النفوذ الإيراني في العراق بشكل غير مسبوق”، لكنها اشارت أيضا، إلى ان موقف إدارة بايدن، قد يمكن معالجته بالنظر الى التحركات التي يقوم بها السوداني.  الشبكة عقدت الأمل على “الوفد الذي ينوي ارساله السوداني الى واشنطن في فبراير المقبل بهدف تمهيد الطريق لمقابلة مهمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن”، لتغيير حالة الإدارة الامريكية الحالية ومعالجة “ضعف التركيز” الذي قالت إنها تعاني منه منذ توليها المسؤولية عقب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.  لكن تلك التوقعات، يشوبها أيضا “قلق من المختصين الأمريكيين” من احتمالية فشل الإدارة الامريكية باستغلال الفرصة الحالية في العراق والندم لاحقا، مؤكدين للشبكة “المشكلة الأكبر التي تواجهها الإدارة الامريكية وقيادة القوات الوسطى الامريكية أيضا، انها لا تملك ادنى فكرة، رؤية او خطة، لما يجب ان تكون عليه علاقة العراق وامريكا مستقبلا”، على حد وصفها، مشيرة إلى ان فقدان تلك الفرصة وتزامنه مع التوقعات بانهيار الإطار التنسيقي، قد يؤدي الى نتائج “لا تحمد عقباها” للسلطات العراقية بشكل عام، والأمريكية بشكل خاص.

    اقرأ المزيد على الرابط : https://almutalee.com/n52951

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة