يعيش العراق حالياً أجواء ترقب لما ستوصل إليه التسوية الإقليمية الكبيرة، بعد الاتفاق السعودي – الإيراني، وكيفية انعكاسها على الداخل العراقي والمعادلة بين المراكز السياسية المتعددة، وهو ما يراقبه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر منتظراً فرصة للعودة إلى دور فعال بعد اعتزاله السياسة. وقالت صحيفة الشرق الأوسط في تقرير لها إن “احتمالات التسوية الإقليمية، تشجع حكومة محمد شياع السوادني على توثيق علاقته بالفصائل الشيعية المسلحة، على أمل ربطها أكثر بمؤسسات الدولة”. وأضافت، أن “هذه المعطيات تأتي في إطار نقاش متواصل بين صنّاع القرار في بغداد، لا سيما قادة الإطار التنسيقي للتكيف والاستفادة من أجواء التهدئة، بعد الاتفاق السعودي – الإيراني، لكن ثمة شكوكاً في أن تكون التأثيرات في الملف الداخلي مستدامة وراسخة”. وتوقعت الصحيفة أن يفضي “التشجيع الإقليمي للسوداني باحتواء الفصائل إلى تغيير في موازين القوى داخل البيئة الشيعية، قد يتضمن الذهاب إلى الانتخابات المقبلة بتحالفات تجمعه بقوى مثل عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي”. واوضحت ان “هذه التغييرات تفرض على زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر واقعاً سياسياً مغايراً، لكن ليس من الواضح إن كان يملك أوراقاً تمكنه من كبح جماح الإطار التنسيقي الذي بات يتمدد طولياً في الحياة السياسية العراقية”. ومع ذلك، فإن “مقربين من الصدر يعتقدون أن تأثير التسوية على العراق لن يكون طويل الأمد، وأنه «يركز أكثر على قراءة المشهد الداخلي، والتحرك لخلق فاعل سياسي جديد للمرحلة المقبلة”. وتزامنت هذه المعطيات مع لقاء رمضاني جمع سفراء المملكة العربية السعودية وإيران وسوريا، في بغداد الأسبوع المنصرم. وأوضحت الشرق الاوسط أن “وسائل الإعلام المقربة من طهران تلقت «إرشادات جديدة تقضي بوقف مهاجمة دول وشخصيات خليجية”. ووفقاً للصحيفة فان “التوجه الجديد يتضمن وقف التصعيد وتجنب الخوض في تفاصيل ملفات نشطة في المنطقة، كالملف اليمني على سبيل المثال”. وفي الأسبوع الماضي، توصلت حكومتا بغداد وأربيل إلى اتفاق على صرف رواتب موظفي إقليم كردستان، حيث قالت مصادر مطلعة إنه جزء من صفقة وافق عليها الإطار التنسيقي، في انعكاس جانبي للتسوية بين المملكة العربية السعودية وإيران. وأكدت، أن “قادة الأحزاب الشيعية النافذة رحبوا بإطفاء جزء من القضايا العالقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزعيمه مسعود بارزاني، نظراً لتحولات سريعة في القرار الإيراني، بعد التسوية مع الرياض”. وبحسب نواب عن الإطار التنسيقي، فإن التسوية الأخيرة بين أربيل وبغداد وضعت حجر أساس للتحالف السياسي الصاعد على أنقاض غياب التيار الصدري. ووفقاً للصحيفة، فإن أربيل حصلت على “ضمانات من قوى إقليمية لتسوية وضعها في العراق والمنطقة، باستثمار ما حصل أخيراً بين الرياض وطهران”. وقالت، إن “الإطار التنسيقي مستعد تماماً لتثبيت قواعد جديدة للحياة السياسية العراقية، وإن قادة أحزابه يعتقدون أن الظرف الراهن متاح جداً لفعل ما يلزم”، معربة عن “اعتقادها بأن زعيم التيار الصدري لن يسمح للإطار التنسيقي المضي قدماً في تغيير القواعد، بعيداً عن تأثيره”. وتوقعت الصحيفة، “تحركاً وشيكاً من الحنانة لوضع العصا في العجلة، وربما التمهيد لعودة نشاطه السياسي”. وتأتي هذه التوقعات، بعد “توجيه صدر عن الصدر بإبلاغ أعضاء بارزين في التيار الصدري بعدم السفر إلى خارج العراق، خلال شهر رمضان، لوجود أمور مهمة تتعلق بالوضع العام والخاص، ولحضور اجتماعات على درجة كبيرة من الأهمية”.