بعد أيام على تمريره ، لا يزال قانون الإنتخابات المعدل يشغل الشارع العراقي و الوسط السياسي بين تأييد سياسي له و اعتراض من بعض القوى الناشئة و النواب المستقلين والحراك الإحتجاجي المنبثق من احتجاجات تشرين ليرفض هذا القانون الذي يعيد العمل بنظام سانت ليغو في الانتخابات. و صوت مجلس النواب خلال جلسته التي عقدها فجر يوم الاثنين (27 اذار 2023)، على قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية. وما ان تمكنت الكتل السياسية من تمرير القانون المعدل في البرلمان وفق رغباته، بدأت تتحرك لتغيير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والتي تم تشكيلها بعد تغيير القانون السابق خلال فترة احتجاجات تشرين عام 2019. تحرك لتغيير المفوضية وسبق ان شرع البرلمان في كانون الاول 2019، على خلفية احتجاجات تشرين، قانونا جديدا للمفوضية تضمن تعيين 9 قضاة يختارهم مجلس القضاء. وكان القانون السابق قد فرض ان يكون مجلس المفوضين مكونا من 9 اعضاء اثنان منهم على الاقل قانونيان يختارهم مجلس النواب بالأغلبية بعد ترشحيهم من البرلمان، وهي المفوضية الاولى التي يكون اعضائها من خارج الاحزاب السياسية. واليوم تكشف مصادر سياسية مطلعة عن رغبة القوى السياسية بتغيير رئاسة مفوضية الانتخابات واعضائها بناء على المحاصصة الحزبية. وقالت المصادر ان “القوى السياسية بدأت تتحرك في تغيير المفوضية العليا للانتخابات بعدما نجحت في تمرير التعديل الجديد على قانون الانتخابات واعادة نظام سانت ليغو”. واضافت ان “قوى ائتلاف ادارة الدولة وخاصة قوى الاطار التنسيقي لا ترغب في ابقاء المفوضية الحالية التي كانت على خلاف معها في انتخابات 2021 المبكرة والتي كانت تعتقد ان تلك المفوضية وراء خسارتها في الانتخابات”. واشارت الى ان “تغيير المفوضية الانتخابية هو مخطط للسيطرة على مفاصل العملية الانتخابية التي ستجرى خلال الفترة المقبلة سواء الانتخابات المحلية او البرلمانية”. السوداني يدعم المفوضية وعلى الرغم من المساع السياسية، الا ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التقى رئيس واعضاء مفوضية الانتخابات واكد لهم دعم الحكومة للمفوضية لاجراء انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، وقد يكون هذا اللقاء هو اشارة لرفض محاولات التغيير. وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان ان “السوداني ترأس اجتماعاً ضمّ رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات”، ناقش خلاله استعدادات المفوضية لإجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد نهاية العام الجاري وفق القانون الجديد، وذلك “في إطار الالتزام بالبرنامج الحكومي بإقامة انتخابات شفافة ونزيهة”. وأضاف ان “الاجتماع شهد أيضاً مناقشة الالتزامات التي انطوى عليها القانون الجديد، منها الموعد المحدد ومراكز التدقيق، وحاجة المفوضية إلى الدعم اللوجستي لتمكينها من إجراء التعاقدات الخاصة بتوفير مستلزمات العملية الانتخابية، كبطاقات الاقتراع وغيرها”. وأكد السوداني “دعم الحكومة عمل المفوضية في التحضير لإجراء انتخابات مجالس المحافظات المقبلة وضمان نجاحها”، مشيرا الى انه “سيتم توجيه جميع المحافظين لتقديم الدعم إلى المفوضية، بما يساعد في إنجاح هذه العملية الديمقراطية”. الاطار ينتظر الثأر ويرجح مراقبون للشأن السياسي ان تستغل قوى الاطار التنسيقي قوتها الحالية بالحكومة التي شكلتها للثأر من نتائج الانتخابات الاخيرة والتي خسرت مقاعد كثيرة فيها، من خلال تغيير المفوضية التي كانت محل خلاف الاطار بعد اعلان نتائج الاقتراع عام 2021. ويقول الباحث في الشأن السياسي ماهر عبد جودة في حديثه لـ “المطلع”، انه “من المرجح ان يتم استبدال رئاسة واعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في حال لم تتفق القوى السياسية الكبيرة على بقائها”. واشار عبد جودة الى ان “مفوضية الانتخابات لن تكون بعيدة عن المحاصصة مثلها مثل الكثير من مفاصل الدولة بما في ذلك الحكومة التي تشكلت بالمحاصصة”. واردف ان “القوى التي خسرت في الانتخابات وابرزها الاطار التنسيقي كانت لديها خلافات مع المفوضية الحالية وهذا سيشكل دافعا قويا لتغيير اعضاء المفوضية سيما وان قوى الاطار هي المشكل للحكومة الحالية”. وجوبهت المفوضية الحالية باعتراضات من بعض القوى السياسية خلال فترة التحضير واجراء الانتخابات المبكرة في عام 2021، حتى وصلت الى التشكيك بنزاهتها لكنها استطاعت من اجراء الانتخابات واتمام نتائجها. وعقب إعلان المفوضية العليا للانتخابات في شهر تشرين الأول من العام 2021، النتائج النهائية للانتخابات والتي أظهرت خسارة قوى الإطار التنسيقي بفارق كبير عن الدورة البرلمانية السابقة، اتهمت الكتل الخاسرة المفوضية بالتلاعب بالنتائج وتزويرها، كما اجمعت على رفض قانون الانتخابات الذي أقره مجلس النواب في الدورة السابقة. وفي يوم السبت (22 كانون الثاني 2022)، كشف الاطار عن تحركه لاستبدال المفوضية وقال القيادي في الإطار علي الفتلاوي، في تصريح ان “قوى الاطار التنسيقي، سوف تعمل من خلال تواجدها في البرلمان على تغيير مفوضية الانتخابات، لما كان في عملها من شبهات وملاحظات كثيرة، وهي كانت سبباً وجزءاً رئيسياً من الأزمة السياسية التي يمر بها العراق حالياً”.