يبدو أن العراق وجد نفسه هو الآخر مضطراً لحجب تطبيق (تلغرام) عن المشتركين ،بعد أن حجبته وحظرته العديد من دول العالم وبلدان الجوار العراقي،كإيران و روسيا والصين ودول أخرى في قارتَي آسيا و أوربا.
وهذا الإجراء الذي اتُّخذ لأسباب وجيهة تخصّ أمن المواطنين وأمن الدولة جاء متأخراً و بعد محاولات طويلة لمعالجة نقاط الخلل و السلبيات التي اقترنت بالتطبيق المذكور،بعد أن أسيء استخدامه ،وطفق يستخدم كمسجد ضرار(و الامثال تضرب و لا تقاس) وغدا كعب آخيل في منظومة التواصل الاجتماعي.
وزارة الاتصالات العراقية قالت :إن ما حصل هو حجب جزئي لمنصة التلغرام وليس دائما، والسبب هو إجراء أمني من وزارة الاتصالات و سوف يعود التطبيق يعمل بشكل طبيعي.
طبعا عدد من منصات التلغرام الناشطة لم يرُق لها هذا الإجراء الذي يندرج تحت عنوان الأمن الوقائي لتجنيب الدولة و المواطنين الأضرار و السلبيات العديدة جراء الاختراقات في الشبكة المعلوماتية،وسرقة الداتا المتعلقة بالافراد والأسر و أرقام الهواتف الشخصية و العناوين ، وتسريب بيانات مؤسسات الدولة الرسميةوغيرذلك…
ولهذا وجدنا تلك المنصات ليس فقط(لم تتقبله) وإنما بلمحة بصر؛قررت أن تعلن الحرب على الحكومة!!! وتكون معارضة شديدة لكل النشاطات وجميع الوزارات!!!!
ولو نظرنا إلى دول الجوار لوجدنا أنه في ايران -مثلاً- تم حظر التلغرام والواتساب والفيسبوك وتويتر والتانغو ويوتيوب وكل التطبيقات وحتى غوغل بلاي نفسه أقفلوه، لأنها بدأت تعرّض أمن الدولة للخطر وتروج للمفاسد الاخلاقية والانحرافات و الفجور والفحشاء و الشهوات الحيوانية المنفلتة.
و أمس الاول السبت صادق مجلس الشورى الايراني على قرار ملزم لوزارة الاتصالات وشرطة المعلوماتية الإيرانية بغلق كل منصة تنشر معلومات مضللة و استدعاء مسؤوليها إلى المحاكم، و بالفعل سبق وأن وجدنا أن مدير منصة مشهورة باللغة الفارسية، لها متابعون كثيرون، حكموا عليه بالإعدام بعد أن استدرجوه من أوربا إلى العراق ثم جلبوه و اقتادوه من العراق إلى طهران،سراً،وقد نفذ الحكم بحقه،واسمه(روح الله زم) مدير منصة (آمَد نيوز).
ونفس الدور السييء يقوم به في العراق تلغرام وفيسبوك وأخواتها،رغم فوائدها، وثمة منصات تمارس أدوارا مشبوهة ومضرة للغاية بحيث لاحظنا شيوع الفوضى المعلوماتية و انتشار الفلتان في الفضاء الافتراضي في العراق، على نطاق واسع.
ومن نافلة القول أننا كإعلاميين ومراقبين سياسيين؛ نجد هناك امواجاً من الضخ الاعلامي التضليلي و الترويج للشائعات و الدعايات والأخبار المفبركة والمعلومات المدسوسة، وأحيانا يحدث كشف لمعلومات حساسة تضر أمن الدولة و لاينبغي طرحها في المنصات، مطلقا، فليس كل مايعرف يقال، و تتلاعب هذه المنصات بمشاعر المواطنين و تسبب حالة الغوغائية والاساءة والكراهية و الارباك للأمن المجتمعي، و قرار الحكومة كان بمثابة تحذير أو جرة إذن لتطبيق تلغرام بعد أن رفض الانصياع للضوابط و القرارات المتعلقة بتنظيم الفضاء الافتراضي.
فالفضاء الافتراضي في العراق رغم فائدته فهو منفلت بشكل كامل، وترتكب عبره الكثير من حالات الابتزاز و العلاقات اللامشروعة و غير المقبولة عند الشرفاء و العشائر الأصيلة لشعبنا العراقي، ولابد من وضع ضوابط لتنظيم هذا القطاع حيث إن مضراته غدت أكثر من منافعه لأهلنا وشبابنا،و لابد من إصلاحه، ولسنا ندعو لإغلاقه نهائيا ولا حظر كل تطبيقاته المفيدة،بل ينبغي إلزام هذه الشركات بجعل خوادمها في العراق و الامتناع عن سرقة معلومات المواطنين و الأسر الشريفة والنساء العفيفات وارقامهن.
فنحن نعتز بشرفنا و عرضنا،و تهمّنا سمعة بناتنا واخواتنا وزوجاتنا أكثر من أي شيء آخر،ولو كلفنا ذلك دماءنا،وينبغي لشبابنا أن يدركوا ذلك جيداً، ويحق لكل دولة (بل هو من واجبها)حماية شعبها وأمنها من أي اختراقات واساءات.
فالحرية غير الفلتان الأخلاقي،والشرف والعفة أهم من وسائل التواصل الاجتماعي،وينبغي عدم التردد في معالجةوضعها و السيطرة عليها بأي شكل من الاشكال.
~~~~~~~~~~