من ضدّنا… كتاب جديد للمستشار الروسي رامي الشاعر

     

    صدر حديثاً كتاب جديد للمستشار الروسي رامي الشاعر بعنوان (من ضدّنا) باللغة الروسية ويشتمل الكتاب الذي يقع في ٥٠٤ صفحة، على عصارة خبرة المؤلف في السياسة والدبلوماسية والعلوم العسكرية والحياة بصفة عامة.
    ويقول الكاتب أنه ليس من الضرورة أن تكون روسياً بالولادة حتى تحب روسيا وتحترمها وتفهمها، حيث يثبت مؤلف هذا الكتاب أن احترام الدولة والتقييم الموضوعي لمكانتها الدولية لا يعتمدان على الجنسية.
    والكتاب الذي نشرته (دار غدنا) يتضمن خمسة أجزاء ويريد المؤلف في هذه الصفحات، أن يشارك القراء تجربته الغنية ومعرفته الواسعة في مجال التاريخ والسياسة والدبلوماسية.
    إذ تمنحه النظرة الواسعة الفرصة لتحليل حقائق السياسة الروسية والعالمية، وإقامة علاقات بين ظواهر الواقع التي تبدو غير مرتبطة، وتحديد الأسباب الحقيقية لأحداث معينة، والتنبؤ بتطور المواقف المختلفة.
    الكتاب موجه إلى مجموعة واسعة من القراء، وخاصة الشباب الذين سيقررون فيما بعد مصير وطنهم والذين يجب أن يدركوا مسؤوليتهم ليس فقط تجاه أحبائهم، ولكن أيضاً تجاه البلد بأكمله.
    ويقول الشاعر أنه فلسطيني الهوية لأنه ولد في فلسطين، لكنه روسي الهوى، ويعشق هذا البلد وهذا الشعب، بعد أن عاش معهم وبهم عقوداً طويلة، فنهل من العلوم والمعارف في أرقى المؤسسات العلمية والأكاديمية، ثم عمل سنوات طويلة في السلك الدبلوماسي، لينتهي به الأمر كاتباً ومحللاً سياسياً، فشارك ما رآه حوله من قضايا السياسة الخارجية الروسية، لا سيما الرؤية الروسية لمجريات الأحداث الدولية الراهنة، والتي يحاول الغرب، قدر استطاعته، أن يمحوها من الوجود، ليفرض سرديته المضللة.
    وفي الجزء الأول من الكتاب الذي يحمل عنوان (المواجهة) يقول في مقدمته إنّ العالم الذي نعيش فيه على كوكب الأرض، يقترب عدد سكانه من ثمانية مليارات نسمة، هو كوكب جميل وغني بالموارد الطبيعية، ومناسب بشكل مثالي للحياة البشرية. وتزعم جميع ديانات العالم أن الله تعالى خلق الأرض لسكنى الإنسان. وربما لن نعلم أبداً ما إذا كان هذا صحيحاً، ولكن في المجرات الأقرب إلينا لا يوجد كوكب يتمتع بمثل هذه الظروف المثالية لحياة البشر والحيوانات.
    ويضيف: في الواقع، يجب علينا أن نعتني ببيئتنا ونحاول الحفاظ على الموارد الطبيعية: من الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي إلى المعادن. كما تحاول العديد من الدول التوصل إلى اتفاق فيما بينها من أجل استخدام الموارد الطبيعية بشكل اقتصادي أكثر بكثير مما هو عليه اليوم. وعليه فإنها أفكار معقولة: فكلما كانت حياة الناس على هذا الكوكب أكثر هدوءاً وأماناً، كلما كان من الممكن بذل المزيد من الجهد على هذا الطريق.
    ولكن زعماء الدول الغربية وخاصة تلك التي تطلق على نفسها اسم (الديمقراطيات) ونخبها لا يتفقون مع هذا الموقف، حيث تعتقد مجموعة واحدة “ولا تزال صغيرة نسبياً” من السياسيين وأباطرة المال أن هناك عدد كبير جداً من الأشخاص على الأرض اليوم وبالتالي بات من الضروري وفق اعتقادهم اتخاذ تدابير جذرية، بما في ذلك تدمير معظم البشرية، بحيث لا يبقى أكثر من مليار شخص على الأرض، وفي هذه الحالة ستكون كل فائدة يمكن تصورها متاحة ووفق اعتقاد تلك المجموعة سيطلق على هؤلاء الأشخاص، الذين سيبقون بعد إبادة 7 مليارات نسمة من سكان الأرض، اسم “المليار الذهبي”. ويتطرق في هذا الجزء إلى العمليات العسكرية الأميركية وكذلك تدخلاتها في دول العالم.
    وفي الجزء الثاني الذي اعتبره دروس التاريخ ويحمل عنوان (الناتو – أداة التوسع الأميركية) يقول في مقدمته: ربما يكون القارئ قد لاحظ بالفعل أنه في الغالبية العظمى من الأعمال العدوانية التي ارتكبتها الولايات المتحدة على مدار 100 عام، كان حلفاء الولايات المتحدة في الناتو حاضرين بالتأكيد. وكما أن كل قطيع من الذئاب لديه قائد يقود بقية الحيوانات المفترسة، فإن كل كتلة عدوانية لديها بالضرورة قائد. ويكفي أن نتذكر الحرب العالمية الثانية حيث قادت ألمانيا النازية عشرات الدول الأوروبية في حملة إلى الشرق. وبقبول دور القائد الخاضع لقطيع الذئاب، كانت هزيمة ألمانيا النازية تعني هزيمة جميع حلفائها، وخسائر بشرية ومادية هائلة ليس فقط لألمانيا، ولكن لحلفائها أيضاً.
    وبتعبير أدق، وفق الكاتب، هزيمة الخدم الذين كانوا يأملون في إثراء أنفسهم على حساب موارد دولة اشتراكية ضخمة، فخلال الحرب الوطنية العظمى، كان على الجيش الأحمر أن يقاتل ضد الفاشيين الألمان وضد جيوش أو وحدات البلدان التي غزاها هتلر وأطاعته في كل شيء، أو شنت حملة ضدها بمحض إرادتها. أما الاتحاد السوفييتي فبعد أن هزم فرنسا وبلجيكا وبولندا ودول أوروبية أخرى بسهولة نسبية، وكان الألمان قد استولوا على أسلحة ومعدات عسكرية لما مجموعه 148 فرقة من الجيوش الأوروبية. ويتطرق في هذا الجزء إلى ولادة الناتو وأحداث عام ١٩٥٣ والثورة المجرية المضادة عام ١٩٥٦ وفي الجزء الثالث الذي يحمل عنوان (من يريد تدمير روسيا) يتحدث فيه عن رفض الغرب لروسيا الجديدة وخلق أوروبا معادية للروس ومعلومات عن جنة الفساد في أوروبا وعن النازيين الجدد وفي الجزء الرابع الذي يحمل عنوان (عملية عسكرية خاصة) يتحدث فيه عن العملية العسكرية الروسية الخاصة وخلفيات الأحداث في أوكرانيا وأصول القومية الأوكرانية وكيف تحولت القومية إلى نازية وحول الثورات الملونة والانقلاب في أوكرانيا ودور سفراء الولايات المتحدة في أوكرانيا وصيغة النورماندي ومن وكيف صنع (معاداة روسيا) في أوكرانيا ومن ثم يتحدث عن التقدم المحرز في العملية ولماذا ستنتصر روسيا وما مصير أوكرانيا. وفي الجزء الخامس الذي يحمل عنوان (الإرهاب الدولي) يتحدث فيه عن الإرهاب الدولي باعتباره امتياز للولايات المتحدة الأميركية ومن صنع الأعمال الإرهابية.
    وروسيا اليوم برأي الكاتب تقف مجدداً أمام الغرب بأسره تقريباً، بينما يحمل سياسيوهم على أكتافهم مرة أخرى نفس الأهداف التي حملها من قبلهم هتلر ونابليون وغيرهما من المغامرين الغربيين: “هزيمة روسيا استراتيجياً”، يقولونها علانيةً وصراحةً جهاراً نهاراً، بغرض السيطرة عليها وعلى مواردها وعلى شعوبها. يرومون تدمير سيادتها ووحدة أراضيها واستقلال إرادتها السياسية، ومحو هويتها الإنسانية والثقافية.
    ولهذا أصبحت العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، والتي تعكس صراعاً طويلاً بين الغرب وروسيا، ظل خفياً لعقود، ووصل إلى منتهاه الساخن مؤخراً، وفق وجهة نظر الشاعر مركز اهتمام العالم، وعادت روسيا مجدداً، شأنها في ذلك شأن الاتحاد السوفيتي وروسيا القيصرية من قبله، لتغير من مصير هذا العالم، وتحوّل مجرى التاريخ البشري، كما فعلت ذلك من قبل.
    ويتساءل رامي الشاعر لماذا؟
    مجيباً: لأن روسيا، وكما كان الاتحاد السوفيتي قبلها، لا تدافع عن هويتها الإنسانية والثقافية، أو عن وحدة أراضيها، أو عن استقلال إرادتها السياسية في عالم شرس يهيمن عليه الغرب فحسب، وإنما تدافع عن حرية الشعوب والدول ذات السيادة في اختيار طريقها المنشود دون إملاءات، ودون ضغوط، ودون شروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما من المؤسسات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية وتابعوها من الدول الغربية.
    فروسيا اليوم، ومعها الصين والهند، ودول تمثل في مجملها أغلبية سكان العالم، وفي إطار عدد من المنظمات التي تتوسع بنشاط أمام أعيننا، على غرار “بريكس” و”شنغهاي” و”الاتحاد الاقتصادي الأوراسي”، تؤكد على رغبة ليس فقط “الجنوب العالمي”، وإنما أيضاً تجمعات وتكتلات داخل دول الغرب نفسها، في الانعتاق التاريخي للعالم من ضيق الهيمنة والأحادية القطبية إلى اتساع التعددية القطبية حيث تسود العدالة والمساواة، وحيث تعود الدول مرة أخرى إلى ميثاق الأمم المتحدة، الذي يساوي بين سيادة الدول.
    وروسيا، الدولة العظمى، ذات الموارد، والقدرة، والقوة النووية، وشعبها العظيم صاحب الحضارة، والمؤثر بفعالية عبر العصور في التاريخ البشري، لا يمكنها أن تخسر هذا الصراع، لأنها تقف إلى جانب الحق والعدالة وتقرير المصير وتحرير الشعوب من استغلال الاستعمار الجديد، وأيديولوجية النازية الجديدة، التي عادت لتطل علينا من جديد في وسط أوروبا.
    الجدير بالذكر أن هذا هو الكتاب الخامس للكاتب والدبلوماسي المستشار رامي الشاعر وهو رجل عسكري ودبلوماسي وعالم سياسي وإعلامي، أصله من فلسطين، ويعيش في روسيا منذ سنوات عديدة، وهذه قائمة أعمال المؤلف:
    الاول : قضية الشرق الاوسط الملحة صدر عام ١٩٨٣
    الثاني: السوفييت بين اليوم والغد صدر عام ١٩٨٧
    الثالث: سوريا المناضله صدر عام ٢٠١٧
    الرابع : سوتشي ٢٠١٨ طريق السلام
    الخامس: من ضدنا

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة