كشف وزير الخارجية الامريكي انتوني بلنكن لوسائل الإعلام عن شروط صعبة اقترحتها المملكة العربية السعودية للتطبيع مع اسرائيل وأولها تطبيق حل الدولتين الذي تقدمت به المملكة عام 2002، وهناك شروط أخرى مهمة تطلبها من امريكا تتمثل ببناء مفاعل نووي مدني في المملكة ، وتسليح بمستوى نوعي مواز لما يحدث في اسرائيل ، ذلك بحسب ماصرح به بعض المسؤولين بالحديث عن موضوع التطبيع .
تلك واحدة من أهم إنشغالات الاعلام الامريكي والإسرائيلي بوقت واحد ، وهي إنعكاس للرغبة الجامحة التي تعلنها اسرائيل نحو مشروع التطبيع مع المملكة العربية السعودية، وهي تضغط (أي اسرائيل) على ادارة بايدن للمضي بهذا المشروع ،لكن المملكة تطالب بثمن باهض في ثلاثة شروط يتقدمها إيجاد حل منصف للفلسطينين ومكاسب وطنية أخرى للسعودية ، هذا إنعكاس لمنطق القوة الشرعية والسياسية الذي يصدر عن المملكة السعودية، بخلاف ما أقدمت عليه بعض الدول العربية والخليجية من تطبيع مجاني مع اسرائيل المغتصبة .
الضغط الاسرائيلي على امريكا بأتجاه التطبيع لم يعد نافعا ً ، لأن امريكا صارت تقدم التنازلات للسعودية التي وقفت بندية اقتصادية _سياسية أزاء السياسة الامريكية التي تهدف للأخذ دون العطاء ، والأهم من ذلك أن قضية الطاقة واسعار النفط تتحكم بها العربية السعودية بقدر يكفي لإحراج امريكا والدول الغربية ، كذلك المشاريع العالمية التي تخطو بها المملكة مثل الممر العالمي للنقل ومشاريع البيئة والمناخ والبناء وخطة 2030، الأمر الذي جعل السعودية تجبر الأقطاب الدولية على إقامة علاقة متوازنة في المصالح بينها وبين المملكة أو العملاق الإقتصادي الناهض عالميا من بين ركود وتراجع دول الشرق الأوسط .
المملكة العربية السعودية تقدم انموذج الدولة القوية وفق مرجعية القرار الرشيد وفي توظيف عائدات النفط وغيرها من ثروات لتقوية البناء الداخلي ، واحداث تغييرات بنيوية اقتصادية _ إجتماعية تتساوق مع فلسفة بناء دولة عصرية باقتصاد معافى وإنفتاح سياسي ضوابطه الوحيدة بناء القوة الداخلية للدولة ومؤسساتها والإرتقاء نحو العالمية بمشاريع عالمية تنفع البشرية جمعاء ، تلك الفلسفة أثبتت نجاعها وجعل العالم يقف عند أبواب السعودية ثاني أقوى نمو اقتصادي في مجموعة العشرين بعد امريكا .
السعودية أنشغلت ببناء مدن صناعية حديثة حققت لها منافع وايرادات صارت تشكل فاعلية في موازناتها السنوية ومعدلات النمو المستدام هذا الى جانب الإستثمار الأمثل في شؤون الطاقة النفط والغاز ومشتقاتهما ، لم تنشغل ببناء مصانع سلاح ونشر الفكر المتطرف تحت عناوين وشعارات الحرية وتصدير الثورة وخلق بؤر للاقتتال، بل ادركت أن طريق التنمية الإقتصادية هو الذي يحقق مفهوم القوة للدولة والحرية للوطن والمواطن على حد سواء ، وبلا شك فأن القيادة الشابة للملكة وروح العزيمة والإصرار والتخطيط الذي يتخطى ماهو تقليدي ،أعطى للملكة هذا الإمتياز الذي جعل اسرائيل بحاجة العلاقة مع السعودية وتضغط على امريكا من أجل ذلك .