نستطيع ان نتصور ثلاثة انواع من الاقتصادات (بغض النظر عن التقسيمات التقليدية الاشتراكي والرأسمالي والاسلامي) هي:
النوع الاول، الاقتصاد الريعي: وهو الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير (بنسبة 90٪ أو أكثر) على الثروات الطبيعية للبلد مثل الذهب أو النفط أو اليورانيوم او غيرها. في هذا النوع من الاقتصاد، يعتمد الدخل الوطني بشكل أساسي على صادرات هذه الموارد الطبيعية. مثال على ذلك العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط.
النوع الثاني، الاقتصاد الإنتاجي: هو نوع من الاقتصادات التي يتم فيها توليد الثروة بشكل رئيسي من الإنتاج في الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات الأخرى. وفي هذا النوع من الاقتصاد، يعتمد الدخل الوطني بنسبة كبيرة (90٪ أو أكثر) على القطاعات الإنتاجية. مثال على ذلك هو دولة الصناعية المتقدمة بصورة عامة و التي تعتمد على الصناعة والزراعة والسياحة في دعم اقتصادها.
النوع الثالث، الاقتصاد المختلط او المتنوع: هو نوع من الاقتصادات التي تعتمد على كل من الثروات الطبيعية والإنتاج. في هذا النوع من الاقتصاد، يتم توزيع الثروة والدخل بشكل متوازن بين القطاعين الطبيعي والإنتاجي. يمكن تعريف الاقتصاد المختلط على أنه نظام اقتصادي يجمع بين عناصر الاقتصاد الريعي والاقتصاد الإنتاجي، حيث يعتمد على الثروات الطبيعية والإنتاج لتحقيق التنمية الاقتصادية. بالمقابل، يمكن فهم الاقتصاد المتنوع على أنه نظام يعتمد على تنوع القطاعات الاقتصادية (مثل الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات) لتحقيق الاستقرار والنمو.
في الدولة الحضارية الحديثة، يمكن تطبيق هذه الأنماط المختلفة من الاقتصادات بناءً على الاحتياجات والإمكانات والاستراتيجيات المحددة لكل دولة. على سبيل المثال، قد تستفيد الدولة الحضارية الحديثة من الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار في قطاعات الإنتاج من خلال التركيز على تطوير الصناعة المتقدمة وتطبيق التقنيات المتطورة في الزراعة والسياحة والخدمات الأخرى.
ففي الاقتصاد الريعي، يمكن ان تسعى الدولة الى تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل عن طريق استغلال الموارد الطبيعية القائمة في الدولة. يمكن ان تعتمد الدولة على صادرات النفط والغاز الطبيعي مثلا، و استثمار هذه الإيرادات في تنويع الاقتصاد وتطوير البنية التحتية وتحسين المجال التعليمي والصحي.
و في الاقتصاد الانتاجي، تعتمد الدولة على تصنيع المنتجات وتطوير الصناعات المختلفة لتحقيق النمو الاقتصادي. مثال على ذلك هو اليابان وبقية الدول الصناعية، حيث تعتبر تصنيع السيارات والإلكترونيات والتكنولوجيا من المجالات الرئيسية في اقتصادها. تعتمد الدولة على الابتكار التكنولوجي وتطوير المنتجات لتعزيز قوتها الاقتصادية.
وفي الاقتصاد المختلط او المتنوع تتوفر في الدولة كل من التجارة والاستثمار في الموارد الطبيعية بجانب التصنيع والخدمات الأخرى. يمكن ان تعتمد على الصناعات التحويلية والتصدير، بالإضافة إلى الخدمات المالية والتجارة العالمية. تعمل الدولة على توفير بيئة تجارية ملائمة وتركيز على الابتكار والبحث والتطوير. الاقتصاد المختلط يعني استخدام مختلف المصادر الاقتصادية والقطاعات بنسب متساوية لتحقيق التوازن الاقتصادي.
في الدول الحضارية الحديثة، غالبًا ما يتبنى نظام اقتصادي مختلط يجمع بين العناصر الريعية والإنتاجية. فهو يعتمد على استغلال الثروات الطبيعية المتاحة، بجانب تشجيع الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمات الأخرى. الدولة الحضارية الحديثة قد تستخدم إيرادات النفط أو الغاز الطبيعي لتمويل التنمية وتحسين مستوى المعيشة، بجانب تطوير قطاعات أخرى مثل الصناعة والسياحة. وهكذا، يجمع الاقتصاد المختلط بين استغلال الثروات الطبيعية وتنوع القطاعات الاقتصادية.
ومن الجدير بالذكر أنه من الأهمية بمكان تحقيق توازن بين الثروات الطبيعية وتنوع القطاعات الاقتصادية لتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية المستدامة في أي دولة.
يتبع