المساءلة والعدالة.. هيئة وطنية أم أداة سياسية؟

    أنس السالم

    منذ أن طلبت الحكومة العراقية نقل وثائق وبيانات هيئة المساءلة والعدالة إلى القضاء تمهيداً لإنهاء عملها، أثار الطلب جدلاً سياسياً حاداً بين الأوساط السياسية الفاعلة، والمساءلة والعدالة كانت سابقًا تعرف بالهيئة الوطنية لاجتثاث البعث، ووجدت لاجتثاث حزب البعث الحاكم للعراق في زمن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

    وفي 24 كانون الأول 2022، قالت مصادر حكومية رفيعة، إن “الحكومة أرسلت طلباً إلى الهيئة يتضمن جمع بيانات المشمولين بالاجتثاث، وكل أرشيفها إلى القضاء من أجل حل الهيئة، وصرف أمورها إلى القضاء حصراً، بناء على اتفاق سياسي سبق تشكيل حكومة محمد شياع السوداني.

    وعلى مدى عقدين من الزمن، طالبت القوى السياسية السنيّة في العراق بإلغاء الهيئة أو حذف المواد التي تسمح للأحزاب باستغلالها ضدهم، لا سيما في ملف الانتخابات بمنع مرشحين من خوض السباق الانتخابي؛ إذ يحظر القانون على المشمولين بإجراءات الهيئة تولي منصب مدير فما فوق وإحالة أصحاب الوظائف الرفيعة منهم إلى التقاعد.

    وبحسب سياسيين ومراقبين، فإن الأحزاب السياسية الشيعية وفي مقدمتها حزب “الدعوة الإسلامية” برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ترفض حل الهيئة، خصوصا وأن قوى سنية تتهم المالكي بأنه أكثر من استثمر سياسياً في آليات اجتثاث البعث.

    وقبل أيام، استبعد هيئة المساءلة والعدالة نحو 100 مرشح لخوض انتخابات مجالس المحافظات العراقية بدعوى اجتثاث البعث، وكان من أبرزهم محافظ نينوى نجم الجبوري واللواء المتقاعد تورهان عبد الرحمن عن الجبهة التركمانية ما دفع بالجبهة لاتهام الهيئة بأنها استبعدت مرشحها بـ “قرار سياسي”.

     

    قانونية الهيئة
    قال الخبير القانوني علي التميمي، لشبكة “الساعة”، إن “المادة 135 ثانيا من الدستور تنص على أن لمجلس النواب حل هيئة المساءلة والعدالة بعد الانتهاء من عملها بالأغلبية المطلقة”.

    وأضاف أن “المادة 19 من قانون الهيئة لسنة 2008 أوجبت الهيئة على تقديم تقرير فصلي إلى مجلس النواب عن الإجراءات التي اتخذتها؛ كونها ترتبط بمجلس النواب وتخضع لرقابته”.

    وأوضح أن “المادة 24 من قانون هيئة المساءلة والعدالة ألزمت الهيئة بإعداد أرشيف عن المشمولين ووظائفهم وإحالته إلى مجلس الوزراء حتى يقوم الأخير بتعميمه على الجهات الحكومية والمنظمات؛ حتى لا يتم تعيينهم مرة أخرى”.

    وبين التميمي، أن “حل هيئة المساءلة والعدالة لا يحتاج إلى تشريع قانون جديد؛ لأن طريقة الحل رسمها المشرع مع كل الإجراءات في قانون الهيئة النافذ 10 لسنة 2008، بالتالي فإذا ما قرر مجلس النواب الحل فإن قراره هذا هو امتداد وتكملة للإجراءات القانونية التي رسمها القانون”.

    واختتم الخبير القانوني قوله. إن “قرار حل هيئة المساءلة والعدالة من البرلمان يعتبر امتدادا للقانون رقم 10 لسنة 2008 الذي أبقى نفسه مفتوحا لحين التصويت على قرار الحل؛ كون عمل الهيئة انتقالي ومؤقت”.

     

    أداة سياسية للإقصاء
    من جهته، قال المحلل السياسي، غانم العابد، لشبكة “الساعة”، إن “حل هيئة المساءلة والعدالة إحدى نقاط الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه حكومة السوداني بعد إعطاء تعهدات للبيت السني من قبل تحالف إدارة الدولة، بالإضافة إلى قانون العفو العام وإعادة النازحين”.

    وأضاف أنه “بعد 20 عاما من الاحتلال لابد من بدء صفحة مجتمعية جديدة، وإن أي شخص ارتكب جرما في نظام ما قبل 2003 فالقضاء العراقي كافيا لمحاسبته أو معاقبته”.

    وبين أن “بقاء الهيئة على حالها خصوصا وأن هناك أطرافا وظفت الهيئة لتكون أداة للإقصاء السياسي كما حدث مع محافظ نينوى نجم الجبوري”.
    واختتم الغانم حديثه بالتأكيد على ضرورة حل هيئة المساءلة والعدالة كون القضاء العراقي ودوائر وزارة العدل كافية للقيام بهذه المهام.

     

    لا بديل عن الهيئة
    يرى الباحث بالشأن السياسي، وائل الركابي، خلال حديثه لشبكة “الساعة”، أن “هيئة المساءلة والعدالة ومن قبلها هيئة اجتثاث البعث مقصرة في كثير من الأدوار لأن هناك من هم بعثيون يمارسون عملهم بشكل حقيقي”.

    وتابع أن “قضية استغلال هيئة المساءلة والعدالة سياسيا في تصفية الخصوص فهذا الأمر ليس صحيحاً، بل على العكس المفروض أن تكون هناك مطالبة بتشديد عمل هذه الهيئة حتى لا يصل من هو متهم بالانتماء إلى حزب البعث إلى السلطة”.

    وشدد على ضرورة أن “توضع نقاط حقيقية على أساسها يتم إعادة هيكلة الهيئة وليس إلغاءها”، متسائلا في حال إلغائها “هل سنلجأ إلى القضاء عبر تقديم الأوراق ومن ثم يبقى القضاء مطالبا؟”.

    واستبعد الركابي، إلغاء عمل الهيئة من دون طرح بديل عنها، لافتا إلى ضرورة تعديل بعض فقرات الهيئة.

    وعلى خلفية قرار هيئة المساءلة والعدالة باستبعاد محافظ نينوى نجم الجبوري من السباق الانتخابي، كتب المراقب السياسي. واثق العاني في تغريدة على منصة “X”، إن “‏‎قانون المساءلة والعدالة ليس قرآناً، وأنه وُضع في كثير من تطبيقاته للاستهداف السياسي”.

    وتابع قائلاً: “ضعوا في الميزان ما قدمه الرجُل لمحافظة نينوى (نجم الجبوري) مقابل قانونكم ولنرى كفتي الميزان”.

    وفي وقت سابق من يوم أمس الثلاثاء ، صرح القيادي في نينوى لأهلها (حزب سياسي يتزعمه نجم الجبوري)، النائب أحمد الجبوري، بأن مجلس الوزراء استثنى نجم الجبوري وحمد النامس (قائد شرطة نينوى الأسبق) من إجراءات المساءلة والعدالة.

     

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة