ويقوم الحلبوسي بزيارات لقيادات مؤثرة، أبرزها زعيم حركة “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، والنائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، ورئيس “المحكمة الاتحادية العليا”، جاسم العميري، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، وزعيم “الاتحاد الوطني الكردستاني”، بافل طالباني، ورئيس “تيار الحكمة”، عمار الحكيم، ورئيس “المجلس الأعلى”، همام حمودي، للترويج لمرشّح حزبه.
وتؤكد مصادر من “تقدّم” أن الحلبوسي اجتمع مع كل أعضاء كتلته النيابية في جامع في منطقة الأعظمية في بغداد لتأكيد عدة نقاط؛ أبرزها مواصلة الضغط لإيصال شعلان الكريم، وعدم السماح لباقي الأحزاب السنية بانتزاع المنصب، فضلاً عن وجود توجيه بعدم حضور جلسات البرلمان، لغرض عدم إكمال النصاب القانوني.

الحلبوسي يسعى لإقناع «التنسيقي» بالتصويت لمرشحه في إطار اتفاق ضمني على بنود تتعلّق بالعمل النيابي

وتضيف المصادر، في حديث إلى “الأخبار”، أنّ جولات الحلبوسي الأخيرة تُمهد لإقناع “الإطار التنسيقي” بأنّ المنصب من استحقاق “تقدّم”، في إطار اتفاق ضمني على بنود تتعلق بالعمل النيابي المقبل، والتنازل عن مناصب بهدف “حماية” المنصب من محاولات “السيادة” و”عزم” “الاستيلاء عليه”. وتوضح المصادر أنّ “تقدم لديه 42 نائباً، وأيضاً هناك أحزاب شيعية داعمة له ولمرشحه، لكننا نخشى من انقلاب القوى السياسية على أجواء الجلسة كما حدث في جلسة التصويت الأخيرة التي رُفعت بلا مبرّر”.
وفي السياق ذاته، يرى القيادي في حزب “تقدّم”، سيف السعدي، أن “هناك أزمة فعلية في البيت السني. وهذا الصراع من أجل الزعامة ومن أجل السلطة له تداعيات على الانتظام الاجتماعي في المحافظات السنية، على اعتبار أن هذه الأخيرة لها مطالب شملها الاتفاق السياسي على المنهاج الحكومي”. ويعتبر السعدي، في تصريح إلى “الأخبار”، أن “الطرف الآخر في ائتلاف إدارة الدولة، والإطار التنسيقي تحديداً، يستخدم سياسة الإلهاء تجاه القوى السنية من أجل أن يمضي الوقت وأن تمضي هذه الدورة من دون أن يطالب أحد بتحقيق تلك المطالب”. ويؤكد أن “المادة 12 ثالثاً من النظام الداخلي لمجلس النواب رقم 1 لسنة 2022، نصّت على أنه إذا خلا منصب رئيس مجلس النواب يُنتخب رئيس مجلس نواب جديد في أول جلسة بالأغلبية المطلقة بما يراعي التوازنات السياسية. هذا نص صريح وواضح. ولكن في العراق تعوّدنا على أن يكون العرف طاغياً على القانون والدستور”.
من جانبه، يقول القيادي في تحالف “السيادة”، حسن الجبوري، “إننا لا نريد تهميش أيّ طرف سياسي سني في انتخاب رئيس البرلمان، لكننا في الوقت نفسه نرفض فرض أيّ إملاءات علينا. فنحن لدينا مرشحنا سالم العيساوي، والشركاء الآخرون في عزم والحسم لديهم مرشحهم محمود المشهداني، وتبقى حرية الانتخاب للنواب”. ويشير الجبوري، في تصريح إلى “الأخبار”، إلى أن “هناك سعياً سياسياً وبرلمانياً لحسم انتخاب رئيس مجلس النواب قبل شهر رمضان. وسنضغط من أجل إدراج فقرة انتخاب الرئيس خلال جلسات البرلمان المقبلة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل كحد أقصى”.
أما الأكاديمي والكاتب السياسي، حيدر الجوراني، فيرى أن “تعقيد المشهد هو نتيجة متوقّعة للتشظّي السياسي، في ظل غياب الهوية السياسية للسنّة كمُكون اجتماعي”. ويضيف أن “ما يزيد التعقيد هو وجود نزعة انتقامية بين الفواعل السياسية التي تدّعي التمثيل السُني”. ويتابع أن “القوى السنية تحاول عَزل تقدّم والحلبوسي سياسياً، وقضم بعض نوابه للوصول إلى كرسي رئاسة البرلمان، فيما يعمل تقدّم جاهداً للبقاء في صدارة المشهد السياسي السنّي”. ويعتقد الجوراني بإمكانية “خلق مُعارضة سياسية سُنّية ضمن مسار ديموقراطي. ومن الممكن للحلبوسي، إذا أراد، إعادة التموضع والانطلاق بمشروع سياسي سنّي معارض، بدلاً من الاستمرار في الاستدراج الذي سينهكه سياسياً”.