بات العراق سوقاً رائجة للبضائع من مختلف الدول في ظل غياب متعمد للصناعة الوطنية، وشلل شبه تام لجميع المنشآت الصناعية للقطاعين الحكومي والخاص، حيث أن أكثر من 80% من المصانع متوقفة حتى الآن.
ومع شمول الاستيراد كل ما يحتاجه المواطن العراقي، أصبح منتسبو القطاع الصناعي، عالة على الاقتصاد وعلى الميزانية بعد أن كانت إيراداته تمثل 14% من الناتج القومي، إلا أن هناك توجه نيابي، لإنعاش الصناعة الوطنية في العراق.
يشار إلى أن العراق يمتلك شركات رسمية ما زالت فاعلة ومنتجة، مثل النسيج والصناعات الكهربائية، التي تحمل أسماء “عشتار” و”القيثارة” لمنتجاتها، فضلا عن المواد الغذائية، مثل الألبان، إلا اغلب هذه المنتجات تباع في مراكز الشركات، أو مكاتب محدودة فقط، ولم تصل للسوق المحلية، التي تزخر بالبضائع المستوردة.
إذ قال عضو اللجنة المالية النيابية مضر الكروي، إنه “لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد عراقي قوي دون بنية صناعية قادرة من خلال الإنتاج الإيفاء باحتياجات المؤسسات وصولاً إلى الأسواق وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون انفتاح موضوعي يأخذ بنظر الاعتبار دعم المنتج الوطني بشكل مباشر وفتح أبواب التسويق”.
وأضاف، أن “المادة 30/ثانيا من قانون الموازنة
العامة لسنة 2023 فرضت التزاماً على الوزارات والمؤسسات الحكومية كافة بسد احتياجاتها وشراء متطلباتها ومستلزماتها من المنتج المحلي”، لافتًا إلى أن “اللجنة ستوجه أسئلة واستفسارات رسمية للجهات غير الملتزمة بإحكام هذه المادة، والتي ستنعش الصناعة الوطنية”.
وأشار إلى أن “تطبيق هذه المادة محدود جدا وهذا خطأ فادح رغم توفر البدائل للعديد من المواد من خلال الصناعة الوطنية”، مبينا أن “اللجنة ستدرس هذا الملف وبيان أسباب عدم تنفيذها من أجل المضي بطرح حلول عملية تكون ملزمة للوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية”.
وكان نواب عراقيون أكدوا في وقت سابق، أن إخفاق حملات دعم الصناعة الوطنية في الحكومات السابقة يعود إلى أجندات سياسية تمنع إعادة تشغيل المصانع، لصالح توسع شركات الاستيراد التابعة لأحزاب نافذة منذ عام 2003.
وعزا متخصصون بالاقتصاد الضعف الحاصل إلى الفساد وضعف التسويق، وأكدوا أن معامل الوزارة شبه مشلولة، فيما بينوا أن الطريقة السليمة هي استيراد الأدوات وتكون الصناعة بمسمى نصف المصنع، حتى تخلق فرص عمل بالداخل وتسير العملية وفق هذا النمط
يشار إلى أن معامل الفوسفات والأسمدة والطابوق والمعجون والأدوية، كلها متوقفة أو شبه متوقفة، رغم أنها متداخلة بالقطاع الزراعي والصناعي.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، تدهورا كبيرا منذ التسعينيات من القرن الماضي ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.