الدورة البرلمانية الخامسة.. مهمة رقابية معطلة وتخادم واسع مع المسؤولين التنفيذيين

    يقول أكاديميون وسياسيون وإعلاميون، إن الدورة البرلمانية الخامسة لمجلس النواب العراقي، رسّخت مفهوم المحاصصة، فيما عطلت الصراعات المستمرة بين كتله الحزبية الدور التشريعي والرقابي للمجلس، عدا بعض المحاباة للمسؤولين التنفيذيين، الأمر الذي ينعش ظاهرة التخادم السياسي بين السلطتين، بينما يبقى المواطن ضحية هذه المنظومة التي تقاسمت كل شيء، وتركت الناس في مواجهة الأزمات المتوالية بلا انقطاع.

    تراكم للسلبيات

    عميد كلية العلوم السياسية السابق الدكتور عامر حسن فياض، قال ان «مهام البرلمان موزعة على ثلاثة أنواع: الوظيفة الأساسية الأولى سياسية، وتتمثل بانتخاب رؤساء مجلس النواب والجمهورية ومجلس الوزراء. ونعرف جيدا بان هذه الدورة قصّرت حتى هذه اللحظة في اداء الواجب السياسي في مجال اختيار رئيس جديد لمجلس النواب بعد تنحية الحلبوسي.

    واضاف قائلاً لـ»طريق الشعب»، ان «الوظيفة الثانية تشريعية، ونلاحظ ان هناك قوانين تأسيسية دستورية اساسية، ما زالت لم تستكمل ولم تشرع بعد، منها قانون المحكمة الاتحادية، مثلا، وقانون النفط والغاز وغيرهما».

    وتابع، ان «التراجع ايضاً كان من نصيب الوظيفة الثالثة المتعلقة بالدور الرقابي للمجلس، حيث تراكمت التراجعات. بالنسبة لدورات مجلس النواب السابقة وبضمنها الحالية، وان حصل شيء من الاستجوابات، فأن الهدف من ورائه التسقيط وليس المحاسبة او المراقبة، وان لم يحصل فلأن هناك تخادما في المصالح بين من يفترض ان يُحاسب على اعتبار ان كل الاطراف قابلة لان تكون موضع رقابة ومحاسبة».

    واشار فياض الى ان «القضية لا تتعلق فقط في التقصير في اداء السلطة التشريعية، فهناك بالأساس قصور في الناخب نفسه، الذي حتى اللحظة لا يجيد اختيار ممثلين عنه بحكم الإرث غير البرلماني، غير الديمقراطي»، مؤكدا ان هناك حاجة الى «اعادة نظر في الكثير من الأمور. يكفي ان بلادنا عاشت عقدين ينبغي ان تكون فيها تراكمات ايجابية، لكن للأسف نلاحظ ان السلبيات هي التي تتصلب وتتراكم».

    وشدد على ضرورة «تطوير ثقافة الناخب، وان يكون النظام الانتخابي عادلا ومنصفا ونزيها، يتقبل ما هو جديد. ونعلم ان ما تفضي اليه الانتخابات ليست الارادة الجمعية الحرة بل ارادة جمعية مذهبية او عشائرية»، لافتا الى «إننا لدينا آليات دستورية وهياكل شكلية ديمقراطية، لكن حشوات هذه الهياكل ما زالت حتى اللحظة تقليدية».

    وهن واضح

    من جهته، قال د. عصام فيلي ان «البرلمان الحالي يكاد يكون اصيب بالوهن الواضح منذ لحظة التئامه، بالتالي طبيعة التشكيلات بدت واضحة من خلال الصراع على اللجان البرلمانية ورئاسة اللجان، وهذا ما خلق إشكالية كاملة بين هذه القوى، اضافة الى كل هذا فإن البرلمان الحالي لم يؤدِ دوره الرقابي بصورة واضحة».

    وأضاف فيلي في حديث مع «طريق الشعب»، انه «لم يكن هناك استدعاء لأي وزير طيلة فترة عامين من عمر البرلمان الحالي»، مشيراً الى ان ذلك خلق اشكالية واضحة في تقييم مستوى الأداء.

    وتابع قائلاً ان «طبيعة المحاصصة السياسية التي ابتلي بها العراق، هي واحدة من اهم اسباب اجهاض قدرات البرلمان العراقي. كذلك عدم إدراك القوى السياسية طبيعة مهامها التشريعية والرقابية»، مبينا ان «الرقابة التي ظهرت كانت ضعيفة وان التشريعات لم تكن جوهرية وتمس جوهر حياة المواطن، وهذا بالنتيجة شكّل خللاً».

    واكد أن «الصراع السني ـ السني هو واحد من اهم الاسباب التي ربما عطلت حتى رئاسة البرلمان في هذه المرحلة»، مشيرا الى ان غالبية النواب صاروا يتجاهلون الدور الرقابي التشريعي، ويقتحمون الجانب التنفيذي «رغبة في إرضاء الجمهور».

    وطبقا لحديث الدكتور فيلي، فان البرلمان الحالي يحتاج لـ»هزة اجتماعية عنيفة او جماهيرية، يضطر القوى السياسية المتنفذة لان تحل البرلمان والذهاب الى انتخابات مبكرة».

    رقابة معطلة وتصاعد لحالات الفساد

    الباحث في الشأن السياسي رحيم الشمري، قال إن «الدورة البرلمانية الحالية لم ترتق الى المستوى المطلوب، حيث لم نشهد غير الاستضافات. والاستضافة أصبحت مسألة روتينية للمحاباة وتبادل الأحاديث وترتيب التخادم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية».

    وأضاف في حديث مع «طريق الشعب»، «أننا لم نشهد استجوابات حقيقية تحت قبة البرلمان مع تصاعد حالات الفساد»، مشيرا إلى أن «قرابة عام ضاعت في صراعات تشكيل الحكومة، والان مرت ستة أشهر ولا تزال رئاسة البرلمان شاغرة».

    ولفت الشمري الى ان «معظم التشريعات تتقاطع مع قوانين وانظمة وتعليمات ومع الدستور، كما حدث مؤخرا في مشروع قانون جهاز الامن الوطني ومشاريع أخرى، أو القوانين المعدة حاليا حول جهاز المخابرات الوطني كما ان مشاريع الاعلام كلها تتعارض مع الدستور».

    وخلص الشمري الى القول: ان نواب الدورة النيابية الخامسة يحتاجون الى تقييم من قبل لجان متخصصة، كما تفعل الحكومة مع مسؤوليها ووزرائها.

    انكسار لثقة المواطن

    الصحفي محمود النجار، قال «نحن نتحدث عن برلمان معطل. عن حلبة للمعارك وللصراعات السياسية ما بين الاحزاب، واقتتال طائفي ومذهبي واضح».

    وأضاف قائلاً لـ»طريق الشعب»، «للأسف الشديد ما زلنا نعاني من محاصصة سياسية بغيضة. البرلمان العراقي الان هو عبارة عن مهزلة ـ ان صح التعبير ـ لأننا لا نرى فيه سوى فيديوهات ومقاطع من الشتائم ومن العراك بالأيدي، وتبادل ألفاظ بذيئة، لا تليق بمن يمثلون الشعب».

    وزاد النجار، أن «البرلمان معطل اليوم، وهذا يؤدي الى مزيد من التناحرات السياسية ويعمقها، وبالتالي استمرار تراجع وانكسار ثقة الشعب والناخبين بالأحزاب الموجودة حاليا في السلطة».

    واعرب عن تمنيه أن يمضي البرلمان في اختيار الرئيس، لينصرف الى الاهتمام بقضايا الناس وتعزيز الدور الرقابي على عمل الحكومة»

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة