لايخفى عليكم دور وأهمية المدارس العربية في المهجر ، لأنها تمثل نقلة نوعية وألتصاق بأرثه وتاريخه وعروبته ودبنه ، وهذا ماتؤكد عليه الدراسات والبحوث النفسية والتربوية والتعليمية .
موضوع التربية والتعليم ، موضوع في غاية الخطورة والأهمية ، أذا لايمكن لغير المتخصص القيام به ، لنضرب أمثلة قصيرة :
النجار يتعامل مع الخشب بالمطرقة والمنشار والمسامير وغيرها من الأدوات لتطويع ذلك الخشب وأظهارة بالصورة النهائية الجميلة التي تروّنها على صورة أثاث أو بناء أو تحف فنية .
والحداد يتعامل بالمطرقة والسندان والنار واللحيم لتطويع الحديد وأظهارة بالصورة الجميلة في البناء والسيارات والمكائن وغيرها .
والفلاح يتعامل مع الأرض بأدوات الحراثة والسقي والرعاية والأدارة والأهتمام والصبر لشهور عديدة ، كي يظهر لنا الأنتاج الزراعي .
وهكذا هي المهن والحرف والأعمال الأخرى ، تحتاج لتخطيط وتنظيم وأدارة وأدوات لكي تظهر لنا بالصيغة والصورة الجميلة وقد تحتاج لوقت وجهد ساعات أو أيام وأشهر .
ولكن النفس البشرية، وبداية من الطفولة ، تحتاج لعمل كبير وكثير منها الدراسة والتخطيط التنظيم والأدارة وللحب والحنان والرعاية والأهتمام والكلمة والطيبة الصادقة والرقيقة ، ناهيك عن رضاعة الأم الطبيعية أو الصناعية والأمور الأخرى المتعلقة بالتنظيف والتغيير المستمر وسهر الليالي والأنتباه والرعاية في الثانية و الدقيقة والساعة وعلى مدار اليوم .
حتى وصوله الى مرحلة بدايات البلوغ لعمر 2- 7 سنوات . قد يذهب الى رياض الأطفال ، أو لايحتاجها أذا كانت الأم ليس لديها عمل وتقوم برعايته . أو الأب أذا لم يتوفر لديه عمل بسبب ظروف صحية .
عند وصول الطالب للمدرسة ، تصاحبه بعض الأنفعالات والتوتر والقلق النفسي ، يفترض تهيئته مسبقا ً لذلك الموضوع ، بالحوار الهادئ والمحبب مع مشاهدة فديوهات وأفلام وصور تحببه بالمدرسة ، وجلب له بعض الهدايا مثل الأقلام والكتب والقرطاسية والحقائب والألعاب ، ويفترض أن يهيأ الطفل لدراسة المواضيع البسيطة كالحروف والأرقام وبعض الجمل بالعربي والأنكليزي أو أي لغة أخرى ( مثل لغة الأم ) أو لغة ثانية عالمية أو للبلد المقيم فيه .
هناك دروس جميلة جدا ، موجودة في اليوتيوب أوجدها بعض الأخصائيين بالتربية والتعليم ( صورة وصوت ووسائل توضيحية وأرشادية ) ، تعلم منها الكثير من الطلبة ، وكانت لها فائدة كبيرة ، أقترح على وزارات التربية والتعليم الأستعانة بهم في وضع مناهج وفديوهات خاصة بالمدارس وبجميع المراحل ، لأن الدراسات والبحوث أقرت بأن الدروس النظرية الى جانب العملية وبالصورة والصوت والأداء الجميل والمميز يعطي نتائج جميلة ومرضية ويتجاوز كل العراقيل والصعوبات في زمن قصير وبجهد أقل .
هناك فكرة وموضوع أحببته جدا ً وأعجبني في رياض الأطفال في أوروبا ، في السنة الأخيرة تقوم معلمات الروضة بالذهاب بالأطفال الى المدرسة ويبدأون يشرحون للطفل بأنك في السنة القادمة ، سوف يكون صفك هذا ومعلمتك هذه ، وطبعاً يحضرون في ذلك اللقاء معلمين المدرسة وطلاب يرحبون به ويرغبونه بالمدرسة ، ويشرحون له المزايا والخصائص والطرق والألعاب والسفرات والمهرجانات ويعطوه لعبة جميلة مع كيك وعصير .
المدارس العرببة في بلدان المهجر ، لها أهمية ودور كبير في ظل تواجد معلمين وأساتذة أختصاص ( أكاديميين ) .
وأذا تعذر الحال ، فممكن وضع مناهج ودورات وكورسات تدريبية وتعليمية قبل الشروع في العمل ، من قبل الأساتذة المختصين .
لأن الطفل في بلاد المهجر محاط ببيئة صعبة جداً وفيها الكثير من المغربات وأختلاف اللغات والثقافات والديانات والميول والأتجاهات ونقطة مهمة ( ليس هناك خطوط حمر ) . أمام الطالب فقط مخالفة القوانين .
فقد تكون عائلته معتنقة دين وطائفة وأعتقاد معين ، ولكن محيط الطفل في المدرسة مخالف تماماً لذلك الموضوع ، وقد يكون الطفل ضمن عائلته له عادات وتقاليد وطقوس خاصه بهم ، ولكن محيطه في المدرسة مختلف .
وقد يكون الطعام في بعض العوائل له قوانين وألتزامات وضوابط وأصول ومنها ( الطعام الحلال ) . ولكن محيطه مختلف . هناك الكثير من القضايا الصعبة والمختلفة يصعب على العوائل المغتربة القيام بها لوحدها ، أذا لم تتواجد معها مؤسسات دينية وأجتماعية ومنظمات ومدارس عربية وأسلامية للتوعية والتربية والتعليم ، لأن الطفل في بداياته يشبه ( الطين ) ممكن عمله تحفة فنية رائعة وممكن أهماله وأفساده .
أو مثل ( البذرة ) أذا لم تضعها في الأرض وبمكان صحيح وتعمل على رعايتها والأهتمام لها ، لايمكن أن تجني منها ثماراً طيبة .
المهم أن نثق بأبنائنا ونوجههم نحو الطريق الصحيح والتربية والتعليم الجيد ، وضرورة المتابعة والرقابة والأهتمام والتشجيع المستمر ، وأن ننمي مواهبهم ورغباتهم المشروعة.