بقلم د. علي عزيز أمين
عبثاً تحاول آلة القتل والتدمير للكيان الإسرائيلي استعادة ردعها المفقود باستنساخ نموذج بطولاتها المعهودة والمتكررة ضد غزة الأبية بمدنييها وبيوتها ومستشفياتها ومدارسها ودور عبادتها وحتى مؤسساتها ومنظماتها الدولية وصحافتها المحلية والعالمية، والتلويح بتعميم هذا النموذج الوحشي داخل مدن ومخيمات وقرى الضفة والقدس المحتلة، وفي اليمن ولبنان والعراق وسوريا وحتى إيران.. وعبثاً يتسابق قادة هذا الكيان في إطلاق تصريحات ناريّة تهدّد حكومات وشعوب الوطن العربي الكبير إذا ما أحجموا عن الوقوف معهم في حربهم “المقدسة”.. فقد ذاب الثلج وبان المرج، وسقطت كلّ أقنعتكم الخدّاعة وأكاذيبكم التاريخية المُضلّلة بالصوت والصورة وسط كثبان غزة الرملية أمام مرآى ومسمع العالم أجمع، وانتصر الدم الفلسطيني الطاهر على سيوفكم الهمجية التي لا تظهر شجاعتها سوى على المدنيين الأبرياء العُزّل، وهذا ديدنكم المعتاد الذي أُفتُضِح. وأضحى “جيشكم الذي لا يُقهر”، أو كما أسماه حاخامات “غوش إيمونيم” الاستيطانية “جيش الرب” و”أقدس الأقداس” الذي يُجسِّد سلطة “شعب الرب على الأرض” ـ ربّكم الخاص بكم حصراً “يهوه” وليس ربّ العالمين والناس أجمعين ـ مجرّد قطعان عصابات إجرامية تلبس حفّاضات، ولم يعد يُجديكم نفعاً غطرسة صانعيكم في الغرب الاستعماري الذي أفل نجمه وحان وقت غروبه إلى غير رجعة. فقد أوشكت نبوءة كبيركم ومؤسس كيانكم “غورين” الملقّب بن غوريون على التحقّق: “إن إسرائيل تسقط بعد أوّل هزيمة تتلقّاها”.
إن رقصة الطائر المذبوح التي تؤدونها، وتعتقدون أنها انتقام الأسد الجريح، لن يفيدكم بشيء بل سيرفع فاتورة حسابكم الكبير عندما يحين وقت إغلاق الحسابات المفتوحة وتدفيع الأثمان، وإن كنتم ما زلتم تعتقدون أنّكم أسد هصور، فلتواجهوا وجهاً لوجه أسود فلسطين التاريخية ولبنان واليمن والعراق وكثير لا تعرفونهم الله يعرفهم، ولا تتصرفوا في أحسن أحوالكم كثعلب يخطف فراخاً تحت جنح الظلام. وإذا ما زلتم تؤمنون بما قاله المجرم الحاصل على جائزة نوبل للسلام مناحم بيغن “لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل”، وتتمادون في المزيد من المجازر والتنكيل والتدمير متوهّمين بأن ذلك سيؤخّر دنو أجلكم المحتوم، وبأنكم ستبقون فوق المساءلة والعقاب والقانون الدولي والإنساني. فإن هذا الزمان قد ذهب أدراج رياح المقاومة التي ستردّ لكم الصاع صاعيْن، وستدفعون الأثمان بالجملة والمفرّق، ولن يفيدكم المرتزقة المستأجَرين ولا المطبِّعين، ولا الذين لا يزالون متمسّكين باتفاقات تنصلتم منها وداستها أقدام عصاباتكم الإجرامية بل وقتلتم زعيمكم التاريخي “رابين” الذي وقّعها في وضح النهار، ولا مبادرات “السلام” التي أدرتم الظهر لها وحقّرتموها ووصفتموها بأنها “لا تساوي الحبر الذي كُتبت به”، ولا صانعيكم وداعميكم بلا حدود الآفلين.. فقد ولّى زمن هزائمنا وبزغ فجر الانتصارات.. وإنّ غداً لناظره قريب.