يوسف حسن –
في ظل استمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة وتصاعد أعداد الضحايا المدنيين الفلسطينيين، يتزايد الغضب والاستياء في أنحاء العالم من السياسات الإسرائيلية وسلوك بعض مؤيديها المتطرفين. لم يعد هذا الغضب مقتصرًا على التنديد اللفظي أو المظاهرات الشعبية، بل بدأ يظهر في مواقف أكثر شدة تصل إلى مستوى التوترات المحلية، خاصة في الدول التي تستضيف الفرق الرياضية الإسرائيلية أو مشجعيها، كما شهدنا مؤخرًا في العاصمة الهولندية أمستردام.
ففي أعقاب المباراة الأخيرة بين فريق مكابي تل أبيب ونادي أياكس الهولندي، اندلعت سلسلة من الأحداث المؤسفة في أمستردام، حيث قوبل سلوك بعض المشجعين الإسرائيليين باستنكار واسع بسبب تجاوزات متعمدة. شملت هذه التجاوزات اعتداءات لفظية على سائقي سيارات الأجرة العرب، وتمزيق أعلام فلسطينية من على الممتلكات الخاصة، إضافة إلى تصريحات جارحة تعكس فخرًا بالقوة العسكرية الإسرائيلية، بل والتباهي بتدمير المؤسسات والمدارس في غزة.
هذه الحوادث التي شهدتها أمستردام ما هي إلا مثال واحد على تصاعد الغضب الجماهيري في مختلف دول العالم تجاه إسرائيل، كنتيجة طبيعية للسياسات العدوانية والعنيفة التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. ويمثل هذا الغضب المتزايد حالة من الرفض الشعبي العارم للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث باتت مشاهد الدمار وفقدان الأرواح البريئة في غزة تثير شعورًا عميقًا بالألم والحنق بين الشعوب الحرة.
ليس من المستغرب أن يؤدي هذا الازدياد في مشاعر الاستياء والغضب إلى تداعيات تؤثر على صورة إسرائيل عالميًا، وتنعكس في ردود فعل جماعية قد تتخذ أشكالًا متباينة، من المظاهرات والاحتجاجات، إلى المقاطعات الثقافية والرياضية، وحتى توترات قد تقع في الفعاليات التي تضم حضورًا إسرائيليًا. وبالرغم من أن هذه الردود لا تخلو من حوادث عنيفة أحيانًا، إلا أنها تعكس إحساسًا عالميًا قويًا بأن العدالة والإنسانية يجب أن تكونا فوق كل الاعتبارات السياسية.
الحل الجذري لهذه القضية لا يكمن في قمع الأصوات المعترضة أو تقييد حرية التعبير، بل يكمن في اتخاذ خطوات فورية لإنهاء الحرب في غزة ووقف الاعتداءات على المدنيين. فمادام الشعب الفلسطيني يعاني تحت وطأة الحصار والاحتلال وتدمير المنازل والبنية التحتية، فإن مشاعر الغضب تجاه إسرائيل ستستمر بالتنامي، بل وقد تتفاقم في المستقبل.
إننا بحاجة إلى جهد دولي مشترك للوصول إلى حل دائم وعادل يعيد السلام والاستقرار إلى المنطقة ويضع حدًا لهذا النزاع الذي طال أمده. وسائل الإعلام العالمية مدعوة للقيام بدور مسؤول في نقل الحقائق بموضوعية، والمساهمة في زيادة وعي الرأي العام الدولي بحقيقة ما يجري على الأرض. فالمجتمع الدولي، بفضل أصوات الشعوب والمجتمعات الحرة، قادر على ممارسة ضغط حقيقي لتحقيق السلام وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتفادي تكرار مشاهد العنف في دول العالم.