السعودية.. ملامح المرحلة القادمة

    ومع ان ولي العهد الجديد، الامير مقرن، اصغر بناء عبد العزيز، ليس له اخ شقيق وهو من أم يمانية لكنه يبدو متحالفا مع السديريين، فهو الذي جاء ببندر بن سلطان الى الواجهة عام 2012 وكان من داعميه، رغم ان بندر حل خلفا له على رأس المخابرات السعودية.
    ولعل أهم ما في العودة السديرية هو تولي محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد الى جانب وزارة الداخلية، وتولي محمد بن سلمان نجل العاهل الجديد وزارة الدفاع.

    مايهمنا في هذه العودة، هو خصوصيات الجناح السديري في اسرة ال سعود، والتي يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
    1. محافظون فيما يتعلق بالتغيير في المنهج المتبع بالحكم وملتزمون بصيغة “الشيخ ـ الأمير”، وبالتالي فان اغلب المراقبين للشأن السعودي يتحدثون عن عودة التشدد الى السلطة والشارع السعودي.. ومما يعزز هذه القراءة الرسالة التي نشرها ويكيليكس وتعود الى 2007 في ان الملك الجديد يرى ان الديمقراطية لاتتناسب مع الحالة السعودية وانه يتبنى نهجا “حذرا” في الاصلاح!
    رغم ذلك ستكون لهذا النهج مردودات سلبية كبيرة بسبب ارتفاع مستوى التوقعات نتيجة التطورات التي شهدها الاقليم خلال السنوات الاخيرة.

    2. انتماءهم للوسط العسكري والامني وامساكهم بالداخلية والدفاع منذ زمن، وبالتالي ستزايد سطوة المؤسسات الامنية والقمع في الداخل، ومع وجود العناصر الشابة ـ نسبيا ـ التي تتولى المواقع الامنية والعسكرية وتعاونها الوثيق مع الغرب فقد يكون الاختلاف هذه المرة في طريقة القمع والاسكات من “الغبي” الى “الذكي”، اي بعبارة ادق تطوير اساليب السيطرة.

    3. تحالفهم مع التيار السلفي والحضوة المتبادلة بينهم، حتى مشروع المناصحة الذي يقال ان محمد بن نايف هو من بدأه فقد كان الهدف منه احتضان عدد اكبر من الخارجين عن السيطرة واعادتهم الى جادة الاهداف المنظورة من قبل السلطة.. لذلك ترى العديد ممن يقتلون اليوم في العراق وسوريا من الارهابيين السعوديين هم من خريجوا مشروع المناصحة الذي حولهم من متمردين محليين الى ارهابيين عالميين.
    ومن ثوابتهم ايضا معاداة التيار الصحوي او ما كان يراه الامير نايف نتائج تبني الفكر الاخواني من قبل اشخاص في المؤسسة الدينية.
    وبالتالي سيشتد العداء مع الاخوان والجهات الداعمة لهم وللمقاومة الاسلامية في فلسطين وسيقترب السعوديون اكثر من مصر والامارات.

    4. قوة العلاقة بالادارة الاميركية والمحافظين على وجه التحديد، رغم ان لجميع الامراء علاقات مع السلطة في البيت الابيض والبنتاغون والكونغرس.. لكن قوة التأثير السديري داخل الاسرة الحاكمة جعلهم على رأس اجندات الاميركيين.. لذلك لا عجب من استقبال الرئيس الاميركي باراك اوباما لوزير الداخلية محمد بن نايف وكأنه ملك السعودية القادم.

    هذه الصورة يضاف اليها تعقيدات الحالتين السورية واليمنية، فـ”الخطر” الحوثي الذي كانت تعمل المملكة السعودية على استأصاله في اليمن من خلال ستة حروب وبواسطة السلفيين وجماعتها من القاعدة، اصبح حقيقة قضت على حلفائها، وصار الحوثيون جيران المملكة الاقوياء الذين ستضطر للتعامل معهم، وما نرجوه ان يكون التعامل بما يؤدي الى الاستقرار في البلدين..

    وفي سوريا قد تجد المملكة نفسها في تراجع، لكن هذا التراجع سيكون بعد حل الاشكاليات مع قوى المقاومة في لبنان وبعد الجلوس في مفاوضات مع الايراني، الذي كانت دعوته غريبة خلال الايام الماضية وقبل يومين من اعلان السعودية وفاة مليكها.. فقد دعت ايران السعودية مرتين في يوم واحد او يومين متتالين الى تغيير نهجها والتفاوض حول المسائل المشتركة وكأنها على اطلاع بوفاة الملك عبدالله ومجئ قيادة جديدة..

    المملكة السعودية تمر بمرحلة عصيبة للغاية على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولو ان الاميركيين نجحوا في ادارة ملف انتقال السلطة سلميا الى الان، لكن الوقت لايزال مبكرا في الحديث عن نتائجه مع وجود كم كبير ممن يدعون الاحقية في الوصول الى قمة الهرم.. وفي الخارج تواجه فشل العديد من مشاريعها وتحول السيف الذي شهرته بوجه اعدائها الى سكين مسلط على رقبتها (داعش واخواتها).. كما ان ندها الاقليمي تجاوز المخطط الاخير وانهيار اسعار النفط، ولايزال يتمسك بحقه وشروطه في الملف النووي مما استدعى غزلا اميركيا اخرا على لسان الرئيس..!

    وكما يقال: الكرة في الملعب السعودي.. فأما ان تصر على نهج لم ينتج لها سوى المتاعب والتحديات او تختار نهجا جديدا يفتح امام المنطقة آفاق مرحلة مختلفة عن السنوات الماضية

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة