أصر “لؤي” ذو الخامسة والعشرين ربيعا أن يلتقي قاضية التحقيق المختصة بقضايا المخدرات في محكمة شط العرب في البصرة بعد أن قضى عقوبته بالحبس لسنة واحدة.
عندما التقاها قال لها “لقد حكمتِ عليّ بالحبس وأنا استحق ونادم، لكنني أريد أن أكف عن تعاطي المخدرات بيد أنني لا استطيع ولم أجد مكانا للعلاج من الإدمان الذي أصابني”.
ولم تجد القاضية إلا أن تطلب منه أن يذهب إلى أي مكان للعلاج بسبب عدم وجود أي مشفى طبي لمعالجة المدمنين على المخدرات في مدينة البصرة التي تعد أبرز بوابات دخول و تجارة المخدرات في العراق.
تقول علياء ناصر قاضية التحقيق الآن، وهي القاضية التي أصدرت الحكم على “لؤي” من محكمة الجنح إن “أبرز المشكلات التي نواجهها في موضوع المخدرات هي عدم وجود أماكن لمعالجة المدمنين”.
وتضيف ناصر أنه “على الرغم من أن قانون المخدرات ألزم وزارة الصحة بإنشاء مصحات لمعالجة المدمنين على المخدرات، إلا أن هذا لم يتحقق في الكثير من المدن العراقية والبصرة منها، لذا يضطر المدمنون على الاستمرار بتعاطي هذه السموم حتى من يرغب منهم بالإقلاع عنها”.
وعن سبب انتشار المخدرات بشكل غير مسبوق في العراق و خاصة في المحافظات الجنوبية، ذكرت القاضية أن “القدرات التنفيذية لمحاربة المخدرات لا تتناسب وحجم هذا الخطر وبرغم دعواتنا المستمرة إلى أنها ما زالت متواضعة فضلا عن مشكلة عدم السيطرة على الحدود بشكل جيد”.
وبالسؤال حول أن جميع أصناف المخدرات تدخل إلى العراق من خارج الحدود أم لا، أجابت القاضية “هذا كان في السابق؛ أما الآن فقد تم إنشاء معامل لصناعة بعض أصناف المخدرات غير النباتية وعلى رأسها المخدر الذي صار ذائع الصيت والذي يسمى (الكريستال)”
وعن طبيعة هذه الصناعة وهذه المعامل أوضحت القاضية ناصر “يُعرف بين مروجي المخدرات من يقوم بعمل مادة الكريستال بـ(الطباخ) نسبة إلى عملية تصنيعه التي تتم على شكل طبخة، وتتضمن خلط مجموعة من المواد الصناعية في (قدر الضغط)”.
وبشأن كيفية نشأة هذه المعامل وعددها أفادت القاضية بأنه “لا يوجد عدد كبير من هذه المعامل وما يوجد منها في اماكن سرية وغير معروفة وتسمى هذه الورش تسامحا بالمعامل إلا أنها عبارة عن غرف قد تكون في منازل سكنية، وتم تعلم أو تصنيع المخدرات نتيجة علاقات تجار المخدرات العراقيين مع تجار من بلدان الجوار”.
وفيما اذا كانت هنالك جنسيات أجنبية تقوم بتصنيع مادة الكريستال في محافظة البصرة، أكدت القاضية ذلك مشرة أن “هناك من طباخين من جنسيات معينة يقومون بهذا العمل في البصرة وقد تم إلقاء القبض على مجموعة منهم و تمت محاكمتهم والآن هم في السجون العراقية ومنهم من لم تصلهم الأجهزة المسؤولة إلى الآن”.
فيما أكد قاضي الجنايات في محكمة استئناف البصرة أن “مخدر الكريستال يعد الأكثر رواجا من غيره في الفترة الأخيرة نظرا للقوة التخديرية له، وبسبب تنامي تجارته عمل بعض التجار المخدرات على إنشاء معامل صغيرة وعادة ما تكون بتأسيس وإشراف محترفين غير عراقيين”.
وأضاف قاضي الجنايات أن “المعلومات التي استطعنا الحصول عليها من المتهمين الذين ألقي القبض عليهم أن المصنعين أو الذين باتوا يعرفون بـ(الطباخين) يرفضون تعليم العراقيين طريقة إنتاج مخدر الكريستال، لذا يضطر بعض المروجين للمخدرات من العراقيين إلى الاستمرار في التعاون مع هؤلاء الأجانب لتحقيق مكاسب أعلى من استيراده من خارج البلاد”.
وأكد القاضي أن “مخدر الكريستال وباقي الأصناف الأخرى تعد خطرا كبيرا وللأسف أن الإجراءات الوقائية والتنفيذية لا تتناسب وهذا الخطر خاصة في محافظة البصرة التي تشكل أبرز بوابة لدخول المخدرات إلى باقي محافظات العراق”.