فريق التحليل السياسي
لم يعد خافيا على ان ايران تتعامل بطريقتين مع ساحات او ازمات قريبة منها اصبحت هذه الازمات مربوطة بايران بشكل عضوي ان لم تكن ايران هي المقصودة من وراء خلق مثل هذه الازمات باستثناء قضية الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي التي تبنتها ايران الثورة كقضية سيادية دينية منذ لحظات الثورة الإسلامية الاولى.
وهاتان الطريقتان كالتالي:
1 ـ طريقة الدولة الاقليمية الكبرى وقادتها يعلمون جيدا مامعنى الدولة والقيادة والعلاقات حتى مع امريكا والغرب والسعودية ولديهم تفاهم جيد مع الحكومة العراقية حول هذا الموضوع…
2 ـ طريقة حفظ المصالح ومد التاثير، وهذه مختلفة عن الاولى لانها متعلقة بمؤسسات مهمتها اعداد المشاريع والخطط الكفيلة بمد تأثير ايران وحفظ مصالحها والاستعداد للطواري وعموما يتكفل بهذا جهاز الحرس الثوري وبالتحديد مؤسسة القدس او غيرها من الاجهزة الامنية الايرانية الاخرى.
تتحرك ايران بهاتين الطريقتين في بعض الساحات او الدول الملتهبة ومنها العراق، والمرجح في ايهم يكون الخيار الافضل يعتمد على مجمل الظروف السياسية والامنية والعسكرية في البلد المعني وعموم المنطقة، من قبيل ان ايران عندما فوجئت بداعش اثببت للعالم انها مستعدة حتى لما هو ابعد من هذه المفاجئة فتقدم الحوثيين على صنعاء لتربك طهران خصومها وتشغلهم بأنفسهم عنها وحقيقة في الحسابات التحليلية السياسية فأنه لولا تحرك الحوثيين على صنعاء واندلاع الحرب اليمنية السعودية ودخول الامارات على الخط وتراجع عمان والكويت وقطر وبدأ التصدع في الجبهة الخليجية لما انهارت داعش في العراق وسوريا بهذه السرعة وهذا احد اهم عوامل الانتصار على داعش.
قراءة الموقف الايراني ليست صعبة فلايران ستراتيجيات متشابهة ومن قراءة اسلوبها في لبنان مثلا يمكن ان نبني تصورا عاما عن اساليبها في التعامل مع الوضع العراقي المشابهة تقريبا للبنان.
كان باستطاعة ايران ان ترفض تغيير رئيس الوزراء السابق المالكي وتبقية عنوه لكنها رأت ان هذا الطريق يؤدي الى ان العالم يفهم بانها اختارت الطريق الثاني على الاول في التعامل مع العراق وهذا لايناسبها لذلك انسجمت كليا ووافقت على مشروع تغيير المالكي لانها تريد للطريقة الاولى بان تستمر في التعاطي مع العراق وان حافظت على الطريقة الثانية لانها تتوقع المفاجآت الاقليمية او المحلية…
في الانتخابات القادمة يتوقع البعض ان ايران ستجمع الفتح مع القانون مع ارادة مع جماعات مستقلة اخرى قريبة لها لتشكل غالبية تُخرج رئيس الوزراء من ضمنها، ومن يتصور هذا فهو بعيد عن فهم مقاصد السياسية الايرانية وطريقة تعاطيها، لان هذا التحرك هو تفعيل للطريقة الثانية على الاولى وهذا يعني اقرب بحالة حرب اقليمية ان لم تكن دولية، ايران بمقدار دعمها للمقاومة في لبنان الا انها لم تتحرك لكي تبتلع الدولة اللبنانية او ان تفرض عليها وصاية لانها تميز بين الدول وبين مصالحها جيدا وهكذا ستفعل مع العراق لاحقا.
نعم يمكن ان تجمع ايران هذه الاطراف وغيرها لتشيكل كتلة برلمانية كبيرة توفر الحماية التشريعية لمشروع فصائل المقاومة مثلا او تكون حائلا امام منح أمريكا او الغرب نفوذا واسعا في العراق او ان يكون للبرلمان العراقي صوتا في ازمات سوريا ولبنان والبحرين واليمن وهكذا، لكن طريقة تعاطي ايران مع رئاسة الوزراء الماضية واللاحقة ستكون بعقلية مصالح الدولة العليا التي تقرها الطريقة الاولى وليس الثانية.