باسم العوادي
لاشك ان التغيرات التي اصابت الواقع الانتخابي والعمل السياسي هذه الدورة الحكومية هي بصورة المفاجئة السياسية وهذا مايقود الى ان الدورة الانتخابية 2022 وبناء على معطيات نوعية من الاستقرار السياسي المقبول خلال السنوات الاربع القادمة في العراق ستكون التغييرات فيها على شكل الصدمة وليس المفاجئة فحسب.
ولعل واحد من اهم التوقعات السياسية لمابعد انتخابات 2018 اذا ما ضمن العبادي التمديد لفترة ثانية يؤكد على ان العراق سيغادر التركيبة القومية والطائفية وستمهد السنوات الاربع القادمة الى ودلاة تيارات جبهوية وطنية ثلاثة يمكن ان تتبلور خلال السنوات القادمة بصورة واضحة وهي في بدايات التشكيل الوطني على الشكل التالي:
1 ـ التيار المحافظ (اليمين)
ويشمل في هذه الانتخابات من الطرف الشيعي قائمتي القانون والفتح ومن الطرف الكردي الحزب الديمقراطي الكردستاني ومن الطرف السني تحالف القرار للنجيفي والخنجر وعراقية اياد علاوي وحوار المطلك ومن يدور في فلك هذه الاطراف.
ويمكن وصف هذه القوائم بانها قوائم اليمين او القوائم المحافظة لانها لم تدخل اي تغييرات على ادائها السياسي وهي متمسكة عموما بقدر كبير من الاستجابة لقرار الحليف الخارجي وهي محسوبة في داخل شرائحها على كونها الاكثر تمثيلا قوميا او مذهبيا، وتحالف هذه الاطراف هو الذي قاد حالة الانهيار العام التي صاحبت العراق مابعد 2010 بعد ان اتفقت هذه الاطراف عموما على تشكيل الحكومة انذاك، طبعا بدون النظر الى بعض الاسماء الجديدة التي انضمنت اليهم وهي بالمحصلة ممثلة لتوجهاتهم تماما….
2 ـ التيار المنفتح (اليسار)
وهي مجموعة القوائم التي غيرت من توجهاتها وخطابها بطريقة كبيره خلال المرحلة الاخيرة ومثلها من الطرف الشيعي التيار الصدري وتيار الحكمة ومعهم عموم الاحزاب المدنية الحقيقة ومنها تمدن والتيار الديمقراطي، ومن الطرف الكردي حركة التغيير وحركة الجيل شاسوار عبد الواحد، فيما لم يظهر في الوسط السني حزب معروف بهذه التوجهات وانما برزت اسماء لنواب سنة كثر وبعضهم شكل احزاب صغيره للمشاركة في الانتخابات الحالية وبعضهم انضم للاحزاب والاطراف المدنية..
وعموم هذه الاطراف قد بدأت تمثل اليسار الوطني حيث الانفتاح الكامل والتغيير الجذري احيانا في التوجهات السياسية والخطاب الاعلامي والابتعاد عن الاطراف المحافظة والترويج لقيادة الشباب والمدنية والليبرالية والانفتاح على الاطراف الاقليمية والدولية.
3 ـ تيار التوازن (الوسط)
واقتصر تقريبا على قائمة النصر الجديدة وطريقة تشكيلها ورؤيتها في الادارة اذا ما بقيت في كرسي رئاسة الوزراء مرة ثانية، ويقترب منها الحزب الاسلامي اذا ما اعتبرنا ان طريقه تعاطي رئيس البرلمان سليم الجبوري ممثلا واقعيا لهم من الطرف السني، فيما يقترب منه ايضا حزب برهم صالح الجديد ويقترب منهم جناج عائلة الطالباني في الاتحاد الوطني الديمقراطي فيما يختلف الجناح الثاني كليا ويمثل الخط المحافظ.
ميزة هذه الاطراف انها سلكت طريقا وسطا بين التوجه نحو اليمين المحافظ وتبني شعاراته واهدافه وسياساته وبين ايضا تيار اليسار وخطابه الاعلامي الجديد وما يمثله من تطلعات جديدة كليا تريد بدورها ان تغيب الخط المحافظ كمظهر قديم فشل في ادارة الدولة.
لاشك ان العبادي وادائه السياسي وطريقة تعاطية في الازمات الداخلية والخارجية كان الحافز على تبلور خط الوسط بصورة واضحة متمثلا فيه بل حقق ميزه له بان جعل العبادي هو الشخص الابرز والمتصدر خلال الدورة القادمة لقيادة تيار الوسط الوطني، في حين تبدو هناك صعوبة حالية كبيرة في تحديد الشخص الابرز لقيادة اليمن المحافظ او اليسار المنفتح بسبب زخم الشخصيات الكبيرة المتعددة في كل طرف…
مع التأكيد ان الخارطة التي اشرنا لها اعلاه في بدايات التشكل ولكنها نتيجة حتمية ستبرز خلال السنوات الاربع القادمة باعتبار ان الخروج من الكتل والقوائم القومية والطائفية سيقود الى كتل وطنية وهذه بدورها ستقسم الى تحالفات يمين ويسار ووسط بدون شك، وعلى هذا الاساس فالقوائم التي ستشكل في انتخابات 2022 هي على هذا الاساس اذا لم يحدث اي مفاجئات سياسية خارجة عن المألوف في المنطقة او العراق.
يمكن ان تعيد بعض الاطراف تموضعها لاحقا وتنتقل من طرف الى آخر بناء على متقضيات مصلحتها الحزبية، وبكل تأكيد فان هذا البنيان سينهار اذا لم ينجح العبادي في اكمال الدوره القادمة باعتبار ان شخصية جديدة تعني عقلية جديدة بحاجة الى قراءة عميقة لفهمها، لكن حتما فان العراق سيخسر عملية العبور التي يمثلها العبادي الى رحاب الجبهوية السياسية الوطنية.