بغداد | تشي التوقعات الأوليّة لنتائج محافظات «إقليم كردستان» بتصدّر الحزبين التقليديين «الحزب الديموقراطي الكردستاني» (مسعود البرزاني) و«الاتحاد الوطني الكردستاني» (أبناء الراحل جلال طالباني). هذه الثنائية، التي اعتاد الأكراد على تصدّرها للمشهد السياسي، في «إقليم الشمال»، كُسرت في رابع دورة انتخابية يشهدها العراق، مع صعود نجم الأحزاب المعارضة لسياسة أربيل ــ السليمانية. واستناداً إلى المعطيات المتداولة فقد حجز «البرزانيون» 4 مقاعد من حصّة محافظة نينوى (31 مقعداً)، في وقتٍ نال «الطالبانيون» مقعداً في محافظة ديالى، و6 في محافظة كركوك؛ ذلك أن «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» في صدد نشر النتائج النهائية للمحافظات المتبقية (أربيل، السليمانية، النجف، دهوك، صلاح الدين، كركوك، ميسان، ونينوى) خلال الساعات الـ48 المقبلة.
التأخير في إعلان نتائج محافظات «الإقليم»، تراه القوى المعارضة «متعمداً» ومدخلاً لـ«تزويرٍ واقع»، وفق تعبير عددٍ من المصادر السياسية الكردية المعارضة لـ«الثنائية» التي أكّدت في حديثها إلى «الأخبار» أن «الأحزاب الكردية الستة، المعترضة على نتائج الانتخابات عقدت اجتماعاً مغلقاً، وأعربت عن اعتراضها على الفرز الإلكتروني»، مؤكّدةً رفضها لـ«النتائج الأوليّة الصادرة عن المفوضية، ورفضها للعملية بأكملها باعتبارها مزورةً ومخروقة». وقال الأمين العام لـ«الاتحاد الإسلامي الكردستاني» صلاح الدين بهاء الدين، إن «أحزاب (التغيير)، و(الاتحاد الإسلامي)، و(تحالف الديموقراطية والعدالة)، و(الجماعة الإسلامية)، و(الشيوعي الكردستاني)، و(الجيل الجديد)، عقدت اجتماعاً في العاصمة أربيل، حيث رفض المجتمعون كامل العملية الانتخابية ونتائجها، بوصفها «لا تعكس رغبة جماهير كردستان، فهي مزورة وشهدت خروقات»، مطالباً بإعادة الانتخابات في «الإقليم وكركوك بإشرافٍ دولي بأسرع وقت، لأن الهدف الأساس من موقفنا هو إعادة حقوق الناخبين».
تسعى القوى المعارضة الكردية إلى تثبيت حضورها بتقديم طعونٍ
حصّة محافظات «الإقليم» (أربيل، السليمانية، دهوك) من البرلمان تبلغ 52 مقعداً (عدا نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى، ذات الوجود الكردي الملحوظ)، لم تحسم حتى الآن، إلا أن مصادر «الديموقراطي» ترجّح في حديثها إلى «الأخبار» أن تحوز على نصفها تقريباً (25 نائباً)، في حين أن القوى المعارضة تسعى إلى تثبيت حضورها بتقديم طعونٍ إلى «المفوضية» تؤكد ضلوع «الديموقراطي» و«الاتحاد» بعمليات التزوير. وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر «التغيير» أن «الحديث عن نيلنا 6 نوّاب أمرٌ منافٍ للواقع»، مشيرةً في حديثها إلى «الأخبار» أن «ماكينتنا الانتخابية ترجّح فوزنا بـ11 مقعداً على الأقل».
كركوك والهوية الضائعة
لم يكن مستساغاً لأربيل تقويض نفوذها في كركوك، فـ«المدينة ومحافظتها جزءٌ من الإقليم»، لكن الدستور العراقي اعتبرها من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل. استفتاء الانفصال (أيلول 2017) وما تلاه من رد فعل الحكومة الاتحادية، واستعادتها معظم المناطق المتنازع عليها، خلق حساسيّةً مفرطةً بين العرب والأكراد، الأمر الذي تُرجم في شكلٍ واضح يوم الاقتراع، وما شهده من احتجاجات وصلت حدّ المواجهة. وبالعودة إلى السبت الماضي، حاصر محتجون من «الجبهة التركمانية» وأنصار قائمة «الفتح» أحد مراكز الاقتراع في كركوك (على خلفية غياب نتائج تصويت العرب والتركمان، وتفوّق الأحزاب الكردية، على رغم أن 90 في المئة من الناخبين هم من المكونين العربي والتركماني)، يشير إلى أن «حراجة الموقف»، الأمر الذي دفع ببغداد إلى الإعلان عن إرسالها «لجنة تدقيقٍ في الخروقات». رئيس «المجموعة العربية» في مجلس محافظة كركوك، برهان العاصي، قال إن «اللجنة المكلّفة ستحقق في الخروقات التي ارتكبها (الاتحاد الوطني) في المناطق العربية في المحافظة»، موضحاً أن «المكوّن العربي هنا، لا يحرّك ساكناً بسبب الهيمنة الكردية». وأضاف في حديثه إلى «الأخبار» أن «المكوّن العربي ضبط في شكلٍ ملموس أجهزة العد والفرز الإلكتروني، تعدُّ الأصوات لمصلحة (الاتحاد) فقط، وكأنها مبرمجةٌ لمصلحته»، مبيّناً أن «المكوّن العربي كشف عنها قبل شهر من الاقتراع، لكن من دون جدوى واستجابة».
بدوره، رأى المحلّل السياسي أحمد الأبيض، أن «اللجنة لا يمكنها فعل شيء، بسبب اعتماد العد والفرز الإلكتروني»، لافتاً في حديثه إلى «الأخبار» إلى «وجود تعقيدات داخل مفوضية الانتخابات، من عرقلة وتعثر في إعلان النتائج، وعدم الاتفاق على موعد المؤتمرات الصحافية»، فيما أكّد في الوقت ذاته أن «بعض أجهزة العد والفرز الإلكتروني قد تعرّضت إلى التهكير والاختراق».
وفي هذا السياق، قال النائب عن «إئتلاف الوطنية» (بزعامة إياد علّاوي) عبدالكريم عبطان، إن «نتائج انتخابات كركوك وبغداد مشكوكٌ بنزاهتها»، مشكّكاً بـ«عمل الأجهزة المستخدمة للعد والفرز لأنها كارثة كبيرة». وأضاف في حديثٍ صحافي أن «نسبة المصوتين الفعلي في الانتخابات لا تتجاوز 19 في المئة، وليس ما تم إعلانه بأنها 45 في المئة»، معرباً عن قلقه من «حالات التلاعب بالأصوات، خصوصاً في بغداد وكركوك والأنبار؛ فبالأمس كانت الأرقام تختلف عن أرقام اليوم… وهذه كارثة ستجر البلاد إلى نهايات مدببة، لأنها عبارة عن أكذوبة ولا نجد تفسيراً لها».