يستمر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بكسب قادة الكتل السياسية «الكبيرة» لفريقه، تمهيداً للوصول للكتلة البرلمانية الأكبر، وتشكيل حكومة جديدة «بعيداً عن ائتلاف المالكي».
وعقب يومين من لقاء زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، بالصدر، التقى الأخير في ساعة مبكّرة من صباح أمس الأحد، رئيس الوزراء العراقي، وزعيم قائمة «النصر»، حيدر العبادي، في العاصمة بغداد.
الطرفان أكدا على «استيعاب» جميع الكتل والأطراف السياسية، إضافة إلى الإسراع بتشكيل الحكومة.
بيان لمكتب العبادي نقل عن الأخير دعوته، خلال اللقاء: «جميع الكتل إلى القبول بالنتائج (الانتخابات) وإتباع السبل القانونية للاعتراضات»، كما دعا المفوضية إلى «النظر بها»، مشدداً على أهمية «التحرك بسرعة ليمارس من فازوا بالانتخابات دورهم ومهامهم في مجلس النواب».
وطبقاً للعبادي، فإن لقاءه مع الصدر جاء لـ»العمل سوية من أجل الإسراع بتشكيل الحكومة، وأن تكون الحكومة المقبلة قوية، وتوفر الخدمات وفرص العمل وتحسين المستوى المعيشي ومحاربة الفساد».
وأوضح أن «اللقاء شهد تطابقا في وجهات النظر بضرورة استيعاب الجميع».
أما الصدر، فاعتبر أن اللقاء يمثل «رسالة طمأنينة بأن الحكومة المقبلة أبوية وترعى كل الشعب. يدنا ممدودة للجميع ممن يبنون الوطن، ونصرّ أن يكون القرار عراقياً»، مشدداًعلى «أهمية الإسراع بتشكيل حكومة تراعي تطلعات أبناء شعبنا».
كذلك، قال مكتب الصدر، في بيان صدر في وقت سابق، إن «(…) الصدر استقبل في مقر إقامته في العاصمة بغداد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي»، مضيفاً: «جرى خلال اللقاء بحث آخر مستجدات العملية السياسية والتطورات».
وأكد الجانبان، حسب البيان، على «أهمية المرحلة المقبلة وضرورة تضافر الجهود لترجمة قرار الشعب العراقي وتطلعاته المشروعة إلى واقع ملموس، وأن يأخذ العراق دوره الطبيعي باعتباره عنصر استقرار في المنطقة». لكن مصادر إعلامية، أفادت بأن الصدر وافق على تجديد الولاية لرئيس الوزراء العبادي، مقابل استقالة الأخير من حزب الدعوة، إضافة إلى تعهده بمحاربة الفساد والإطاحة بـ»رؤوسه الكبيرة».
زيارة الصدر إلى بغداد ولقاؤه العبادي، تأتي بعد أقل من 24 ساعة على إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية لعام 2018 ، والتي أسفرت عن فوز ائتلاف «سائرون» الذي يدعمه الصدر بالمركز الأول بحصوله على 54 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغة 329 مقعدا.
135 نائباً
ويبدو أن بوصلة تحالفات الصدر، تذهب بعيداً عن زعيم ائتلاف دولة القانون المالكي، الذي يتبنى مشروع «الأغلبية السياسية»، خصوصاً بعد خسارته التحالف مع رفيق دربه في حزب «الدعوة» الإسلامية.
ويرى مراقبون أن مشروع المالكي في تحقيق حكومة أغلبية سياسية تضم جميع مكونات الشعب، مقابل معارضة برلمانية، قابل للتحقيق، لكن بأدوار مختلفة.
التقارب بين الصدر والحكيم والعبادي، يمكن أن يحقق تحالفاً قوامه نحو 135 مقعداً برلمانياَ، أي أن هذا التحالف لا يزال بحاجة إلى نحو 30 مقعداً إضافياً لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكر. الترجيحات تشير إلى أن الصدر سيحقق «الأغلبية المريحة»، في حال انضم زعيم القائمة الوطنية إياد علاوي، والحزبان الكرديان الرئيسيان (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني) إلى تحالفه.
فيما لن يتبقى أمام المالكي سوى تحالف «الفتح» بزعامة العامري، اللذين لن يحققا معاً أكثر من 75 مقعداً برلمانياً فقط، الأمر الذي «ينهي» حلم الفوز برئاسة الوزراء لدى المالكي.
الصدر يسعى أيضاً لاستقطاب الشخصيات السياسية السنّية، من بينها رئيس البرلمان، سليم الجبوري، فأرسل وفداً تفاوضياً لإتمام هذه المهمة.
مكتب الجبوري أعلن في بيان، أن «رئيس مجلس النواب سليم الجبوري استقبل (…) الوفد التفاوضي لائتلاف سائرون برئاسة نصار الربيعي (وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق)»، متابعاً:»جرى خلال اللقاء بحث نتائج الانتخابات التشريعية والظروف التي رافقتها وسبل مواجهة المرحلة المقبلة عبر رؤى وتفاهمات مشتركة».
البيان نقل عن الجبوري تأكيده ضرورة «تحشيد كل الجهود من أجل الوصول إلى تفاهمات تفضي إلى تشكيل حكومة تضم جميع الأطراف وتكون معبرة عن واقع المجتمع العراقي المتنوع»، مشيراً إلى أن «المرحلة تتطلب من جميع الكتل السياسية تقديم التنازلات للخروج برؤية موحدة حيال تشكيل الحكومة المقبلة وبما تلبي طموحات الشعب العراقي».
مؤامرة
ورغم إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية، غير أن الاعتراضات والتشكيك بـ»نزاهة» العملية الانتخابية لا تزال مستمرة.
رئيس البرلمان سليم الجبوري، عقد مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب، قال فيه: «الكثير يتساءل عما حدث بعد إعلان النتائج الأولية، حيث أني طالبت مفوضية الانتخابات بجلب وثائق رسمية للنتائج حسب المحطات»، مبينا أن «المفوضية جلبت تلك النتائج لي معنونة ومفهرسة حسب كل محطة وكل مكان».
وأضاف: «في التصويت الخاص الذي يتعلق بالعسكريين والنازحين والسجون والمستشفيات، بلغ عدد الأصوات التي حصلت عليها 77 صوتا»، مشيراً إلى أن «في تصويت الخارج كانت نتيجة التصويت بالنسبة لي في أوروبا وأمريكا والسويد التي لدي فيها حملة انتخابية وأغلب الدول العربية صفرا».
وتابع: «في العاصمة الأردنية عمان التي لدي فيها حملة كبيرة، إضافة إلى علاقاتي المتعددة فقد بلغ عدد الأصوات التي حصلت عليها 19 صوتا، وتركيا التي تعد من أكثر الدول التي جاءت منها أصوات، انتخبني المئات».
وحسب الجبوري «في التصويت العام فقد جمعنا أشرطة بلغ عددها اكثر من 7300 من 747 محطة»، مشيراً إلى «أنني تحدثت بقوة مع مفوضية الانتخابات وأبلغتهم أن الاجراءات التي تتبع غير صحيحة، وهناك عملية تعمية وإلغاء للأصوات موجودة».
وتابع «إذا فرضت أن العزوف موجود وأن الناس لم يصوتوا لنا، فأنا أتحدث مع المفوضية حول أشرطتهم التي تأكدوا منها وتبين أنها صحيحة».
ولفت إلى أن «الدعوى عن النتائج تقام بعد إعلانها من خلال جلب الأدلة والبراهين التي تثبت أن لدي من الأصوات ما يزيد على 24 ألف صوت، ولكن بالنظام الذي تستخدمه المفوضية فيتم إضافة فقط 5 آلاف صوت أو أقل من ذلك في بعض الأحيان».
وأشار إلى أن «هناك مؤامرة تستهدفنا بشكل مباشر، كما أن هناك إعدادا لخطة موضوعة غاياتها متعددة متنوعة، وتم كشف الكثير من خيوطها وأدواتها وسيتم التحدث عنها بشكل صريح أمام الرأي العام»، مضيفاً أن «هناك تقصيرا في جوانب الحملة الدعائية التي سيجري تقييمها».
وتابع: «أننا نسعى لإظهار الحق أمام المفوضية وبشكل دؤوب، وسيعلن عن ذلك بشكل واضح»، مؤكداً أن «الناس تنتظرنا بهدف بناء البلد وإزالة كل الأساليب والوسائل والشخصيات التي أصبح من العيب والعار أن تكون موجودة في المشهد السياسي او الاجتماعي».
وسبق للجبوري، أن أعلن، أمس الأول، أن البرلمان سيوجه كتاباً للمفوضية باتخاذ الوسائل التي توفر الثقة بالعملية الانتخابية، مبيناً أن من هذه الوسائل إجراء العد والفرز العشوائي، وإحالة القضايا الجنائية إلى الجهات المختصة في الحالات التي شابها سوء التصرف وتزويد الكيانات السياسية بصورة ضوئية للنتائج، والتأكد من عملية مطابقة البيانات المرسلة من خلال عدة الصناديق والطلب من الهيئة القضائية للانتخابات والتعامل مع الطعون بإمعان وحيادية، فضلاً عن قيام اللجنة القانونية بمتابعة العملية الانتخابية وما رافقها من إشكالات وما جرى في انتخابات كركوك وكوتا المسيحيين.