بين 3 اتجاهات سياسية.. هل سيبحر قارب عبد المهدي بسلام؟

    سامان داود

     

    الكثير من المراقبين توقع نهاية الصراع السياسي الشيعي بعد تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة المقبلة، كمرشح تسوية لكل الاطراف، ولكن الواقع سيظهر غير ذلك، فقد بدا أن هذا التكليف بداية للصراع الحقيقي بين الأطراف السياسية، لأن رئيس الوزراء المكلف الان في مأزق كبير بين إرضاء الصدر بتياره سائرون، الباحث عن تشكيلة وزارية من التكنوقراط وبين تحالف البناء (الفتح والمحور ودولة القانون) بالاضافة الى الأحزاب الكردية الباحثة عن مكاسب في الحكومة المقبلة، وبالتالي المطالبة بحقائب وزارية، وهذا الأمر سيجعله في موقف لا يحسد عليه.. إذاً مَن مِن الأطراف سيرضي عبدالمهدي؟

     

    عادل عبد المهدي لم يظهر سابقا بمظهر رجل الدولة القوي رغم انه كان مسنودا بحزب كبير، لكنه الان يفتقر للدعم الحزبي بعد استقالته وسقوط حزبه السابق في الانتخابات الاخيرة، الامر الذي قد يفقده بعض الشجاعة في فرض رأيه بالاستحقاقات المقبلة، بل حتى أميركا وايران المقتنعتان بشخصيته لن تتدخلا في أمر تشكيل الحكومة بشكل كبير حسبما افادت مصادر سياسية مطلعة، الا أن أميركا ترغب بالجلوس في منزل تبنيه ايران على مبدأ “يا من تعب يا من شقى.. يا من على الحاضر لقه”.

     

    على الأرجح، فان أمريكا لن تتدخل كثيرا حتى إكمال الطبخة، كما فعلت مع منصب رئيس الجمهورية، والذي انتهى لمرشح الاتحاد الوطني الكردستاني الذي ظهر بأنه ايراني لكنه في الباطن أمريكي، كما تفيد المصادر المقربة من طبخة الرئيس أن “مبعوث الرئيس الاميركي بريت مكغورك ضغط كثيرا على الاتحاد الوطني الكردستاني للقبول بترشيح برهم صالح لرئاسة الجمهورية”.

     

    ولكن عادل عبد المهدي يختلف بعض الشيء عن صالح بسبب خوفه من تحمل المسؤولية الحكومية، وعدم قدرته على مجاراة الكتل السياسية الحالية التي أصبحت أقوى من ذي قبل عندما كان يتربع على اهم المناصب الرفيعة قبل تركه المجال السياسي في عام 2015 والاستقالة من المجلس الأعلى الاسلامي الذي فقد مخالبه وانيابه.. فكيف سيبحر قارب عبد المهدي وسط عباب هذه الامواج المتلاطمة؟

     

    لابد أن الحيرة ستملأ قلب عبدالمهدي، لأنه سيكون مجبرا من جهة، على التماهي مع محور إيران وتمشية ما يمليه عليه تحالف البناء، ومن باب اخر يخشى اعتراض تحالف “سائرون” على معظم الوجوه الحزبية، خصوصا بعد إعلان مقتدى الصدر عن عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، وهنا لو استجاب عبد المهدي لإرادة الصدر فربما لن ترى حكومته النور، وربما سيتحول الى أول رئيس وزراء يطاح به بسبب الفشل في تشكيل الحكومة، أما لو انتصر لارادة الأحزاب، وتمكن من كسب الثقة البرلمانية لحكومته، فإننا قد نواجه اضطرابات سياسية تنتج عنها معارضة سياسية حقيقية يتسيدها الصدر، وقد نعود مرة أخرى الى التظاهرات المليونية، وربما اقتحام البرلمان مرة اخرى، وبالتالي حصول اضطراب أمني كبير، ولا أعلم هل سيحتفظ عادل عبد المهدي، بورقة استقالته في جيبه كالعادة أم أن المنصب الاعلى سينسيه عادته الاثيرة؟

     

    واذا ما أبحر قارب عبدالمهدي بين هاتين الموجتين العاتيتين بسلام، فانه سيواجه موجة ثالثة لا تقل شراسة عن سابقتيها، وهي موجة حزب الدعوة الإسلامية الذي يسيطر على مفاصل الدولة، والذي قد يتحول الى حجر عثرة كبير أمام تنفيذ مهامه، لمحاولة إفشاله، وإظهار أن فترة حكم الحزب هي الأفضل، ما قد يكون بوابة للعودة الى رئاسة الوزراء مرة أخرى.

     

    ربما لم يبد الشعب العراقي رضاه على تكليف عبد المهدي منذ اليوم الأول، وقد يطول عدم رضاه كثيرا، لأنه شعب متعطش للحصول على خدمات وفرص عمل، والأهم من كل هذا الأمن الذي يفتقده كثيرا، فكيف سيرضي عبد المهدي شعبه والكتل السياسية على حد سواء، والى أيهما ينحاز؟

     

    أسئلة كبيرة تنتظر الاجابة، من قبل عادل عبد المهدي، وستصيبه بحيرة مضاعفة، والأهم أن أي اتجاه سينحاز اليه سياسيا كان أو شعبيا، يحتاج إلى عمل كبير قد يعتمد على اختيار الفريق الذي سيعزز إدارته، دون أن ينسى وضع استقالته في جيبه كالعادة.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة