تحقيق: جنان العبودي
بعد خروج المرأة ودخولها الى معترك الحياة والعمل تغيرت الأدوار التي كانت مناطة بها قديما وحتى بضعة عقود قريبة مضت، فمن انثى لا هم لها سوى العناية بزوجها واولادها وبيتها وهو ما كانت عليه امهاتنا وجداتنا حتى تحولت الأدوار لتصبح المرأة عاملة شأنها شأن الرجل تتسنم المناصب وتقود وتمارس أي مهنة حتى تساوت بالرجل ولكن هل كانت تلك المساواة في العمل على حساب انوثتها؟ وهل عاقبها الرجل ليحملها مهام مضاعفة فتغدو إمراة عاملة وربة منزل ورجل البيت الإفتراضي في ذات الوقت؟ أسئلة كثر تدور في أذهان النساء حول نهاية الحلقة التي تدور فيها المرأة اليوم بعد ان سلمها الرجل أغلب مهامه في المنزل.
تقول زهراء (أم علي) وهي موظفة، “انا زوجة وام لثلاثة اطفال يكبرني زوجي بعشرين عاما تقريبا تخيلت بأن فرق السن سيكون حافزا له ليكون رب أسرة حقيقي بإعتباري قليلة خبرة وصغيرة وخلت بأنني سأتسلم المهام على غرار والدتي ومنيت النفس بحياة مريحة كان هذا في البداية ولكن وبعد عدة سنوات ومع زيادة عدد أولادنا تغيرت الادوار واصبحت أتولى مسؤولية الأم والأب في ذات الوقت وباءت جميع محاولاتي في تغيير واقع الحال حتى صار وجوده بيننا أشبه بصورة مشروخة لان الأولاد فهموا بان دوره لم يعد يتعد الدور المادي والشكلي فقط
بينما تواجه شيماء الكاتب مشكلة مسؤولية من نوع آخر ولا قدرة لها على الإعتراض لأن ظروف عمل زوجها تفرض عليها التعامل مع الأمر بشكل إعتيادي، “عمل زوجي يفرض عليه السفر بكثرة والتواجد خارج المحافظة وأحيانا خارج البلاد وهو لا يقصر معنا من الناحية المادية ويحاول تعويضي عن المعاناة والمسؤولية خلال فترة تواجده معنا ولكنني أشعر أحيانا بالإرهاق والتوتر وقد ينقلب هذا على جو اللبيت احيانا فتنشب بعض المشاكل بيننا لانني أطالبه بإيجاد حل كوني امراة خلقت بطاقة معينة لا يمكن ان اتعداها ولكنني أعود لتلافي الموقف واعود لاعمالي لأنه أيضا بلا حيلة
.
وجود شكلي……
أن يكون وجود الأب شكلي في المنزل فهذا من الأمور التي تعد من الصعوبة التي تواجهها المرأة وتشعر حيالها بأن عدم وجوده أفضل وأم فرح الموظفة ومسؤولة القسم في أحدى دوائر الدولة تمارس دورها في المنزل كرجل وامرأة، تقول لنا…..حاولت كثيرا تغيير طباع زوجي وجعله رجل يشعر بالمسؤولية تجاه البيت والأولاد ولكنه يتحجج بكثرة مشاغله ولا يهتم حتى لمشاكل الأولاد حتى وصل الحال إلى إعتماده علي في تصليح كل ما يصيب أجهزة وأثاث المنزل من أعطال وخلل وأول سؤال يسأله أي مصلح يدخل البيت هو أين صاحب المنزل فأشعر بالإحراج وأتحجج بأن وظيفته تتطلب عمله لساعات طويلة بينما من الممكن أن يكون ساعتها نائما في غرفته او خارجا مع أصدقائه
وتضيف….هذه أهم الأسباب التي تؤدي بالمرأة إلى حالة النفور من زوجها عندما تتحمل هي مسؤولياته
زوج مثالي ولكن متناقض
بينما تؤكد إيمان محمد معلمة بأن زوجها رجل مبهر مع الآخرين خدوم جدا يفعل كل ما يطلب منه من خدمات والكل يحسدني….. شقيقاتي وصديقاتي على زوجي ولا يعلمون بأنه في المنزل خلاف ذلك فهو أبعد أن يكون عن حقيقته خارج البيت فدوره لايتعدى سوى دور زوج تقليدي يأتي من عمله ظهرا لينام ويخرج عصرا مع أصدقائه ولا يعود إلا بعد إنتصاف الليل ولو إتصل به احدهم وطلب أي خدمه يلغي كل مواعيده ويذهب ليؤدي الخدمات للناس ويوهمهم بأنه زوج مثالي، متعب حقا هذا التناقض
اتفاق مسبق
بينما دعت هوازن الياسري إلى إيجاد إتفاق مسبق بين الزوجين ومنذ بداية الزواج على تولي المسؤوليات وتحديدها وتؤكد على إن للزوجة دور كبير في تعليم الزوج على الدلال فتراها تمل عندما لا يستجيب وتعتمد على نفسها وهذا خطأ كبير فعلى الزوجة ان تصمد تجاه إهمال الزوج وتتعمد إبقاء الحال على ما هو عليه وإهمال الوضع إلى ان يقوم هو بذلك، وتابعت قائلة….. ولأنوثة الزوجة دور مهم في ذلك إذ عليها أن لا تشعره بأنها ند له او أن عملها عوضها عنه، بل عليها أن تشعره بأنها بحاجة مستمرة له وكونها إمراة فهذا يعني انها غير قادرة على القيام بأعمال الرجال فضلا عن إشعال الغيرة في نفسه وتخييره بين خروجها للتعامل مع رجال قد ينظرون لها نظرة دونية أو أن يقوم هو بمهامه ولا أعتقد بأن أي زوج سيتحمل تلك الفكرة إلا ما ندر، لأنها شخصيا إتبعت تلك الخطوات وتوصلت إلى توازن في العلاقة الزوجية وإدارة البيت بينها وبين زوجها…
ومن الأمور الغريبة التي سرت على الكثير من النساء المستقلات ماديا اليوم هو إختيار العنوسة بدلا عن الزواج، تقول سهاد الحميري امرأة على مشارف الاربعين، “الزواج مشروع مشاركة فعلية في الحياة بين الرجل والمراة ونجاح الأسرة يحسب على الرجل أولا عندما يحدد مهمامه ومهام المرأة، اما ما نراه اليوم في مجتمعنا فإن معظم الرجال يعتمدون على المرأة في كل شي بل تكاد تكون المرأة مستنزفة طيلة حياتها الزوجية ماديا ومعنويا فهي تعمل خارج البيت وداخله وهي المسؤولة عن الاولاد ويجب عليها ان تحرص على ارضاء الزوج وربما اهله ايضا وهذا كله يكون على حساب صحتها وشبابها وفي اخر المطاف قد يتزوج بامراة اخرى وينسف كل تضحياتها وكانها لم تكن لذلك من الافضل ان ابقى عانسا على ان اعيش حياتي بهذا الشكل المهين”.
الإستقلال المادي للمراة سببا في إنهيار منظومة الزواج
تعلل الدكتورة مناهل البنى استاذ مساعد في كلية الاداب قسم علم الاجتماع جامعة بغداد، ان من اهم اسباب اختلال هذا التوازن في العلاقات الاسرية بين الرجل والمرأة هو استقلال المرأة ماديا وإتاحة الحرية لها في إتخاذ القرارات والحصول على مركزية لا يستهان بها داخل الأسرة فضلا عن الوعي الثقافي والانفتاح على المجتمعات الاخرى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وهذا كله ربما قد اوجد حالة من التمرد والجموح لدى بعض النساء باعتقادها بانها أصبحت قادرة على إدارة حياتها بمعزل عن الرجل وهذا وحده كاف لخلق حالة من عدم التوازن الأسري والتمرد على إدارة الرجل للأسرة ولا أنكر دور الرجل في تعزيز ذلك من خلال إعتماده على المراة في إدارة المنزل داخليا وخارجيا وحل مشاكل الأولاد حتى ان أجيال اليوم باتوا لا يحترمون آبائهم وهم يجدون أمهاتهم يتكفلن بالإدارة..
من جهتها تناولت لبنى الحسيني مدرسة في إحدى الحوزرات الدينية..دور الإسلام الذي إهتم بالمرأة وحدد دورها بمهمة أساسية ألا وهي تربية الأبناء وإنشاء جيل جيد وجعل نفقتها ومؤنتها على الرجل وصانها بالحجاب واي تغيير في هذا الدور يخرجها من انوثتها وطبيعتها الخلقية التي ارادها الله لها كأم ومربية وزوجة راعية لبيتها، وأكملت حديثها بالقول، “انا مع عمل المرأة على ان لايكون للعمل تاثيرا سلبيا على حياتها وبيتها ومن الانصاف اذا كان وضع الزوج المادي ميسور ويمكنه من الانفاق على زوجته واولاده ان تكون هي ايضا زوجة وام بالمعنى الحقيقي