أثار قرار مجلس النواب الأخير القاضي بـ«إلغاء» جميع القرارات التي أصدرتها الحكومة السابقة، برئاسة حيدر العبادي، في فترة تصريف الأعمال، منذ مطلع تموز/ يونيو الماضي، وحتى 24 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تاريخ جلسة منح الثقة لرئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي و14 وزيراً من كابينته، موجة من ردود الأفعال المتباينة.
القرار جاء إيجابياً بالنسبة للأكراد، كونه تضمن إلغاء قرار العبادي استحداث نقاط جمركية بين كردستان، ومحافظتي كركوك ونينوى.
كذلك، يعد القرار «انتصاراً معنوياً» لفالح الفياض، الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن الوطني، ورئيس هيئة الحشد الشعبي»، قبل أن يقرر العبادي إقالته من مناصبه في أواخر آب/ أغسطس الماضي، على خلفية انشقاقه من تحالف «النصر» وانضمامه إلى تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري ونوري المالكي.
وفي أوآخر أيلول/ سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدر العبادي، أمرين ديوانيين يقضيان بتكليف وزير الداخلية (السابق) قاسم الأعرجي بمهام رئيس جهاز الأمن الوطني، ووزير الدفاع (السابق) عرفان الحيالي بمهام مستشار الأمن الوطني، الأمر الذي يهدد منصبيهما بعد قرار البرلمان.
لكن النائبة عن تحالف «الفتح» ميثاق الحامدي، أكدت أن «قرار مجلس النواب بإيقاف قرارات حكومة تصريف الأعمال لن تشمل رئيس جهاز الأمني الوطني قاسم الأعرجي ومستشار الأمن الوطني عرفان الحيالي»، فيما بينت أن «تعيين الاعرجي والحيالي تم من خلال رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي».
وقالت في تصريح نقله موقع «المعلومة»، إن «قرار إيقاف العمل بقرارات حكومة تصريف الأعمال شملت جميع التعيينات والعقود التي تم إبرامها منذ الأول من تموز/ يوليو الماضي ولغاية الرابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر»، لافتة إلى أن «أمر تعيين الأعرجي والحيالي لمستشارية ورئاسة الأمن الوطني تم من خلال رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي».
وأضافت: «تعيينات الدرجات الخاصة لعبد المهدي وقراراته غير مشمولة بقرار مجلس النواب»، مبينة أن «العبادي سيبقى في منصب رئاسة الحشد الشعبي كونه كلف من قبل الحكومة الجديدة».
وطبقاً لمصادر مطلعة، فإن عبد المهدي قرر بعد ثلاثة أيام فقط من منحه ثقة البرلمان، تعيين العبادي كرئيس لهيئة «الحشد الشعبي»، كما كلف وزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي، كرئيس لجهاز الأمن الوطني، وزير الدفاع السابق عرفان الحيالي، بمنصب مستشار الأمن الوطني.
مخالفة الدستور
ويسري قرار البرلمان الأخير، على جميع القرارات التي أصدرها العبادي في الشهور الأربعة الأخيرة من مغادرته المنصب، وتسليم رئاسة الوزراء لخلفه عبد المهدي.
النائبة عن كتلة «التغيير» بهار محمود، أكدت، في بيان، أن «بعض القرارات التي اتخذها العبادي وحكومته خلال فترة غياب السلطة التشريعية مخالفة للدستور، ويجب إنهاء العمل بها»، مطالبة عبد المهدي وحكومته بـ«مراجعة القرارات السابقة وإتخاذ الإجراءات القانونية والدستورية».
وأضافت: «وفقا للمادة 61 من الدستور، يجب أن تكون الحكومة تحت رقابة برلمانية، وخلال فترة غياب البرلمان كان هنالك فراغ تشريعي، وقد أصدرت الحكومة قرارات ليس لتسيير الأمور، وإنما درجات خاصة للتعيين وإستحداث النقاط الجمركية وقرارات أخرى تخالف أحكام الدستور وبعض القوانين النافذة».
وبينت أن «البرلمان قرر إلغاء هذه القرارات، خاصة القرار 24، استناداً إلى الدستور الذي ينص أن تكفل الدولة حرية تنقل البضائع والأموال بين المحافظات والأقاليم داخل العراق»، مشيرة إلى أن «استحداث النقاط الجمركية داخل العراق من قبل حكومة العبادي شيء غير دستوري».
وتابعت: «الفقرة 5 من المادة 80 من الدستور تنص أن تعيين الدرجات الخاصة أو إقالتهم يجب أن يكون بموافقة مجلس النواب، وخلال فترة غياب البرلمان أقال العبادي قسما من الدرجات الخاصة وهو امر مخالف للدستور».
ومن بين القرارات الحكومية المشمولة بـ«القرار البرلماني»، هي فسخ عقود الطاقة الكهربائية المبرمة مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية في 21 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ومن المتفق أن يوفر مشروع الشركة الأمريكية 14 غيغاواط من الطاقة، ويخلق 65 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ويوفر للحكومة نحو 3 مليارات دولار سنوياً، حسب بيان للشركة نشرته على موقعها الرسمي حينها.
النائب عن تحالف «سائرون» عباس عليوي، أعتبر أن «جميع القرارات التي تم اتخاذها من قبل العبادي وحكومته خلال مدة تصريف الأعمال مهامها مشمولة بقرار مجلس النواب بالايقاف وإعادة النظر بها»، لافتا إلى أن «من ضمن القرارات التي تم إيقافها، منح عقود تجهيز الطاقة الكهربائية لشركة جنرال إلكتريك الأمريكية».
وأضاف أن «وزير الكهرباء الجديد لؤي الخطيب، عازم على إعادة النظر بمنح عقود تجهيز الكهرباء لشركة جنرال إلكتريك الأمريكية بالتعاون مع لجنة الطاقة النيابية»، مبينا أن «إلكتريك تحمل الكثير من شبهات الفساد ومن المؤمل إلغاء العقد معها خلال المرحلة المقبلة».
وسبق لعضو اللجنة المالية النيابية، النائب حنين القدو، أن كشف عن طلب لجنته من وزيري الكهرباء والمالية، تقديم الأدلة بشأن صفقات فساد في وزارتهم خلال الفترة الماضية، مبينا أن «البرلمان يعتزم محاسبة جميع الفاسدين سيما المتورطين في صفقات الفساد مع شركة جنرال إلكتريك».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، كشفت، الاثنين الماضي، عن «فضائح فساد» جديدة تخص عمل شركة جنرال الكتريك وتعاملاتها مع وزارة الكهرباء، فيما وجه الوزير لؤي الخطيب بفتح تحقيق بشأن المعلومات الواردة في الصحيفة.
فك التجميد
كذلك، يشمل القرار البرلماني «إلغاء» قرار العبادي في 29 آب/ أغسطس الماضي بـ«الاستمرار بتجميد» مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وعودتهم إلى ممارسة عملهم كما السابق.
في هذا الشأن، أكد رئيس الجبهة التركمانية النائب أرشد الصالحي لـ«القدس العربي»، إن «القرار الذي صوّت عليه البرلمان (أمس الأول) خاطئ، بكونه حصر مجلس النواب باللجنة القانونية».
وأضاف: «على الرغم من أن القانون فيه نقاط لصالحنا، مثل إلغاء النقاط الجمركية بين كركوك ونينوى ومحافظات إقليم كردستان العراق، لكنه سيعيد مفوضية الانتخابات السابقة، وأيضاً يعيد الموظفين الذين تم عزلهم (بناءً على شبهات فساد)».
واعتبر أن قرار البرلمان الأخير «سيخلف إرباكاً بالعملية السياسية»