‎العلاقة بين المحافظ ومجلس المحافظة

     بقلم محمد عبد الجبار الشبوط

    مجالس المحافظات، في العراق وفي غيره من الدول، من المعالم الديمقراطية للنظام السياسي، ومن اليات تعميق المشاركة السياسية للمواطنين في ادارة شؤونهم.

    لكن تجربة مجالس المحافظات في العراق لم تحظ بالشعبية المطلوبة بسبب سوء اداء هذه المجالس ووجود شبهات فساد في اعمالها الامر الذي دعا بعض الفعاليات الشعبية الى الغائها اوتجميدها. وغني عن البيان ان اي اجراء من هذا النوع يتطلب تعديلا دستوريا. كما ان ذلك ليس من صلاحيات البرلمان، ولا من صلاحيات الكتل السياسية. وقد يعتبره البعض نكوصا عن التحول الديمقراطي للبلد وتكريسا للصفة الهجينية للنظام السياسي القائم.

    ليس سرا ان العلاقة بين المحافظ ومجلس المحافظة تمتاز بالتوتر والنزاع في كثير بعض المحافظات، كما حصل في واسط و كربلاء مثلا التي اقال مجلس محافظتها المحافظ عقيل الطريحي، ثم ردت المحكمة الادارية قرار المجلس وابقت المحافظ في موقعه.

    ويعود هذا التوتر والنزاع الى جملة من الاسباب منها: عدم التعود على التعاون والتنسيق بين الفرع التنفيذي والفرع التشريعي في سلطات الدولة بصورة عامة، التنازع في الصلاحيات، الخلط بين المسار التنفيذي والمسار السياسي في اجهزة الدولة، الحسابات والمصالح الحزبية والفردية المتناقضة، وغير ذلك.

    وقد عالج الفصل الثاني من الباب الخامس من الدستور الوضع الدستوري للمحافظات التي لم تنتظم في اقليم  في مادتين هما المادة ١٢٢ والمادة ١٢٣. وما يهمني في هذا المقال هو انتخاب مجلس المحافظة، وانتخاب المحافظ.

    فاما انتخاب مجلس المحافظة فقد احال الدستور الى القانون بيان كيفية اجرائه. واما المحافظ فقد اوكل الدستور الى مجلس المحافظة انتخابه.

    هذا في اطار الصلاحيات “الادارية والمالية الواسعة” للمحافظات، “بما يمكنها من ادارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الادارية” مع اعتبار “المحافظ ، الذي ينتخبه مجلس المحافظة، الرئيس التنفيذي الاعلى في المحافظة، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس”.

    وليس من الصحيح السكوت او اللافعل بشأن اوضاع المحافظات الدستورية والادارية فضلا عن تردي الخدمات. بل لابد من عمل لاصلاح الحال بالطرق التي يتيحها الدستور والقوانين النافذة.

    ولاصلاح العلاقة بين المحافظين ومجالس المحافظات يتعين اتخاذ العديد من الاجراءات التي تتضمن معالجة اسباب التوتر التي ذكرت بعضها انفا.

    كما يتطلب الامر اتخاذ خطوتين، احداهما قانونية، والثانية دستورية، والاولى من صلاحيات البرلمان لكن الثانية تحتاج الى تعديل دستوري.

    اما الخطوة القانونية فهي اعتماد الاسلوب الفردي في انتخاب اعضاء مجلس المحافظة، وليس الانتخاب بالقائمة. 

    وهذا امر ينطبق على انتخاب مجلس النواب ايضا. فالدعوة الى #الانتخاب_الفردي عامة تشمل مجلس النواب ومجالس المحافظات.

    ومهما قيل عن مساويء الانتخاب الفردي فانها اقل بكثير من مساويء الانتخاب بالقائمة. 

    واتخاذ هذه الخطوة امر ممكن وضمن صلاحيات مجلس النواب. ويستطيع بعض نواب المحافظات الذين يستطيعون التحرر من الالتزامات الحزبية الضيقة التحرك لتعديل قانون الانتخابات واعتماد اسلوب الانتخاب الفردي. 

    اما الخطوة الدستورية فتتضمن امرين هما:

    الامر الاول، جعل انتخاب المحافظ من قبل الشعب مباشرة وليس من قبل مجلس المحافظة. وبذلك يمكن تحرير المحافظ من الضغوط والمناورات الحزبية. 

    والامر الثاني، تحديد اختصاصات وصلاحيات المحافظ دستوريا والغاء عبارة “صلاحياته المخول بها من قبل المجلس”.

    فالدستور هو الذي يمنح الصلاحيات، وعلى مجلس المحافظة مراقبة المحافظ، المنتخب شعبيا حسب الاقتراح، على كيفية ممارسته لهذه الصلاحيات.

    الخطوة الثانية هي الخطوة الاصعب لانها  تحتاج الى تعديل دستوري. ودستورنا من الدساتير التي يتطلب تعديلُها شروطا صعبة، لكن ذلك لا يمنع من الدعوة الى التعديل.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة