يتساءل العراقيون كثيرا عن أسباب الإخفاق في ملف البطاقة التموينية ؛ بالرغم من مرور 17 عاما على التغيير ؛ وعن اجراءات الحكومة وإصلاحاتها لانعاش هذا الملف الذي عُرفَ في العراق بعد الحصار الاقتصادي الذي استمر 13 سنة منذ بداية التسعينيات وبعد قرار مجلس الأمن الدولي ذي العدد 661 الصادر بتاريخ 6 آب 1990 لمواجهة النقص المحتمل بالمواد الغذائية. وكان 90% من العائلات العراقية تعتمد على هذه البطاقة بشكل تام، عبر 45 ألف وكيل يقوم بتوزيع مفرداتها التي كان من أبرزها الرز والشاي والسكر والحليب والطحين الذي له شبكة توزيع منفردة وهو اجراء سبق وان اعتمدته مصر في مواجهة شحة المواد الغذائية خلال الحروب. وقد أكد اغلب العراقيين ان الادارة الحالية للملف اخفقت عن سابقتها ، إذ كانت مفردات البطاقة التموينية تصل للمواطن مكونة من 13 مادة في حين لايصل الان الا بضع مواد رديئة ولبضعة اشهر مع ان الأموال والتجارة الدولية ميسرة حاليا. ومالا يعرفه المواطن أن البطاقة التموينية كانت تدار من خلال برنامج خاص بالأمم المتحدة التي اخذت على عاتقها التعاقد ودفع المبالغ من صندوق ايرادات النفط وتسلم المواد إلى وزارة التجارة آنذاك والتي تقوم بدورها بتـــوزيعها على المواطنين .
معالجة فعلية
الا ان هذا السبب لايسوغ الواقع المر حاليا ويستدعي معالجة فعلية للإخفاقات التي حاولتُ حسمَ بعضها عندما كنت وزيرا للتجارة مدة ثمانيةأشهر إذ عملتُ على تنقية شبكة المستفيدين وتم ابعاد بحدود(14000) ألف اسم من الجنسية السورية ومايقارب (6500) الف اسم من الجنسية التركية ناهيك عن اسماء موتى ومسافرين ووهميين ما يقارب (170000) إذ كان عدد المستبعدين من هذا الملف لايتجاوز 1%فضلا على شمول الكثيرين من ميسوري الحال والتجار الذين سبّبَ وجودهم تشتيتا للجهد الحكومي. وقد تمكنا من استبعاد الآلاف من المستفيدين الوهميين وشطب اسماء المتوفين من خلال قاعدة بيانات ارسيناها حينها .
الا ان هذه الإجراءات لم تكن كافية طالما انه يوجد عجز في التخصيص المالي في الموازنة ففي سبيل المثال نجد ان موازنة عام 2019بلغت (ترليون دينار ونصف ) فقط وهو مبلغ يكفي لتوزيع مفردات البطاقة لأربعة أشهر فقط فضلا على وجود اشخاص غير مستحقين مستفيدين منها منذ سنوات طويلة.لذا ومن اجل إيصال المواد الغذائية الى مستحقيها الفعليين وإجراء إصلاح حقيقي ملموس
اقترحنا على السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الآتي :
– اعادة نظام توزيع مفردات البطاقة على المواطنين على ان تكون الاولوية للأسر والأفراد ممن هم دون مستوى خط الفقر الذين يتسلمون راتب الاعانة الاجتماعية من هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والمسجلين في قاعدة البيانات ممن اجري لهم البحث الاجتماعي وينتظر الشمول بسبب عدم كفاية التخصيصات المالية .
– وجوب تحسين نوعية مفردات البطاقة واضافة مواد اساسية اخرى مثل البقوليات وحليب الأطفال ومعجون الطماطة ومساحيق الغسيل .
-الاستمرار في توزيع مادة الطحين لانها تمثل المرتكز الاساس للعيش واستثناء الموظفين الذين يتقاضون راتبا مقداره ( مليون ونصف) فما فوق وايضا التجار والمقاولين والميسورين.
– إعادة فتح الجمعيات التعاونية لبيع المواد الغذائية الاساسية المدعومة ( الرز والسكر وزيــت الطعام ) وكــــما هو معمول به في اغلــــــب دول العالم لمنع المضاربات بقوت الشعب والتـــلاعب الســوق والاسعـــار.
اصلاح نظام
ان هذه الاجراءات اذا ماطبقت وتم التعامل معها بجدية فان اصلاح نظام البطاقة التموينية سيكون اكثر عدالة وفاعلية وماعدا ذلك فإننا سنظل نراوح عقودا أخرى من الارباك واشغال وزارة اقتصادية مهــــمة مثل وزارة التجارة التي تستنفر طاقاتها كلها في هذا المــــــلف مايمثل هدرا في الجهود التي يفترض استثمارها في مجالات وأنشطة أخرى تدعم الاقتصاد الوطني 0
{ وزير سابق …عضو مجلس النواب حاليا}