يبدو أن المقبرة الاضخم في العالم (وادي السلام)، والتي تقع في محافظة النجف ، تجاوزت في مهامها حدود المفهوم المعقول، فلم تعد كونها مكاناً لدفن الموتى فقط، بل باتت توفر مكسبا ماديا كبيرا لبعض الجماعات المسلحة التي تستقوي على الدولة، من خلال الاستيلاء على بعض من إراضيها، وبناء القبور الوهمية.
تستقبل المقبرة، يوميا عشرات الموتى، غالبيتهم من الشيعة، الامر الذي جعلها تتوسع بشكل كبير جداً، لكن توسعها اخذ يتجاوز على الاحياء السكنية والشوارع العامة، بتأثير من الجماعات المسلحة، من دون السيطرة عليه من قبل قسم المقابر في مديرية بلدية النجف.
ويقول رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة النجف، جواد الغزالي، بهذا الصددإن “العشرات من المواطنين اشتكوا لدى الاجهزة الأمنية تعرضهم إلى النصب والاحتيال من قبل بعض حفاري القبور الذين يسيطرون على مساحات واسعة من المقبرة، الامر الذي دعا القوات الامنية إلى تنفيذ عملية داخل مقبرة وادي السلام اكتشفت خلالها وجود قبور وهمية، يتم تشيدها من خلال التجاوز على شوارع المدينة الداخلية”.
وأكد الغزالي، أن “القبور الوهمية تستغل فيما بعد للبيع على ذوي الموتى”، لافتا إلى أنه ” تم خلال العملية الكشف ايضا عن العشرات من التجاوزات على الشوارع التي تسهل الحركة داخل المقبرة، ما تسببت بإغلاقها بشكل تام، لتصبح عائقا يمنع حركة السير داخلها”.
وأضاف أن “قسم المقابر وبالتعاون مع القوات الامنية قام باعتقال عدد من حفاري القبور، ورفع التجاوزات الموجودة من خلال فتح الشوارع المغلقة وتهديم القبور الوهمية”، مشيرا إلى أن “الظاهرة لم يتم القضاء عليها، لأن بعض التجاوزات لا تستطيع بلدية النجف رفعها، لأنها تابعة إلى جهات مسلحة”.
وكشف الغزالي قائلا: “انا شخصيا تعرضت إلى عملية نصب من هذا النوع، حيث قام احدهم، ببيعي قطعة ارض داخل المقبرة من أجل دفن الموتى من اقربائنا فيها، دفعت مقابل ذلك المال، ولكن بعد فترة وجدنا العشرات من المقابر قد شيدت فيها، ولم استطيع الحصول على متر مربع واحد منها، ولا حتى على اموالي التي دفعتها مقابل ذلك”.
جماعات مسلحة تسيطر على مساحات بمقبرة وادي السلام
من جهته أكد مصدر أمني لـ(بغداد اليوم)، أن “الحكومة المحلية واجهزتها الامنية عاجزة عن ايقاف مثل هذه التجاوزات، بسبب سطوة بعض الجماعات المسلحة على مساحات واسعة من المقبرة”، مبينا أن “بعض المتجاوزين لديهم دعم من جهات سياسية داخل المحافظة”.
وتابع المصدر، ان “المقبرة تساهم بشكل كبير في تمويل بعض الجماعات المسلحة، الامر الذي يدفعها لحماية العشرات من المتجاوزين “، مبينا أن “الحكومة المحلية تعرضت للتهديد في وقت سابق، عندما قامت بحملة لرفع التجاوزات من داخل المقبرة”.
وبين أن “التجاوزات لا تنتهي عند هذا الحد، حيث يقوم بعض من حفاري القبور بفتح القبور القديمة من خلال تهديمها واخراج بقاياها من العظام ورميها في مناطق بعيدة، ليتم فيما بعد تسوية الارض وبيعها على ذوي الموتى الجدد”./انتهى