تتصارع الولايات المتحدة وتركيا حاليا على الشمال السوري لتعزيز موقفهما في هذه المنطقة من دون الاخذ بعين الاعتبار القانون الدولي الذي يعتبرهما قوات محتلة يجب ان تغادر ارض سوريا تمهيدا لاعادتها الى حضن الدولة السورية.
وتخوض انقرة وواشنطن حاليا مفاوضات صعبة للوصول الى اتفاق حول الشمال السوري وكل منهما لاهدافها الخاصة.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن أنقرة لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع واشنطن بخصوص عمق وإدارة المنطقة الآمنة شمال سوريا.
وأكد أوغلو أن المقترحات الأمريكية بشأن المنطقة الآمنة لا ترضي تركيا، كما أن الطرفين لم يتفقا على إبعاد المسلحين الأكراد من المنطقة.
وشدد على أنه يجب التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن في أقرب وقت، لأن “صبر أنقرة قد نفذ”.
كما لفت إلى أن واشنطن بينت عن نوايا “غير صادقة” عندما التقى مسؤولوها العسكريون زعيما من وحدات الحماية الشعبية الكردية يوم الأحد، في نفس الوقت الذي كان فيه المبعوث الأمريكي إلى سوريا، جيمس جيفري، يجري مباحثات مع الخارجية التركية.
وكان الوزير التركي قال يوم الأحد إنه في حالة عدم إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا، وإذا ما استمرت التهديدات ضد تركيا، فإن بلاده ستطلق عملية عسكرية شرق نهر الفرات.
وفي هذا السياق بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مع الممثل الأمريكي الخاص لشؤون سوريا، جيمس جيفري، مسألة إقامة منطقة آمنة شرق نهر الفرات، وأعرب عن انزعاج أنقرة من لقاءات مسؤولين أمريكيين مع قياديين في وحدات الحماية الكردية.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أن الجانبين بحثا مسألة إقامة “منطقة آمنة” شرق الفرات، وآخر المستجدات في سوريا ولا سيما مكافحة داعش.
وشدد أكار خلال اللقاء على ضرورة اقامة المنطقة الآمنة بالتنسيق بين تركيا والولايات المتحدة، وإخراج الوحدات الكردية من المنطقة.
وفي أخر تصريحات ادلى بها وزير الدفاع التركي اليوم الخميس تحدث عن إمكانية شن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، في حال فشل المحادثات مع الولايات المتحدة حول إقامة “منطقة آمنة” شرقي نهر الفرات.
وفي ختام لقاء جمع أكار في أنقرة، مع رئيس الوفد الأمريكي، جيمس جيفري، حول هذا الموضوع، نقلت وكالة “الأناضول” الرسمية عن أكار قوله: “أبلغنا الوفد الأمريكي بآرائنا ومقترحاتنا كلها وننتظر منهم دراستها والرد بشكل فوري”.
وتابع الوزير: “أشرنا مجددا إلى أننا لن نتحمل أي إبطاء وسنأخذ زمام المبادرة إذا لزم الأمر”.
وقدأصدرت السفارة الأمريكية في أنقرة بيانا، في أعقاب المحادثات التي أجراها جيفري والوفد المرافق له مع أكار وغيره من المسؤولين الأتراك، في الفترة ما بين 22 و24 يوليو الجاري، جاء فيه أن المباحثات كانت “صادقة وإيجابية ومثمرة”، مضيفا أن “أنقرة وواشنطن تواصلان تبادل الآراء بشأن الهواجس المشتركة في سوريا”.
وتحاول كلا من تركيا والولايات المتحدة تحقيق مصالحها في الشمال السوري من خلال تواجدهما فيه ودعم مختلف الجماعات الارهابية والمسلحة حيث تريد واشنطن من خلال دعم القوات الكردية والاعتماد عليها تمرير مشاريعها واطالة الازمة السورية واستخدام هذه القوات ورقة ضغط تجاه تركيا والحكومة السورية وحلفائها وفي المقابل فان تركيا تريد تحقيق هدفين وهما اخراج القوات الكردية من تلك المنطقة ومنع ايجاد كيان كردي فيها لانها تعتبر مثل هذا الكيان تهديدا خطيرا لنفسها واخراج اللاجئين السوريين من تركيا الى سوريا بذريعة وجود منطقة أمنة فيها واسكانهم فيها مع العلم بان انقرة بدات بالفعل فرض قيود على اللاجئين السوريين في تركيا وايجاد تضييقات ضدهم.
وفی السیاق رأی نصير العمري الخبير بالشؤون الأميركية ان هدف الاتراك الأبعد هو أن لا يكون ضمانات امريكية للأكراد بدولة مستقلة، وألا يكون للأكراد كيان بشكل مستقل عن الدولة السورية، لإنهم يرون أن قيام أي كينونة كردية تهدد تركيا.
قصة مايسمى بالمنطقة الامنة تتلخص بأن تركيا الجارة لسوريا تطالب بمنطقة بعمق 30 كيلومترا داخل الاراضي السورية يمنع على الدولة السورية الاقتراب منها اداريا اوعسكريا (خارجة بشكل كامل عن سيطرة الدولة) لينقل اليها اللاجئون السوريون الموجودون في تركيا (هذا ظاهريا)، في حين ان انقرة تفاوض امريكا على مناطق شرقي الفرات الغنية بالنفط في سوريا. وأمريكا بدورها تحشد هناك “اعداء تركيا المعتادين” قوات سوريا الديمقراطية وتقترح قوات متعددة الجنسيات هناك لحماية النفط.
وبغض النظر عن ما تخططها كلا من تركيا والولايات المتحدة في الشمال السوري وما قد يتمخض عنه في حال ايجاد مثل هذه المنطقة في ظل موازين القوى الموجودة على الساحة السورية يطرح سوال هنا وهو ما هو موقف القانون الدولي من تواجد هذه القوات الاجنبية على الاراضي السورية؟
وللاجابة على هذا السوال يجب ان نرجع الى موقف الحكومة الشرعية السورية التي تمارس لها الصلاحية المطلقة لممارسة سيادتها على اراضيها.
وتوكد الحكومة السورية على ضرورة مغادرة هذه القوات ارض سوريا من اجل عودتها الى حضنها تنفيذا للقانون الدولي الذي يوكد حق الدول في سيادة اراضيها وعدم شرعية دخول اي قوة اجنبية اليها من دون الحصول على اذن من هذه حكوماتها الشرعية.
وهذا ما توكده سوريا في مناسبات مختلفة في الاوساط الدولية وتريد من الامم المتحدة والمجتمع الدولي ممارسة الضغط على حكوماتها لاخراج قواتها من سوريا وعلى سبيل المثال قد اكد مندوب سوريا في الامم المتحدة ورئيس وفدها إلى محادثات أستانا بشار الجعفري أن سورية لن تسمح بالنيل من سيادتها ووحدة أراضيها، وأنه على جميع القوات الموجودة على أراضيها بشكل غير شرعي الخروج فوراً.
وطالب مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري مرارا، ضرورة إنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأمريكية والتركية على الأراضي السورية، ووضع حد لمعاناة ملايين المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات.