د . عبد علي سفيح الطائي
قال تعالى:(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ ).
إن هذه الآية القرآنية الكريمة تؤكد من جانب مهم بأن سنة التدافع والتصادم والاحتكاك بين الناس هي سنة حسنة تهدف للبناء وليس للهدم.
عراق اليوم هو عراق التصادم بين الشارع والحكومة.
فإذا اعتبر العراقيون ان هذا التصادم هو يصب في اتجاه الخير والمنفعة، فحصيلته سوف تكون خير للعباد.
اما اذا اعتبرت الحكومة ومعها الأحزاب الحاكمة بأن هذا التصادم يصب إلى الشر للعراق، فحصيلته الدمار.
الخيار الأول: إن العراق اليوم بين الثورة الفرنسية الأولى عام ١٧٨٩ التي اعتبرت فيها السلطة الحاكمة وما حولها من المنتفعين اعتبرت الشارع عدواً لها، مما ادى إلى تصادم وضع رأس لويس السادس عشر وزوجته ماري انطوانيت على اسنة الرماح، وهدم القيم القديمة للحكم، وبنيت أثره قيم الجمهورية الحديثة، التي ألغت مميزات الطبقة الحاكمة. كذلك نفس الحال مع الثورة البلشفية في روسيا، والتي قادها لينين مما ادى الى قتل قيصر روسيا وعائلته.
وكذلك ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ وقتل العائلة المالكة في بغداد.
الخيار الثاني: أو ان يكون العراق بين خيار الثورة الفرنسية الثانية في ١٩٦٨، وفي هذه الثورة فإن الحكومة لم تاخذ الشارع مشكلة أو عدوا لها، بل أخذته كحل لمشاكلها التي عجزت عن حلها، لذلك فإن الحكومة حافظت على سلامة الشارع؛ لانه يساهم في بناء دولة المواطنة وحل المشاكل المعقدة، فسمعت الشارع واستجابت لصوته ومطالبه، مما ادى الى بقاء الدولة ومؤسساتها ، وبقاء قيم الجمهورية التي بنيت عليها الجمهورية الفرنسية، ولقد جاءت الدولة بفريق من الشباب المتخرج من أعلى المدارس مثل جيسكار ديستان وجاك شيراك خريجي أفضل المدارس، من بعدها الاثنان اصبحوا رؤساء لفرنسا.
إن العراق في ٢٥ تشرين الأول بين الثورة الفرنسية الأولى هذا يحدث في حالة اعتبار الشارع مشكلة، وبين الثورة الفرنسية الثانية ١٩٦٨ عندما نعتبر الشارع هو الحل.
أن هذا الكلام يكون مفيداً عندما يحافظ الشارع على هدوءه، وعلى سلامة الدولة العراقية، ولا يتحول إلى مشكلة إضافية.
اختم قولي: بأن على العراق والعراقيين ان لا يضعوا وطنهم في محل يجبر على احد الخيارين، اما الحرامي او القاتل على حد قول احد محبي العراق.