عدوية الهلالي.. بعد تعرض الاجواء العراقية للاختراق من قبل الطيران الامريكي الذي نفذ عملية اغتيال لقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي العراقي ابو مهدي المهندس ، واعتبار ذلك تعديا على السيادة العراقية ، اصدر مجلس النواب العراقي قرارا يلزم الحكومة العراقية بمطالبة القوات الاجنبية بمغادرة العراق على الرغم مما قد يترتب على ذلك من آثار سياسية واقتصادية ربما تضر بمستقبل العراق او تفتح له آفاقا جديدة ..كيف ينظر المختصون والمحللون للقرار الصادر من مجلس النواب وهل يمكن اعتباره ملزما للحكومة والاطراف العراقية جميعا ؟
يرى عضو مجلس امناء هيئة الاعلام والاتصالات الدكتور خليل الطيار :” ان الحكومة والقوى السياسية العراقية على محك اختبار حقيقي للتعبير عن سيادة البلاد التي انتهكت بعقر دارها ، ولابد من اتخاذ موقف حكيم تغلب فيه المصالح العليا ولايفرط بامنه وسيادته ، لكن يبدو ان غياب الارادة الوطنية والتوافق السياسي ، والهوان والتهاون ، ستضع الجميع امام مساءلة الشعب والتاريخ لأننا على اعتاب مفترق طريق بين الدولة واللادولة وان نكون صنيعة بيد المشروع الاقليمي والدولي “.
واضاف :” ان المشكلة ليست في امريكا ، بل بالطبقة السياسية التي لم تصنع لنا دولة تستطيع ان تفكر بمصالحها الستراتيجية بعيدة المدى وابقت العراق اسير الرهانات الدولية والاقليمية التي تتحكم بمستقبله ” .
اما الكاتب والمحلل السياسي عباس الياسري فيرى :” ان القرار غير ملزم للحكومة العراقية لانه ليس من واجب البرلمان اصدار قرارات ، بل ان يشرع قوانين ..وهذا مافسرته الحكومة الاتحادية لاكثر من مرة . اما هذا القرار فهو سياسي اعلامي ودفعة معنوية لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي لتقديم الطلب لكي لايبرر بان حكومته هي حكومة تصريف اعمال ولايحق لها الغاء او ابرام اتفاقيات “.
واكد :” ان الحكومة العراقية بحاجة الآن الى حملة ديبلوماسية مكثفة اقليميا ودوليا لشرح موقف العراق ، وكذلك على القوى الشيعية ان تتواصل مع الشركاء في العملية السياسية لتقريب وجهات النظر وتضييق الفجوة في المواقف قبل ان تتحول الى قطيعة “.
من جهته ، اوضح الخبير القانوني الدكتور محمد العبيدي :” ان البرلمان لايمكنه الغاء الاتفاقية المبرمة بين العراق والولايات المتحدة ، لان المادة 60 من الدستور حصرت صلاحية اقتراح مشروعات القوانين برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء . والعراق حاليا ليس فيه مجلس وزراء وحكومته هي حكومة تصريف اعمال وليس لديها صلاحية رفع قانون الغاء الاتفاقية الى مجلس النواب” .
واضاف :” ان الآلية هي ان يصدر مشروع قانون من مجلس الوزراء ثم يقدم الى البرلمان ويتم التصويت عليه باغلبية الثلثين .. وهذه الآلية غير متحققة حاليا ، وبالتالي لايستطيع العراق الانسحاب من هذه الاتفاقية من ناحية ، ومن ناحية اخرى فان مجرد تنصيب رئيس وزراء لايحل المشكلة لان رئيس الوزراء لايمتلك صلاحية الغاء الاتفاقيات بل يتم الغاؤها بقانون كما تمت المصادقة عليها بقانون ” ، مشيرا الى :” ان هذا الموضوع تم دفعه الى البرلمان بضغط من الاحزاب الحاكمة وبتأثير الاملاءات الخارجية في محاولة للتملص من هذه الاتفاقية “.
في الوقت الذي يؤكد فيه الخبير القانوني علي الشمري :” ان قرار البرلمان ليس له اي اثر قانوني وهو محاولة هزيلة لامتصاص الغضب ، اذ ان الاتفاقية تنص على امكانية دخول القوات الامريكية بطلب من الحكومة اذا كان هنالك خطر خارجي او محلي وبموجبهما تم طلب ذلك منها لدى قتال داعش ، والآن يمكن للحكومة ان تطلب منها انهاء تدخلها بعد انتفاء السبب لذلك” .
واضاف :” ان حكومة تصريف الاعمال غير قادرة على اتخاذ قرارات ، كما ان مجلس النواب ليس من صلاحيلاته اصدار قرارات سياسية بل ان مهمته هي اصدار تشريعات وقوانين ، وبالتالي فان القرار الصادر حول اخراج القوات الاجنبية من العراق هو مجرد اقتراح القي في ملعب حكومة مستقيلة “.
اما الخبير القانوني حيدر الحيدري فيرى ان مجلس النواب لم يتخذ قرارا بشأن اتفاقية التعاون الستراتيجي ولم يتعرض لها ، انما طلب من الحكومة فقط عدم طلب التعاون والمساعدة من التحالف الدولي ، لان الاتفاقية نظمت بقانون ولايجوز للبرلمان التعرض لها وانما يمكن للحكومة اذا ارادت الانسحاب منها ان تشعر الطرف الآخر بهذه الرغبة ، ولايعد ذلك نافذا الا بعد مرور سنة على ذلك .
من جهة اخرى ، يرى الكاتب والمحلل الدكتور سعيد دحدوح :” ان هذه الاتفاقية انتهت بانسحاب كامل للولايات المتحدة ، واطلق عليها عراقيا / اتفاقية سحب القوات الامريكية من العراق / . ومن بعدها الاتفاق الستراتيجي الذي لايتضمن استقدام قوات ، اما وجود القوات الامريكية الحالية فقد جاء بطلب من الخارجية العراقية للاستشارة والتدريب”.
واضاف :” ان هذه القوات تمددت في زمن العبادي وبنت قواعدها وبدأت تسيطر على الاجواء العراقية الى الحد الذي يمنع الطيران للقوات الجوية العراقية في بعض المناطق ، كما تمت استباحة الاجواء العراقية في ظل الفوضى والتظاهرات ، وكان من الممكن ان تلغي الحكومة قرار استدعاء وبقاء قوات التحالف ، الا انها ارادت ان تعزز موقفها بطلب برلماني خوفا من الطعن كونها حكومة تصريف اعمال” .
بينما يلخص الكاتب مازن الشمري الموضوع بوجود حاجة ماسة الى وضوح صريح وشفافية معلومات بين الدولة والشعب ، طالبا من المتصدين للسلطة مصارحة الشعب بسيناريوهات حلول وليس دق طبول الحرب !!.