تقرير : تزايد حوادث ومحاولات الانتحار في الأسر العراقية خلال فترة الحجر الصحي

    تقرير : *عدوية الهلالي..

     

    يقال ان التضحية بالنفس هي اسمى حالات الجود ويصح هذا القول في حالة الاستشهاد اما ان يضحي المرء بنفسه انتحارا وهروبا من الواقع المعاش فلاتفسير آخر له الا بلوغ اعلى حالات اليأس ، وهو مادفع عدد من المواطنين الى اختيار الانتحار حلا لمتاعبهم خلال فترة الحجر المنزلي بسبب جائحة كورونا التي شهدت العديد من حالات الانتحار فضلا عن حالات العنف المنزلي التي ازدادت بنسبة 50% في بعض الاماكن حسبما اوردته وكالة فرانس برس وعلى لسان مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية ..

    كانت البداية مع حكاية ملاك الزبيدي من محافظة النجف التي اشعلت النار في جسدها بسبب ماتعرضت له من عنف من قبل زوجها واهله والتي تحولت الى قضية رأي عام ودفعت المنظمات النسائية والمختصين الى المطالبة بالاسراع في اقرار قانون العنف الاسري ، ثم توالت بعدها حالات انتحار متنوعة مابين فتاة بعمر 17 عاما شنقت نفسها في محافظة ذي قار باستخدام وشاحها واخرى في حي العامل في بغداد وبنفس الطريقة ، فضلا عن عدة محاولات للانتحار غرقا تم انقاذ بعض المقدمين عليها بينما توفي البعض الآخر ، كما اشيع عن انتحار رجل في السليمانية بعد قتل زوجته بسبب الفقر في ظل الحجر الصحي وانتحار شاب في محافظة المثنى، وانتحار آخر في اربيل بعد قتل ابنته وزوجها من دون معرفة الاسباب ،عدا الحالات التي لم يعلن عنها لأسباب اجتماعية ..
    عنف اسري

    وترى الاعلامية الدكتورة راوية هاشم تعليقا على انتحار الشابة ملاك الزبيدي والاخريات ان على المرأة ان تفكر بتعقل قبل الاقدام على قرار كالانتحار ، لأنها ستظل مذنبة في حق نفسها وفي نظر المجتمع ، كما ان من حق المعنفة ان ترفع قضية على زوجها وتطلب الطلاق فلا أحد بمنأى من المشاكل على اختلافها وقد عانت امهاتنا وجداتنا من متاعب لاحصر لها ولم يقدمن على الانتحار بل واصلن الحياة بصبر وحكمة ..

    في الوقت الذي ترى فيه الاعلامية ايمان حميد ان للانسان طاقة لما يتحمله من الألم والتعنيف ، ومن تصل الى حد احراق او شنق نفسها فلابد انها على حافة الانهيار العصبي والاسباب كثيرة فقد يكون الزوج او الاخ او الاب سكيرا او يتعاطى المهدئات ويتعامل مع المراة بطريقة الضرب المبرح ، مشيرة الى ان ماحدث هو اشبه بصرخة نسوية للمطالبة بالاسراع باقرار قانون مناهضة العنف الاسري ..

    من جهتها ، تؤكد المحامية طيبة التميمي على ان مشروع قانون العنف الاسري مطروح على طاولة مجلس النواب منذ ايلول عام 2019 ولم ينظر به حتى هذه اللحظة على الرغم من انه سيعيد التوازن للاسرة العراقية ويحافظ على النسيج المجتمعي من التفكك .

    وتؤيد الناشطة ذكرى سرسم من منظمة برج بابل ان القانون لايخص المرأة وحدها بل جميع افراد الاسرة متمنية ان تحظى هذه القوانين باولوية لدى السلطة التشريعية في العراق حفاظا على كيان الاسرة والمجتمع العراقي من ظواهر العنف الاسري وبالتالي الانتحار في بعض الحالات ..

    من الجدير بالذكر ان وزارة الداخلية اعلنت خلال فترة الحظر الصحي عن خطها الساخن (39) لاستقبال الشكاوى كافة للتقليل من حالات العنف الاسري والتعامل مع القضايا الاسرية بمهنية عالية ..

    الفقر والبطالة

    واذا كان العنف الاسري والتقاليد القبلية والحرمان هو مايقف وراء انتحار النساء في العراق ، فماهو السبب في تزايد المنتحرين من الرجال ايضا ؟!

    ترى الناشطة وفاء العزاوي ان الحجر المنزلي الذي فرضته ازمة فايروس كورونا ادى الى تزايد حالات الانتحار لتزايد الضغط النفسي والعوز والاحساس باليأس خاصة وان الحكومة لم تعمل على حل مشكلة توقف العديد من اصحاب الاعمال الحرة عن العمل بسبب الحظر ماانعكس سلبا على حياة الاسر العراقية ..

    من الجدير بالذكر ان مفوضية حقوق الانسان قد وثقت في العام الماضي 725 حالة ومحاولة انتحار في جميع المحافظات العراقية ، وتوزعت حالات ومحاولات الانتحار بين الذكور والاناث على التوالي : 346،379 ، كما مثلت الفئة العمرية (19-27) عاما النسبة الاكبر بين حالات ومحاولات الانتحار ، تلتها الفئة (33-40)، وقد تم توثيق هذه الارقام بالتعاون بين المفوضية ووزارة الداخلية ووزارة الصحة ومجلس القضاء ..ومع استمرار حالات الانتحار وتزايدها فهذا يعني استمرار الظروف المسببة للانتحار واهمها قلة فرص العمل وعدم وجود سكن وضعف منظومة حقوق الانسان ونقص الخدمات المقدمة للمواطنين من الحكومة – حسب بيان مفوضية حقوق الانسان العراقية – ..

    من جانبه ، يرى الخبير القانوني فيصل ريكان ان اساليب العنف في التربية والتاديب والعقاب الجسدي قد تؤدي الى نتائج معكوسة وتكون نتائجها مخالفة لما اريد لها ان تحقق من اهداف ، فاذا استخدمت ضد التلميذ فان الدراسات اثبتت ان العقاب الجسدي المستخدم ضد التلاميذ يؤدي الى تدني مستوياتهم الدراسية واذا استخدمت ضد الزوجات والبنات زاد العنف من تمردهن على الاب وقد يؤدي في حالات كثيرة الى الانتحار ، ويناشد ريكان الاسر العراقية بمراجعة اساليب التربية مع مطالبة الحكومة بتشريع قوانين تحمي حقوق الانسان وخصوصا المرأة والطفل ..

    ويؤكد طبيب من قسم الطواريء رفض ذكر اسمه ان المستشفى التي يعمل فيها استقبلت عدة محاولات انتحار خلال فترة الحجر المنزلي تنوعت اسبابها مابين العنف الاسري والبطالة والفقر مشيرا الى ضرورة معالجة هذه الظاهرة عبر تشريع قوانين تكفل حماية الاسرة من العنف وتضمن العيش الكريم للمواطن ./انتهى

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة