تقرير السلطة القضائية .. تعد دعاوى الطلاق الخلعي الأكثر انتشارا بين أنواع الطلاقات في محاكم الأحوال الشخصية، ويرجع متخصصون وخبراء إلى أن أسبابه غالبا ما تكون مادية، فالزوج يرفض طلاق زوجته خوفاً من أن تترتب عليه تبعات مادية ونفقات مختلفة أو تعويضات عن طلاق تعسفي، فتلجأ الزوجة إليه كورقة أخيرة للخلاص.
وقالت قاضية الأحوال الشخصية نور عدنان إن “الطلاق الخلعي هو أن تلجأ الزوجة الى الاتفاق مع زوجها فتبذل نصف او كل حقوقها الشرعية من النفقات الماضية والمستمرة ومن استحقاقها لمقدم الصداق ومؤخره في حالة عدم قبضه وما فرض لها القانون حسب الاتفاق مقابل إيقاع الطلاق، فالخلع هو تراض يفهم منه الاتفاق”.
واضافت عدنان “يتم هذا الطلاق بترديد الصيغة الشرعية من قبل الزوج والزوجة والتي تتضمن مقدار ما تبذله الزوجة، ويعتبر الخلع طلاقا بائنا بينونة صغرى أي لا يجوز للزوج فيه أن يراجع زوجته أثناء فترة العدة الا بعقد ومهر جديدين ، على عكس الطلاق الاعتيادي، وهو طلاق رجعي يجوز فيه للزوج أن يراجع زوجته أثناء فترة العدة سواء وافقت أو لم توافق”.
واوضحت عدنان أن “لا سلطة للمحكمة لإتمام الخلع الا بوجود اتفاق بين المتداعيين وموافقتهم على البذل بالحقوق المادية، أي الحقوق التي تتنازل عنها الزوجة لزوجها مقابل إيقاع الطلاق واذا لم يتوفر الاتفاق بين المتداعيين فأن المحكمة سوف ترد الدعوى، وفي حالة لم توافق الزوجة على البذل لا يتم الخلع ومن حق الزوج أن يوقع الطلاق وفي هذا الحال يكون طلاقا رجعيا”.
وتابعت انه “من الشروط الواجب توفرها لإقامة دعوى الخلع أن تكون للزوجة أهلية قانونية لتتمكن من البذل وبنص قرارات محكمة التمييز الاتحادية ففي حال كانت الزوجة قاصرا وعمرها أقل من (15 ) خمسة عشر عاماً لا يجوز لها البذل، فتنصب المحكمة وليها أو والدها وترى رأيه بالبذل ليتم الخلع”.
ولفتت إلى “عدم إمكانية الزوجة ان تتنازل عن حق الحضانة لان الحضانة ليست من حق الأم فقط بل هي من حق الأم والطفل معاً، فالمحكمة لا تلتفت لموضوع الحضانة حتى وأن ثبت في عريضة الدعوى حيث تنظر اليه كدعوى مستقلة لا علاقة لها بالطلاق الخلعي”.
من جانبه، قال القاضي سعد عيدان إن “قانون الأحوال الشخصية العراقي أهتم بالمواضيع التي تعنى بالأسرة مثل موضوع الطلاق الخلعي كأحد أنواع الطلاق الذي يقع بين أحد الطرفين المتداعيين”، مشيرا إلى “إمكانية أن يتم أمام أحد رجال الدين من الخبراء القضائيين بعد ترديد الصيغة الشرعية وتثبيت كل طرف ما عليه من الحقوق والالتزامات”.
واضاف عيدان أن “الخلع هو إزالة قيد النكاح بإيقاع الطلاق من الزوج أو الزوجة عن طريق القاضي المختص، فقد أتفق علماء وفقهاء المسلمين أن الخلع يقصد به التفريق القضائي أو إزالة قيد الزواج بين الطرفين المتداعيين، فالخلع وصيغة الطلاق إذا وقعت لا يمكن التلاعب بها سواء كانت خارج ام داخل المحكمة فإذا وقع خارج المحكمة يفترض أن تكون هناك دعوى قضائية لتصديق الواقعة والمحكمة تتعامل معها بشكل واقعي”.
وتابع أن “شروط الخلع يجب أن تكون متوفرة، فالعقد سواء حاصل أمام المحكمة أو خارجها هو واقع تأخذ به المحكمة مع الأخذ بنظر الاعتبار الاختلاف بين المذاهب فالمذهب الجعفري يشترط الشهادة فالطلاق لا يتم الا بشاهدين، أما المذهب الحنفي من الممكن باتفاق الطرفين وبجرد بلوغهما سن الرشد يؤخذ بالإقرار بمفردة وليس هناك حاجة إلى البينة الشخصية، وكذلك أن تكون الزوجة في حالة طهر وإذا كانت في حالة الدورة الشهرية عندها يحصل في المسألة خلاف بين الفقهاء فيما وقع هذا الطلاق او عدمه، وكذلك يجب ان يكون مقدار البذل واضحا، وان تكون الزوجة غير مثقلة بحمل وعلى هذا الأساس يتم احتساب الحقوق ما لها وما عليها واحتساب عدتها.”
ولفت الى أن “الخلع ممكن ان يحصل قبل الدخول، فالزوجة احياناً قبل الدخول لا يتوفر لها جزء من المقومات الشرعية الملائمة لإتمام العلاقة الزوجية وفق ما متفق عليه، فالشرع في ذلك فرض لها نصف المهر المقدم والمؤخر يجمع ويقسم على اثنين بالإضافة الى حقوقها من النفقات”.
وعن الآثار الناتجة عن الخلع ذكر أن لها “تأثيرا سلبيا على الأسرة والطفل، فالمحكمة دائماً تسعى الى البناء والحفاظ على تماسك الأسرة للوصول الى مجتمع مثالي يشترك به الأب والأم بالتربية والتنشئة، فالخلع ينتج عنه ابتعاد الأطفال عن الرعاية الابوية ما يؤثر سلباً على تربيتهم وتنشئتهم في مرحلة الطفولة ، وهناك بعض الاعتبارات النفسية الناتجة عن الخلع فمثلاً نظرة الناس الى الزوجة المطلقة قبل الدخول ولا تزال باكرا”