الدولة العراقية لم تعدْ معقدةً وغامضة، لقد اتضحتْ تماماً أسس بنائها وأسباب خرابها،والأطراف التي تريد لها أنْ تكون دولة ًمحترمة ًمحترفة ًتضبطُ اقتصادها ومصالح شعبها واستقلال قرارها وعلاقاتها الخارجية، وتحصّن نفسها من أي انهيار داخلي أو تدخل خارجي ، والأطراف التي لاتريد لها ذلك ، جَهلا أو تآمرا أو سوء تقدير لحركة التاريخ ولعبة السياسة التي تقوم عليها الدول جميعا. اليوم نرى اختلاف الشركاء صناع القرار ونزاعهم واللعب بكرة النار فيما بينهم، في أغرب حال في التاريخ !! الدولة بيدهم وهم يريدون افشالها!!! . حديث السيد الحلبوسي لحسام الحاج يصب في هذا الإطار، هل نسمعُه من رجل اتفق عليه الشيعة السياسيون،والسنّةالسياسيبون والاكراد السياسيون ورعاتهم، على أن يكون رئيس برلمان الشعب العراقي ، أم أننا نصمّ الآذان حين تكون الاسئلة صريحة وموجِعة ، قال الرجل : (اننا دفعنا في مناطقنا ثمن السلاح المنفلت ، ونخشى أنْ يكون السلاح المنفلت سبب ايذاء اهلنا في الجنوب ، متسائلا (كيف يمكن لجهة بيدها الدولة تسعى الى افشالها). موضوعيا كل من إعترض على ذلك فهو من دعاة السلاح المنفلت!! ، فالحديث في العموم كان عن ظاهرة وتجربة السلاح المنفلت خارج سلطة الدولة لدى جماعة أو عشيرة أو شخص، وهي شيء مذموم اليس كذلك؟ فلماذا يأخذ البعض على نفسه هذا اللقب الرفيع؟
الناس اليوم حائرة بين قعقعة التصريحات والتأويلات والتحليلات المضادة من مختلف الانفعالات ودوافعها، وهي تتأمّل في اسباب الحرب الساخنة، الحرب التي تشن على شخص انتخبتموه لرئاسة الوزراء ويمكن له أنْ يكون عنصر توازنٍ بينكم وبين الشارع المحتجِ على سياستكم . يمكن لنا كمراقبين أنْ نتقد بحرية أداء الحكومة أو أي شخص في الدولة ، لكن الذين بيدهم الحل والعقد كيف لهم أن يعملوا ضد دولة هم جزء منها بصورة أو باخرى ؟!!.إمّا أن يكون هذا جنوناً أو غباءً أو تآمراً،لارابع لهذه الثلاثية، بل ان اجتماعها معاً سيكون ناسفاً لاي انجاز وطني عام ، وشيعيا على وجه الخصوص.
حوار صريح وملاحظات مخلصة ، علينا تشجيعها،ومناقشتها. فوضع أهل الجنوب مزر ومخيف فعلاً ، وليس هنا لاناقش الاسباب فقد كتبنا فيها الكثير ومازلنا في سياق خدمة أهلنا في تتبعها لما هو خير لهم ، فبدل اظهار الشجاعة التي وردت في أجوبة السيد الحلبوسي السياسي العراقي الشاب، كان بامكانه السكوت والعمل في الظلام بدل مصارحة شعبه وشركائه ، فهو لاشك يسعى مع من ينتقدهم الى دولة ناجحة هو جزء منها كما هم شركاؤه . وعليه لابد من الإصغاء بايجابية لماقاله الحلبوسي، فهو ليس موجها للرأي العام فقط ، لأن الرأي العام يعرف جيداً ماذا يجري في العراق وليس بحاجة الى تحليل ، انه بالضبط حوار داخلي لابد ان تردده القيادات العراقية وخاصة الشيعية التي اتسعتخلافاتها فيما بينها وبينها وبين شعبها لتجعل من شركائها عربأ واكرادا ناصحين لهم، يحثونهم على عدم التفريط بمصالحهم ومصالح شعبهم، نعم الجميع يبحث عن حصانة لاهله وطيفه، في بلد لايأمن أحدٌ أحداً فيه ، وهناك مشاكل كَثُر الحديثُ فيها،تتعلق بمصالح للكرد أو مصالح للسنة، لكنها جميعا تصدر من طبقة منقسمة ضائعة ربما تملك الهوية لكنها مجردة من القوة وصواب الهدف وهم باطرافهم المختلفة يتبادلون التخوين،بين وطني وولائي أو سفاراتي وذيلي ،أو احتلالي وتحرري ، ولا اقول اكثر من ذلك في زمن انعدام العقل وغياب الحكمة، سوى أن علينا الافادة من حكمة أخرى نستفيد منها حتى وان كانت محرجةً وقاسية .