القرار الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية بوضع اسم الصديق فالح الفياض في قائمة الأشخاص المتهمين بالارهاب والمشمولين بالعقوبات الأمريكية يعتبر سابقة خطيرة ،و اعتداءّ سافراً على الدولة العراقية ، وجاء توقيته في أواخر أيام حكومة ترامب الراعية للارهاب، فدونالد هو ذاته أبرز محرّض على الشغب والتمرد ،حتى ضد الكونغرس الامريكي، مما أدى الى وقوع القتل و الفوضى في داخل امريكا و خارجها.
وليس دفاعاً عن الفياض؛ إنما لا بد من القول إن القرار المذكور لم يكن مدعّماً بأدلة قانونية، ولا مسنَداً بمستندات مقبولة قضائياً، ولا هو قرار منطقي، وليس له أساس من الصحة .
والغريب أنه جاء بعد الحكم الصادر عن قاضي محكمة الرصافة الشجاع بجلب القاتل الفاشل ترامب الى المحكمة في العراق عبر الانتربول لغرض تقديمه للمحاكمة و إنزال العقاب العادل به، بعد اعترافه العلني عبر شاشات التلفزة و تغريدات تويتر بأنه هو الذي أمر بقتل المواطن العراقي جمال جعفر آل إبراهيم و المواطن الايراني قاسم سليماني، وستة من رفاقهما في 3 كانون الثاني 2020 و كانوا خارجين للتوّ من مطار بغداد الدولي المدني بسيارتين مدنيتين، و بملابس مدنية، و كانوا في مهمة مدنية ،في دولة مستقلة ذات سيادة ، مما يستدعي جلب القاتل الغادر وتقديمه الى المحاكمة .
والعجيب حقاً ان أياً من الرؤساء الثلاثة [رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب] لم يصدر عنه أي رد فعل أو موقف مدافع ،عن شخص يجتمع معهم عدة مرات في الأسبوع، ،و اليوم انعقد اجتماع رسمي بينه وبين رئيس الجمهورية،و هو رئيس هيأة رسمية عسكرية تابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة، و هذه الهيأة لم تتدخل بتاتاً في احداث ساحة التحرير و المطعم التركي و المحافظات، و لوكانت قد تدخلت لأنهت كل شيء خلال يوم أو بعض يوم، بل كان الكثير من المؤمنين يعتبون على هذه الهيأة، ويعتبرون عدم تدخلها في احداث ساحة التحرير قد شجع البلطجية والشواذ والعصابات الخارجة عن القانون واللصوص واصحاب السوابق الجنائية وقُطّاع الطرق، على ممارسة القتل والتمثيل بالمواطنين، وإثارة القلاقل، و سلب الأمن ،وقطع الطرقات و سرقة المحلات، و تعطيل الجامعات، وغلق المدارس وحرمان الطلاب والطالبات من الدراسة، وضرب الاقتصاد الوطني، وممارسة الرذيلة و الاعمال المنافية للشرف و العفة في السرادق، و الخيم و المطعم، مع الفاسدات و الباغيات و الشواذ، طيلة 11 شهراً، مما ألحق اضراراً فادحة وخسائر كبيرة بالشعب العراقي، وحطّم الاقتصاد الوطني، وأضرّ بمصالح الناس، وعرقل دراسة أبنائهم ، وكل هذه الممارسات الفوضوية و اعمال الشغب والبلطجة تطلق عليها وزارة الخزانة الأميركية و أذناب سفارتها بأنها “احتجاج سلمي!! و تحقيق العدالة !!
و الملفت للنظر أن الفياض نفسه سبق و أن زار أمريكا العام الماضي، زيارة رسمية ،و لم تعتبره واشنطن مشجعاً للارهاب! فما عدا مما بدا؟؟!!
و هل عندما يرفض مسؤول عراقي الركوع والرضوخ للامريكان يغدو ارهابياً؟؟
وفي الحقيقة أنني لا تربطني به سوى علاقة صداقة قديمة؛ توقفت أو تباطأت عندما امتنعتُ عن التواصل معه، حينما تولى مناصب رسمية في بغداد، فلم أشأ التواصل معه ، لأنني توكلتُ على الله فقط، ولا أحتاج إلا إليه في الدنيا والآخرة، ولم أطمع بأي منصب أو مغنم منه ولا من غيره كبار المسؤولين والزعماء في بغداد و المحافظات، الذين كانوا زملاء أو أصدقاء لي ،ومع ذلك وجدتُ من اللازم و الضروري أن أسجّل هذه الملاحظات،لله وفي الله.
ولا شك ان قرار وزارة الخزانة الأمريكية ضد الفياض يكشف التدخلات السافرة في شؤون العراق_ خلافاً لميثاق الأمم المتحدة _ ويعد اعتداءً ظالماً على شخصية وطنية ،بل على كرامة الدولة العراقية ،و هذا القرار سيخدم الفياض انتخابياً .
وصدق الله اذ قال جل ثناؤه:
*{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}*
[ البقرة/ 120]
☆باحث و دبلوماسي سابق.