أسرار “خطيرة” عن تعاطي المخدرات في العراق

    باتت ظاهرة تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة تنتشر بشكل ملحوظ في عموم البلاد، ويعد “الكريستال” الأخطر بين تلك المواد، إذ يزداد فيه الدوبامين (موصل عصبي للسعادة) 1200%، والأكثر انتشارا في الوقت نفسه لرخص ثمنه، في وقت تشن الأجهزة الأمنية المختصة في وزارة الداخلية العراقية عمليات مستمرة لمحاربة هذه الظاهرة، أسفرت عن إلقاء القبض على أكثر من 16 ألف متهم بتجارة وترويج وتعاطي المخدرات خلال العام الماضي.

    وتصنف المخدرات بداية على ثلاثة أصناف، (الطبيعية والمؤثرات والإدمان)، بحسب مختصين، “أما (الطبيعية) فهي مثل الخشخاش والحشيشة والقنب، و(المؤثرات) تنصف إلى مهدئات ومنشطات ومهلوسات، أما المهدئات فإنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الهيروين والأفيون والحشيشة، والمنشطات إلى الكريستال والقات والكوكايين”.

    أما المهلوسات (LSD) فقد أوضح مختصون تحدثوا لوكالة شفق نيوز، أن “(LSD) هو اختصار للاسم الكيميائي للمادة ثنائي إيثيل أميد حمض الستريك، وهي مادة صلبة عديمة اللون والرائحة والطعم، مركبة من المهلوسات القوية والمؤثرات على العضل، وتوجد في الغالب على شكل أقراص أو طوابع، مثل الكبتاجون، وحبوب (الوردي) و(السمائي)”.

    اختلاف المفعول باعراض خطيرة

    يختلف مفعول وعلاج كل واحدة من تلك المواد المخدرة عن الأخرى، لكن “الكريستال هو أخطرها، حيث إن إدمانه آني، وتصل مادته السامة إلى الدماغ بسرعة، وبجرعات قليلة منه يتحول المتعاطي إلى مدمن، ويسبب له اضطرابات نفسية، وحالات انتحار، وسلوكيات عدوانية، وتدمير للجانب العصبي والدماغ والقلب، وارتفاع في ضغط الدم، وتأثيرات صحية كثيرة”، بحسب المستشار الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة، د.عماد عبد الرزاق.

    وعن المواد المخدرة الأخرى، يوضح عبد الرزاق خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن هناك “حبوب صفر 1، والكبتاجون، ومواد كيميائية أخرى تؤخذ عن طريق الفم، وهناك مؤثرات عقلية مثل ليريكا، أما الأقل استخداما فهي الحشيش والهيروين”.

    أسباب التعاطي

    يقول الأخصائي في الطب النفسي، الدكتور مهدي بلاسم، “من الناحية البايولوجية في الإدمان، ثمة موصلات عصبية كثيرة في الدماغ، ولكن الأشهر في حالات الإدمان تكاد محصورة في أربع مناطق، هي (الإندورفين، والدوبامين، والأدرينالين، وقشرة الدماغ)”.

    ويبين بلاسم لوكالة شفق نيوز، أن “الصدمات في الطفولة المبكرة تترك آثارا، ويستطيع الشخص عندما يكبر أن يستحضرها خلافا للأحداث العادية التي تُنسى، حيث هناك نوعين من الذاكرة، (الصريحة) وهي التي يتذكر بها الأحداث العادية، وهذه لا تمتد إلى الطفولة المبكرة، و(الضمنية) التي يستطيع من خلالها تذكر الأحداث الصادمة التي جرت منذ الأسابيع الأولى من حياته”.

    ويتابع الأخصائي في الطب النفسي، “وهذه الذاكرة الضمنية اذا ما نُشّطت في مرحلة المراهقة أو الشباب وتذكرت الآلام وكانت الموصلات العصبية خاملة، حينها قد يلجأ الشخص إلى التعاطي لإيقافها من خلال تنشيط موصلات الدماغ العصبية، مثل (الإندورفين) وهو موصل عصبي للبهجة، و(الأدرينالين) موصل عصبي للنشاط، و(الدوبامين) للفضول والبهجة والسعادة والحب”.

    ويضيف بلاسم، “على سبيل المثال، يزداد الدوبامين في الأمور العاطفية 100%، ويزداد في الكوكايين – وهو منشط عصبي – 300%، ما في الكريستال فإنه يزداد 1200%، ولهذا فإن هذه المادة الإدمانية خطرة جدا وسريعة الإدمان، حيث سرعان ما يتعود عليها الشخص منذ التعاطي الأول، ونتيجة لرخصها وشيوعها انتشر هذا المخدر بشكل فضيع”.

    ويشير الأخصائي في الطب النفسي، إلى أن “العلاج يختلف بين مادة إدمانية وأخرى، حيث هناك مواد أكثر خطورة عن غيرها، وأن الكريستال الشائع حاليا مادة شديدة الإدمان، وهي مخربة تماما للكبد والدماغ والقلب، وربما تُسبب الجنون بعد طول التعاطي”.

    محاربة المخدرات

    يؤكد مدير العلاقات والإعلام، بمديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، العقيد بلال صبحي، “إلقاء القبض على أكثر من 16800 متهم بتجارة وترويج وتعاطي المواد المخدرة خلال العام الماضي”، مبينا أن “أغلب هؤلاء المتهمون هم من فئة الشباب، وتتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 35 سنة، كما هناك 500 حدثا، وأكثر من 250 امرأة”.

    ويوضح صبحي لوكالة شفق نيوز، أن “المتعاطين تُقدّر نسبتهم من 45% إلى 50%، والتجار والناقلين والمروجين من 50% إلى 55%”، لافتا إلى أن “المواطنين كان لهم دورا كبيرا في عمليات القبض على هؤلاء، من خلال الاتصال بالخط الساخن للمديرية العامة لمكافحة المخدرات 178 المجاني وللمحافظات كافة، من أجل التبليغ عن هذه العصابات الإجرامية”.

    فرصة للمتعاطين

    يقول العقيد صبحي، إن “القانون أعطى فرصة للمتعاطين من خلال المادة 40 من قانون المخدرات، والتي نصت على أن لا تقام أي دعوى جزائية على كل شخص تعاطى المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وذهب من تلقاء نفسه للعلاج في المستشفيات المختصة، وتُسخّر لهؤلاء أيضا إمكانيات وزارتي الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية لإعادة تأهيلهم، على خلاف الذين يُلقى القبض عليهم، فهؤلاء يحاكمون وفق المادة 32 من قانون المخدرات”.

    فصل التاجر عن المتعاطي

    ويشير صبحي إلى أن “وزير الداخلية وجه بانشاء معسكرات في كل محافظات العراق بالتعاون مع وزارة الدفاع لفصل التاجر عن الناقل والمتعاطي، حيث الآن ولقلّة المواقف يُجمع هؤلاء جميعا في مكان واحد، لذلك سوف تنشأ لهم معسكرات خاصة بعيدا عن التجار، فضلا عن توفير الكوادر البشرية والمواد العلاجية لعلاجهم”.

    قانون واحد على الجميع 

    ويقول الخبير القانوني، أحمد العبادي، إن “المتعاطين عقوبتهم واحدة في القانون، حيث نصت المادة 32 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين ولا تزيد عن عشرة ملايين، على كل من استورد، أو أنتج، أو صنع، أو حاز، أو اشترى مواد مخدرة، أو مؤثرات عقلية، أو سلائف كيميائية، أو زرع نباتا من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة، أو مؤثرات عقلية، أو اشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي)، فهذه العبارة مطلقة ولم تفرق بين مادة أو أخرى، بل الجميع بالعقوبة نفسها”.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة