أطلقت وزارة الاتصالات العراقية مؤخرا خدمة الإنترنت المدعوم، في الوقت الذي يشير فيه مراقبون إلى أن الإنترنت بالبلاد يعاني بصورة عامة من مشكلات عدة، أبرزها التكلفة المرتفعة وضعف الجودة.
وتهدف الخطوة الحكومية إلى توفير الإنترنت للعوائل الأشد فقرا مع تحسين جودة الخدمة وانتشارها، الأمر الذي أثار جدلا بين المتخصصين فيما إذا كان التحرك الحكومي الأخير فعالا أم لا.
وأعلنت وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري خلال مؤتمر صحفي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي عن إطلاق خدمة الإنترنت المدعوم، مبينة أن الخدمة ستقدم 10 غيغابايتات مجانية لكل عائلة، وذلك بغية دعم العوائل المتعففة، فيما ستوفر الوزارة خدمة بسعة 100 غيغابايت قابلة للتجديد وبسرعة غير محددة لقاء مبلغ اشتراك لا يتجاوز 15 ألف دينار (10 دولارات).
تفاصيل الخدمة
وأوضحت الياسري أن الخدمة تهدف لمعالجة خدمة الإنترنت الرديئة في البلاد مع خفض التكاليف، وذلك من خلال الحد من إمكانية دمج اشتراك عدة منازل في اشتراك واحد، حيث ستوفر الخدمة الجديدة إمكانية قياس سرعة الإنترنت من خلال تطبيق خاص ستوفره الوزارة لقياس السعة والسرعة وتجديد الاشتراك في حال نفاده.
وكانت الخدمة قد دخلت حيز التنفيذ مطلع فبراير/شباط الجاري بعد أن أعلنت وزارة الاتصالات الأسبوع الماضي عن استكمال التجهيزات والمتطلبات الفنية اللازمة لإطلاق خدمة الإنترنت المدعوم.
وأوضحت الوزارة أنه ووفق الإحصائيات فإن نحو 75% من العوائل العراقية تستهلك نحو 300 غيغابايت شهريا وبسرعات متباينة، في حين ستحصل العائلة الواحدة ضمن الاشتراك المدعوم على 300 غيغابايت بسرعة عالية مقابل 45 ألف دينار عراقي (30 دولارا).
توضيح رسمي
وعن الجدوى من إطلاق الخدمة المدعومة في ظل تأكيد وزارة الاتصالات وجود قرابة 100 شركة غير مرخصة، أوضحت الياسري أن “الاشتراك المدعوم سيسهم في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، إذ ستصبح الخدمة بمواصفات قابلة للقياس وبسرعة عالية وسعة كبيرة”.
وعن عدم التقاطع بين الخدمة الحالية وخدمة الاشتراك المدعوم، أوضحت الياسري للجزيرة نت أن للمشترك حرية الاختيار بين الخدمتين، مؤكدة أن الخدمة الجديدة التي طرحتها الوزارة تحظى بالعديد من الميزات، لافتة إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحق الشركات الخاصة غير المرخصة المتجاوزة على خدمة الإنترنت مع منعها من العمل في قطاع الاتصالات.
بدوره، أوضح عضو لجنة النقل والاتصالات النيابية هيثم الفهد أن خفض أسعار خدمة الإنترنت سيكون عاملا مساعدا في تحسين الخدمة بشرط أن تكون الأسعار مناسبة ومنافسة للأسعار الخارجية، معلقا “بسبب ارتفاع أسعار حزم الإنترنت لمستوى قياسي بدأت حزم الإنترنت المهربة تدخل من خارج البلاد”، مؤكدا أن خدمة الإنترنت في العراق تعد ضعيفة قياسا بالأسعار التي تدفع مقابلها.
وأضاف الفهد في تصريحات للجزيرة نت أن من خيارات تحسين الخدمة إنشاء شركات وطنية تنافس الشركات الحالية لتقديم خدمة أفضل، مبينا أن لجنة النقل والاتصالات في البرلمان تعمل على تشريعات وقرارات ستسهم في توفير خدمة جيدة وتراقب مجهزي الخدمة في عملهم، حسب تعبيره.
رأي مخالف
وأثار إطلاق وزارة الاتصالات خدمة الإنترنت المدعوم جدلا بين المتخصصين، إذ وصف ثامر الكروي المتخصص في المجال التقني -وهو أحد وكلاء تجهيز الخدمة المحليين- ما طرحته وزارة الاتصالات بـ”الحل الترقيعي”.
ولا يقف الكروي عند هذا الحد، إذ يؤكد أن خدمة الإنترنت المدعوم لن تغير واقع الخدمة الحالية، وأرجع ذلك إلى أن مصدر الإنترنت لا يزال هو ذاته، حيث سيزود المشترك بالإنترنت من خلال الطرق التقليدية ذاتها، أي من خلال الوكلاء وأصحاب الأبراج التي توزع الإنترنت.
وتابع “حل وزارة الاتصالات ترقيعي، لا يمكن تحسين الخدمة وتخفيض التكاليف من خلال ذلك، والسبب أن الخدمة ستكون بسعة 100 غيغابايت، وبالتالي فإن هذه السعة لن تغطي أكثر من 7 أيام على مستوى الاستخدام المنزلي، مما يستدعي تجديد الاشتراك 3 مرات على أقل تقدير خلال الشهر الواحد، وبذلك ستكون التكلفة أعلى من الاشتراك الشهري المفتوح”.
ويشير الكروي إلى العديد من النقاط، من بينها أن سوء خدمة الإنترنت في الأساس لا يقترن بنوع الاشتراك، بل بسعر الحزم المجهزة من الوزارة إلى الشركات، حيث يتم بيعها بأسعار مرتفعة جدا، مؤكدا أنها لا تقارن بالأسعار الخارجية، وهو ما يدفع مجهزي الخدمة إلى خفض السعات الواصلة إلى المشتركين أو اللجوء إلى آلية دمج الاشتراكات المنزلية لتوفير التكلفة.
وختم حديثه بانتقاد آلية إيصال خدمة الإنترنت إلى المواطنين، والمتمثلة بتوفير الوكلاء الخاصين للخدمة وتجهيزها للمواطنين عبر الأبراج، مبينا أنه لا بد من الابتعاد عن هذه الطريقة وإلغاء جميع الوكلاء، مقترحا أن يتعامل المشترك بشكل مباشر مع الشركة المجهزة للإنترنت، بحسبه.