نشرت صحيفة “الواشنطن بوست”، تقريرا مفصلاً حول أسباب ازمة الدولار في العراق، وكيف تتصرف أمريكا مع عملتها الوطنية، ومن المستفيد الأكبر من عمليات تهريب الدولار.

    وذكرت الصحيفة في تقرير : “لأكثر من عقد من الزمن، أساء السياسيون العراقيون استخدام وصولهم السهل إلى الدولار الأمريكي للسرقة من شعبهم على نطاق تاريخي. والأكثر خطورة من ذلك، تواطأت الحكومات العراقية المتعاقبة مع الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، الحرس الثوري الإيراني، للالتفاف على العقوبات الأمريكية وتحويل المليارات لتمويل برنامج إيران النووي والإرهاب والعدوان الإقليمي. وإلى أن يقوم العراق بقمع هذه الأنشطة، يجب على واشنطن أن ترفض أي تواطؤ آخر فيما قد يكون أكبر مخطط لغسيل الأموال في العالم – وهو مخطط يعرض النظام المالي الأمريكي وحياة الأمريكيين للخطر”

    وأضافت واشنطن بوست، أن “أزمة الدينار بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد أن فرضت الولايات المتحدة مزيدا من العناية الواجبة على المعاملات الخارجية التي تخدمها البنوك العراقية. منذ ذلك الحين، تم رفض ما يصل إلى 80٪ من المعاملات التي راجعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسبب مخاوف من التحويل إلى إيران، مما أدى إلى تقييد وصول العراق إلى الدولار بشكل كبير، مما أدى إلى انخفاض ثابت في قيمة الدينار. في قلب عملية الاحتيال هناك آلية يديرها البنك المركزي العراقي تعرف باسم (مزاد الدولار). المزاد هو عملية بدأتها الولايات المتحدة في عام 2004 للسماح للمصارف العراقية بالوصول إلى الدولار بأسعار مفضلة لتمويل الواردات التي تشتد الحاجة إليها”.

    وأشار التقرير الى أن “الدولارات تأتي من حساب عراقي في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يتم من خلاله توجيه عائدات النفط الكبيرة للعراق، لكن لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يقوم السياسيون العراقيون وإيران والجهات الفاعلة السيئة الأخرى بإفساد العملية باستخدام سيطرتهم على البنوك العراقية وسلطات الحدود، وشبكة من الشركات الواجهة، والوثائق المزورة، سرعان ما جعلوا المعاملات الضخمة بالدولار المزيف هي القاعدة، حيث تم تضخيم تكاليف الاستيراد بشكل شنيع. في كثير من الأحيان، كانت المعاملات تتم على الورق فقط – لم تصل أي بضائع إلى العراق، في حين تم تحويل ملايين الدولارات إلى حسابات أجنبية غامضة”.

    وتابعت الصحيفة: “للأسف، لطالما عرفت حكومة الولايات المتحدة بهذه الانتهاكات. منذ عام 2012، أشار مفتش عام خاص في البنتاغون إلى أن ما يصل إلى 80٪ من مبيعات المزاد بالدولار مرتبطة بصفقات غير قانونية يتم تحويلها إلى الخارج. في عام 2015، قيدت واشنطن مؤقتًا تدفق الدولارات لوقف عمليات التحويل، لكنها تراجعت عندما احتجت بغداد ووافقت على إصلاحات تجميلية، وفي عام 2020، كتب المراسل روبرت ورث الحساب النهائي لكيفية استمرار الدولة العراقية في العمل كمصدر قلق عملاق لغسيل الأموال، مع وجود مزاد الدولار في جوهره”.

    وذكر التقرير: “بسبب قلقهم المستمر بشأن استقرار العراق، نظر المسؤولون الأمريكيون بشكل عام إلى الاتجاه الآخر بدلاً من المخاطرة بإلقاء العراق في أزمة من خلال الحد من الوصول إلى احتياطاته الهائلة من الدولار. لكن الثمن كان مرتفعا. العراق اليوم من أكثر دول العالم فسادا وشعبه فقير. كما تدفقت عشرات المليارات من الدولارات على إيران، ممولةً السلوكيات الخبيثة لواحد من أخطر خصوم أمريكا”.

    ولفتت الصحيفة الى، أنه “من المستحيل معرفة المدى الكامل للضرر، لكن الأرقام الأولية مذهلة. على مدى العقد الماضي، يبدو أن مبيعات المزاد بالدولار قد بلغ متوسطها حوالي 200 مليون دولار في اليوم، أو 1 مليار دولار في الأسبوع. تتفق الأدلة من البنتاغون في عام 2012 والاحتياطي الفيدرالي اليوم على أن الغالبية العظمى منها قد تم تحويلها باستمرار لأغراض غير مشروعة، مع وجود الحرس الثوري الإيراني المستفيد الرئيسي. في كشف Worth’s 2020، أشارت تقديرات الخبراء إلى أن إجمالي الأموال المتروكة في الخارج قد يصل إلى 300 مليار دولار. وبغض النظر عن المبلغ المحدد، فمن المحتمل أن يكون الشعب العراقي قد سُرق من ثروته الوطنية أكثر من أي بلد في التاريخ”.

    وبينت الواشنطن: “مع اضطرار إيران للتحول إلى قوة نووية وقتل طائراتها بدون طيار القاتلة الأبرياء في أوكرانيا، ذهبت إدارة بايدن – يُحسب لها – إلى أبعد من سابقاتها في المطالبة أخيرًا بإنهاء نزيف الدولار العراقي لإيران. والسؤال الآن هو ما إذا كان بإمكانها الحفاظ على هذا الموقف في مواجهة صرخات بغداد من أجل الراحة”. حسب تقرير الصحيفة.

    واستدركت الصحيفة بالقول: “نقطة واحدة تستحق التركيز عليها: محافظ البنك المركزي العراقي الجديد، علي العلاق، سينضم إلى وفد هذا الأسبوع الذي يزور واشنطن. العلاق ليس غريباً على الوظيفة، فقد شغلها من 2014 إلى 2020 في أسوأ أيام سوء استخدام المزاد. كان العلاق هو الذي أقنع المسؤولين الأمريكيين في عام 2015 بعكس المسار واستئناف التدفق الهائل للدولارات من خلال الوعد بإصلاحات لم يكن لها أي تأثير على تحويل الأموال إلى الحرس الثوري الإيراني. عاد العلاق إلى الوظيفة الشهر الماضي على أمل تقديم عرض جديد. إنه يعد مرة أخرى ببذل جهود أكثر صرامة لمكافحة غسيل الأموال إذا أعاد بنك الاحتياطي الفيدرالي صنبور الدولارات غير المقيدة مرة أخرى”.

    وأتم التقرير الأمريكي: “كما يقول المثل، خدعني مرة، عار عليك؛ تخدعني مرتين، عار علي. هذه المرة عندما يأتي العلاق للاتصال، يجب على واشنطن أن تبقى على الخط حتى تعرف على وجه اليقين أن شريان الحياة العراقي للحرس الثوري الإيراني قد تم قطعه إلى الأبد”.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة